اليوم العالمي لذوي الهمم.. 7 علماء مسلمين تحدوا الإعاقة (إنفوجراف)
- الثلاثاء 03 ديسمبر 2024
محمد صفاء عامر
لم يكن المؤلف والسيناريست المبدع محمد صفاء عامر مبالغاً في الصورة التي رسمها لتقاليد المجتمع الذي ينتمي إليه في رائعته "ذئاب الجبل" فقد أخبرني أحد أصدقائي من "هوارة محافظة قنا" والذي كان لحسن حظي يشبه إلى حد كبير الشخصية الدرامية الشيخ "بدار" كبير هوارة في علمه وتقواه أخبرني أنه بالفعل هناك بنات عمرهن أكثر من ثمانين عاما- لم يتزوجن- والذي عاتبني على تسرعي حين تقدمت لإحدى الفتيات قائلا: "وأنا اللي كنت باجهز لك البنت"، ورغم الصداقة المتينة التي بيني وبينه والتي بدأت من المسجد، حيث كنت مغترباً في بداية حياتي العملية كمعلم بمدينة الألومنيوم بقنا في بداية التسعينيات، وهو رجل أربعيني أخذ قسطا من العلم الأزهري فجمع بين فضائل الريف والمدينة لم أصدق تماما أنه يمكن للعلم والدين أن ينتصران على العصبية، خاصة أنه في نفس الوقت كانت لي زميلة من الهوارة تزوجت من مهندس لا يعيبه شيء سوى أنه من خارج عائلتها تلك العائلة التي يبدو أنها على شاكلة "العربي أبوهريدي" فكانوا يطلقون على أولادها لقب "أولاد الغريب".
هل كان محمد صفاء عامر الذي ينتمي لهوارة
البلابيش عسكر هوارة يراهن على حركة التاريخ وثورة الصناعة التي غيرت من ديموغرافية
الصعيد في الستينيات من القرن الماضي فخلقت في قلبه المدنية؟! المدنية التي راحت
تزحف إليه من العاصمتين القاهرة والإسكندرية، وراحت تفرض ما كان يسعى إليه الشيخ "بدار"
الذي يشبه صديقي المتواضع وراحت تضغط على شباب الهوارة ليتخلى عن كثير من سلبيات الماضي، فقد حكى لي أحد الشباب الذي نزح من الشمال ليعمل في مصنع الألومنيوم أنهم
كانوا يتبادلون الدور في إحضار طعام الغداء من مطبخ المصنع ولما جاء الدو على
الهواري الشاب والذي يبدو أنه من عينة "علوان أبو البكري" رفض قائلا: "أنا الهواري ...ابن...أروح أجيب لكم الغدا، فما كان منهم إلا أنهم لم يعملوا
حسابه في الطعام".
لا أعتقد أن صفاء كان يراهن على ذلك فقط وإنما كان يراهن على الحب حتى إن بدا غير ذلك عندما كتب رائعته أيضاً "الفرار من الحب" ففي كل مرة كان يكتب فيها ينتهى به هذا "الضوء الشارد" إلى الحقيقة الكامنة في قلب القلب.