باحث بملف الإلحاد: الفرائض في الإسلام أبرز الأدلة على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
- الجمعة 22 نوفمبر 2024
الإلحاد
حين فرقنا بين النماذج الفكرية الحقيقية في التفسير والتأويل ومراجعة الموروث والنماذج التي تحمل (فكراً دينياً) وتدعي القيام بالإصلاح الديني، الذي وحده كمصطلح يحتاج إلى تفسير! فإننا ربطنا النموذجين بشيوع الظاهرة الجديدة للعديد من هؤلاء «الملحدين واللادينيين» وتلامذتهم وأتباعهم المتطوعين بحماس لنقل آرائهم، وما يُسطره هؤلاء من كتب وصناعة برامج فضائية وإدارة لمواقع مختلفة، للتأثير في العقول الطرية للشباب، ولم يكن الهدف من ذلك إلا كما قلنا رصد الأمر كظاهرة اجتماعية-دينية جديدة، وضحنا في مقالات سابقة بعض ملابساتها، مثلما نرصد بعقلنا المستقل ظواهر كثيرة أخرى وتحليلات مختلفة حول ما يدور في المجتمع والعالم، وليس في ذلك فرض لرؤية على الآخرين، وإنما إسهام في رصد المتغيرات والتحولات سلباً وإيجاباً، والحكم يبقى متروكاً لقارئ صلتي به وببعضه ممتدة إلى عقود طويلة!
{ «النص القرآني» هو نص باقٍ منذ أكثر من 14 قرناً وسيبقى حتى قيام الساعة، ولا يخضع للمتغيرات الدنيوية أو الأهواء الخاصة، وإلا لما كان صالحا لكل زمان ومكان، وتاريخية أو مناسبات نزول السور والآيات لا تنفي عنه أنه كلام الله الذي أراده للبشرية في كل الأزمان، وهذا تحديداً ما يحاول (الملحد الديني) أن يكيّفه بحسب أهوائه ويغيّر فيه! باعتبار أن القرآن نفسه يجب التغيير فيه ليناسب التفسير! وجاءت حول ذلك رؤى بعناوين براقة لدى بعض هؤلاء كـ(الإسلام الليبرالي)! و(الإسلام العصري) وجمع الأديان في دين واحد، و(الإسلام العولمي) والتأويل الجديد للقرآن؛ لأننا بحجة هؤلاء في القرن الواحد والعشرين، وكل شيء متاح ومباح للتغيير حتى كلام الله وتفسيره وتأويله بما تشتهي تلك الأنفس! والمقصود هنا «القرآن» نفسه (وليس غربلة الموروث الديني أو الفكري أو التاريخي) المرتبط به وحيث عادة يتعمّد هؤلاء (الملحدون الدينيون الجدد) الخلط بينها وبين القرآن!
{ إن الادعاء من جانب بعض الباحثين والمهتمين بالشأن الديني كما يقولون يستوجب أولاً (المصداقية في حسن النوايا والمصداقية الفكرية والعلمية في البحث في الشأن الديني)، والتعمق في التخصصات الدينية وعدم الخلط بين الموروث الديني والدين بقرآنه وسنته الصحيحة! وإعمال العقل أمر مطلوب في كل الموروثات الدينية والاعتقادية الوضعية أيضاً، لفهم مصادرها وأصولها وغربلتها، وبما لا يتنافى مع «المقدس القرآني» أو حمله على غير محامله، أو وضعه في غير مكانه بحجة حرية الرأي، وتطورات القيم في العصر الراهن والبحث والتنقيب والتمحيص موجود منذ ظهور الأديان السماوية والمعتقدات الوضعية، مع توضيح أن رسالة الله إلى البشرية هي رسالة واحدة منذ آدم الذي علمه الله الأسماء كلها أي المعارف كلها، ومنذ حمل الرسل والأنبياء جميعا تلك الرسالة الإلهية، ولم يتم قط الحظر على (الدراسات الرصينة) في غربلة الموروث، وإنما تم الردّ على البحوث التي لا صلة لها بالبحث العلمي في غربلة ذلك الموروث، الذي هو في النهاية ومن المعروف أنه قائم إما على اجتهادات بشرية تصيب وتخطئ، وإما على نقل غير أمين للأحداث وللفكر الديني، ومغالطات في التفسير والتأويل!
{ القرآن والحديث النبوي الصحيح لا صلة لهما بالموروث التاريخي إن كان مغلوطاً، أو بالروايات الموضوعة، فالاجتهادات البشرية تحتمل التغيير والاضافات، وليست بالطبع مقدسة، فالمقدس الوحيد لدى المسلمين هو «القرآن» و«الحديث النبوي الصحيح» الذي عمل علماء الدين بغربلة الأحاديث النبوية، لإظهار ما هو ضعيف فيها وما هو بغير سند موثوق، وما هو موضوع، حتى صنفت الغربلة على عدة آلاف فقط من الأحاديث الموثقة! وللغرابة فإن (الملحدين الدينيين) عادة يخلطون الحابل بالنابل، والصحيح من الأحاديث بالضعيفة وغير الموثقة، مثلما يخلطون القرآن بالموروث وكأنهم يريدون القول، أو هم يقولون ذلك، إن القرآن هو موروث موضوع أيضا!
{ ما يسميه هؤلاء بالإشكالات الدينية والاشكالات التاريخية عليهم بتوضيح أسانيدهم فيها وإثبات فقط تلك الأسانيد، بعدها لا مشكلة! و«عقلنة الموروث» بحسب الادعاء لا تتيح لهم بشكل مموّه أن يدعوا (عقلنة القرآن)، لأن كلام الله يتجاوز عقولهم وأي عقل بشري، وليس في قدرة أحد الادعاء أن عقله يتجاوز حكمة مَن خلقه! أما البحث في الموروث فهو متاح منذ عصور خلت، ولا جديد كبير في ذلك، ليحتمل أصحابه اليوم عبء ابتكار العجلة فيها! فالآراء الأكاديمية وغيرها مطروحة من القِدم، وكل إنسان يتحمّل أعباء عقله! والآية التي تحمل (لا إكراه في الدين) هي آية مقيّدة بما بعدها، من عقاب إلهي، وفي ذات الوقت لا تعني أن من اختار «الالحاد أو اللادينية» لديه الحرية المطلقة في أن يشوّه دين الله ويروّج لدينه الجديد الذي هو اللادينية أو الإلحاد بأساليب ملتوية!
ولأننا في عصر التقدم والاطلاع والمعرفة والانفتاح الإعلامي فحكمة الله شاءت أن يترك بعض المسلمين دينهم، للدخول في دين العلمانية المادية والليبرالية بادعاء التطور! وأن تدخل ملايين من شعوب الدول العلمانية الإسلام! ألا يدعو ذلك إلى تأمل هؤلاء المنشغلين بتشويه دينهم بحجة إصلاحه؛ أي لماذا يترك علمانيون وعلماء غربيون ومثقفون وقساوسة وحاخامات معتقداتهم ليجدوا في الإسلام غايتهم المنشودة؟! ولا غالب إلا الله.