رئيس مجلس الإدارة

أ.د حسـام عقـل

ملتقى الفكر الإسلامي.. الحياء رأس الأخلاق وسمة أهل المروءة والشرف

  • أحمد حماد
  • الإثنين 03 مايو 2021, 5:49 مساءً
  • 972
ملتقى الفكر الإسلامي

ملتقى الفكر الإسلامي

أكد المشاركو ن في ملتقى الفكر الإسلامي، أن الحياء من شيم الكرم،  وهو سمة أهل المروءة والشرف وعنوان للفضل والعقل، كما أنه مفتاح لكل خير، وأن من رزق الحياء رزق الفضائل ورزق الخلق الحميد الحياء مفتاح لكل الطاعات.

وفي كلمته أكد الشيخ جابر طايع أن الحياء خلق من أخلاق الكرام ، وسمة من سمات أهل المروءة والشرف، وعنوان الفضل والعقل،  من حُرِمه حُرم الخير كله، ومن تحلى به ظفر بالعزة والكرامة ونال الخير أجمع =، موضحًا أقوال العلماء في تعريف الحياء، فقال الزمخشري: هو تغيّر وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يعاب به ويذم، وقال الراغب:  إن الحياء انقباض النفس من القبيح، وقيل: هو خلق يبعث على فعل الحسن وترك القبيح، مبينًا أن الحياء خصلة من خصال الإيمان، وخلق من أخلاق الإسلام، من اتصف به حسُن إسلامه، وعلت أخلاقه، ومن اتصف به هجر المعصية خجلًا من ربه، وأقبل على طاعته بوازع الحب والتعظيم، إنها خصلة تبعدك عن فضائح السيئات وقبيح المنكرات، إنها من شعب الإيمان، إنها تكسوك وقارًا واحترامًا، إنها خصلة هي دليل على كرم السجية وطيب النفس، بل هي صفة من صفات الأنبياء والصالحين والصالحات، إنها صفة جميلة في الرجال، وفي النساء أجمل، كسبها يجعل القبيح جميلًا، وفقدها يجعل الجميل قبيحًا.

 وأشار إلى أن الحياء هو رأس الأخلاق، ودليل على بقية الأخلاق، مَن تحلى به استطاع أن يتحلى بباقي الأخلاق الفاضلة ويتخلى عن كل خلق قبيح، ومَن حرم الحياء عجز عن التحلي ببقية الأخلاق الفاضلة وانغمس في كل خلق مذموم، يقول ( صلى الله عليه  وسلم): "إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا وَخُلُقُ الإِسْلاَمِ الْحَيَاءُ"، والله حيي يحب الحياء، يقول النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي إِذَا رَفَعَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ"، مؤكدًا على أن الحياء خلق نبوي كريم، فلقد كان النبي المثل الأعلى في الحياء، حيث "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ العَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا، فَإِذَا رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ"، مختتمًا حديثه أن الحياء شعبة من شعب الإيمان، يقول النبي (صلى  الله عليه وسلم):"الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ"، ومَرَّ النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) عَلَى رَجُلٍ، وَهُوَ يُعَاتِبُ أَخَاهُ فِي الحَيَاءِ، يَقُولُ: إِنَّكَ لَتَسْتَحْيِي، حَتَّى كَأَنَّهُ يَقُولُ: قَدْ أَضَرَّ بِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "دَعْهُ، فَإِنَّ الحَيَاءَ مِنَ الإِيمَانِ"، فالحياء مفتاح لكل خير،وَكَفَى بِالْحَيَاءِ خَيْرًا أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخَيْرِ دَلِيلًا، وَكَفَى بِالْوقاحَةِ وَالْبَذَاءِ شَرًّا أَنْ يَكُونَا إلَى الشَّرِّ سَبِيلًا.

وفي كلمته أكد الشيخ يسري عزام أن الحياء رزق، فإذا العبد رُزق الحياء، رُزق الفضائل، ورُزق الخلق الحميد، وهو مفتاح دار السعادة، وهو من أعظم الأخلاق وأكرمها لأنه مصدر الفضائل، كما أن الحياء كله خير ولا يأتي إلا بخير، يقول النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "الحَيَاءُ لاَ يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ"، ومن ثم فلا يصح ما يروج على الألسنة: "لا حياء في الدين" ولكن نقول : "لا حياء في تعلم الدين"، فالحياء المذموم هو الذي يمنع صاحبه من تعلم دينه، من النصح لغيره، من قول الحق، من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو في الحقيقة ليس حياء وإنما هو خجل، والله تعالى يقول: "وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ"، وعن عائشة (رضي الله عنها) قالت: "نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأَنْصَارِ لَمْ يَمْنَعْهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ في الدِّينِ"، وعَنْ أُمِّ المُؤْمِنِينَ أُمِّ سَلَمَةَ(رضي الله عنها) أَنَّهَا قَالَتْ: جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ امْرَأَةُ أَبِي طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ، هَلْ عَلَى المَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا هِيَ احْتَلَمَتْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "نَعَمْ إِذَا رَأَتِ المَاءَ"، والحياء مِغلاق لكل شر، مبينًا أن الحياء هو الخلق الذي يحمل على ترك القبيح من الصفات والأفعال والأقوال، ويمنع من التقصير في حق الله المتفضل المنعم سبحانه. والدعوةُ إلى التخلق بالحياء وملازمته إنما هي دعوة إلى الامتناع عن كل معصية وشر، والإقبال على كل فضيلة وخير، يقول النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ):"إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأُولَى: إِذَا لَمْ تَسْتَحِْ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ" ، فالحياء سياج منيع من الوقوع في المعاصي والمحرمات ، وهو علامة حياة القلب ، كما أن اقتراف القبائح والمنكرات دليل على موت القلب، موضحًا أن من أعظم صور الحياء: الحياء من الله، يقول النبي (صلى  الله عليه وسلم): "فاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنَ النَّاسِ"، والحياء من الله (عز وجل) يتأتى من خلال مقابلة نِعَمِه بالشُّكْر، وأوامره بالامتِثال، ونواهيه بالاجتناب، كما أن الحياء من الله: هو ألا يراك حيث نهاك، ولا يفقدك حيث أمرك، والمسلم يستحي من ربه أن يراه على معصيته، وحق الحياء من الله أن تحفظ البطن وما حوى؛ وحفظه يكون باجتناب أكل الحرام وما فيه شبهة، وأما ما حواه البطن فيكون حفظه بحفظ الفرج من الوطء الحرام، والنظر الحرام، واللمس الحرام، وحفظ الرِجلين من السعي بهما إلى الحرام، وحفظ اليدين من البطش بهما فيما حرمه الله،  مؤكدًا أن الحياء من الناس: دليل على مروءة الإنسان ؛ فالمؤمن يستحي أن يؤذي الآخرين سواء بلسانه أو بيده ، فلا يقول القبيح ولا يتلفظ بالسوء، ولا يطعن أو يغتاب أو ينمّ على الآخرين ، وكذلك يستحي من أن تنكشف عوراته فيطّلع عليها الناس ، والحياء من الناس يكون : بحِفْظ ماء الوجْه لهم، ولا يتمُّ ذلك إلا بكفِّ الأذى عنهم، وترْك ما يُغضِبهم أو يزعجهم، قال أحدُ الحكماء: "مَن كساه الحياءُ ثوبَه ، لم يرَ الناسُ عيبَه"، وقال بعض البلغاء: "حياة الوجه بحَيائه، كما أنَّ حياةَ الغَرْس بمائه".

ومنه أن يطهّر الإنسان فمه من الفحش ومعيب الألفاظ، وأن يخجل من ذكر العورات ، فإن من سوء الأدب أن تفلت الألفاظ البذيئة من المرء غير عابئ بمواقعها وآثارها، وإن من الحياء أن يُعرف لأصحاب الحقوق منازلهم ومراتبهم ، فالابن يوقر أبا ، والتلميذ يحترم أستاذه ، والصغير يتأدب مع الكبير، فلا يسوغ أن يرفع فوقهم صوته ، ولا أن يجعل أمامهم خطوة ، مختتمًا حديثه بأن خلق الحياء يُدخل صاحبه الجنة ، قال (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم): "الحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ، وَالإِيمَانُ فِي الجَنَّةِ، وَالبَذَاءُ مِنَ الجَفَاءِ، وَالجَفَاءُ فِي النَّارِ"، والحياء مفتاح لكل الطاعات: عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه و سلم): " الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة ، فأفضلها قول لا إله إلا اللَّه ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان" ، معنى ذلك أن الحياء الحقيقي يحفزك على فعل باقي شعب الإيمان الكثيرة وكافة الطاعات، والغاية هي إقامة مجتمع نظيف لا تهيج فيه الشهوات ولا تستثار فيه الغرائر.


تعليقات