تفاصيل.. مؤتمر المعالي الثالث: "موجة الإلحاد والتيارات الهدامة الجديدة وخطرها على الفرد والمجتمع"

  • د. شيماء عمارة
  • الإثنين 03 مايو 2021, 11:00 صباحا
  • 760
مؤتمر المعالي لمواجهة الإلحاد

مؤتمر المعالي لمواجهة الإلحاد

نظمت جمعية المعالي للعلوم والتربية بدولة الجزائر، مؤتمر المعالي الثالث بعنوان؛ “موجة الإلحاد والتيارات الهدامة الجديدة وخطرها على الفرد والمجتمع”، عن بعد.

كان ذلك خلال شهر أبريل، حيث شارك في المؤتمر مجموعة من الأساتذة والعلماء والباحثين، من ست دول.

وك المستهدفون: الشباب والمعلمون والمربون والمدربون في مجال التنمية البشرية والدعاة والأئمة والمتخصصون.

تناول المؤتمر ظاهرة الإلحاد وما يبثه من أفكار هدامة وظاهرة انتشار الحركات الباطنية الجديدة والتي بدأت تتوغل بشكل خفي في المجتمعات الإسلامية وتترك آثارا خطيرة على السلوك والقيم والمعتقدات.

وفي عرض مختصر عن المؤتمر، يمكن تلخيصه في التالي:

1- الجلسة العلمية الأولى:

  •  مداخلة الدكتور محمد المختار الشنقيطي؛ الشك الإبراهيمي وتهافت الملاحدة:

تحدث عن أهم أسباب انتشار موجة الإلحاد في المجتمعات المسلمة، وهي:

1- الانتفاخ المعرفي، مما يؤدي إلى الانفتاح غير المنضبط مع الثقافات الأخرى.

2- تواطؤ بعض المؤسسات الدينية مع الظلم السياسي، لذلك فقد الشباب الثقة في المؤسسات الدينية وفي الدين نفسه.

3- أغلب دعاة الإلحاد من المسيحية الذين اعتمدوا على نصوص محرفة.

 

بعد ذلك دعا إلى بناء ثقافة إسلامية رصينة لشبابنا، إذ يمكن أن نبحث عن اليقين كما فعل الإمام الغزالي في كتابه؛ “المنقذ من الضلال”. فالشباب يواجه تحدي البحث عن اطمئنان القلب، لأننا نعيش لحظة انتقال، فليس كل ملحد ألحد بسبب موقف فلسفي نزيه، لكن أغلبهم تدفعهم أسباب نفسية وثقافية تتعلق بالاستعلاء أو الإباحية، حيث يريد أن يعيش حياة فجور وحرية فيسوغ لذلك بإنكار وجود الخالق والشرائع، وإنكار الحياة الأخرى والجزاء، وهؤلاء يصدق فيهم قوله تعالى: ” بَلْ يُرِيدُ الْإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ” (القيامة:5-6). ثم ركز على ما أطلقه الغرب؛ “الإلحاد الجديد”، وأن موقفهم من الخالق سبحانه ينقسم إلى أربعة:

– الإيمان به سبحانه.

– المذهب الربوبي، الإيمان بوجود الخالق دون الإيمان أن له مراد من خلقه.

– اللاأدرية، وهي شائعة في الغرب المعاصر، وأساسها؛ “عدم الاهتمام بالحق والباطل”.

– الإلحاد الذي يؤسس على إنكار وجود الخالق. ومن مميزات الإلحاد الجديد، كما يقول:

– إلحاد حركي، فهم يجتهدون وينشرونه بين الناس.

– الاستفزاز ومواجهة المتدينين.

– تسويق الإلحاد بالخطاب الشعبوي.

 – الطائفية:

وتركز على الإسلام بالأساس، بالطعن وتشويه حقائقه لأنه الأكثر قوة وانتشارا، والدرع الأساس للتدين الصحيح. إضافة إلى أن هؤلاء ينطلقون من خافيات يهودية ومسيحية، ولديهم موقف سلبي، ديني وثقافي وتاريخي.

ولاحظ عليهم الدكتور الشنقيطي، فقال: “بما أنهم ملحدون فإنه من المفروض أن ينكروا جميع الديانات، لكنهم يميزون بين الديانات ويركزون على ضرب الإسلام، فيخوفون الأوربيين من انتشار الإسلام في بلادهم. كما أشار إلى أن المجتمعات المسلمة الأولى كان فيها منكرات اعتقادية، لكنها لم تعرف الإلحاد بالشكل الذي هو عليه اليوم. وتحدث عن نقطة أخرى أساسية، وهي “لماذا وصل الإلحاد إلى مجتمعاتنا؟”. وأكد في السياق ذاته أنه يجب الانتباه إلى ارتباط الإلحاد بالسمة الثقافية للمجتمع، وبظاهرة القوة، كما قال تعالى: “كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى” (الأعلى:7).  وبين أن الإلحاد له ثغرات منها:

1- مناقضة الفطرة الإنسانية، حيث إن الإيمان فطرة إنسانية والدين مرتبط بالحضارة الإنسانية.

2- التخلي عن قوانين العقل السليم الأولى، وهي قانون السببية وقانون الغائية والهوية وعدم التناقض.

3- الإلحاد يؤدي إلى هدم الأساس الموضوعي للأخلاق لأنه لا يؤمن بالخالق فتحول إلى ذوقيات نسبية وليست عقدية على أساس صلب، قال ابن الجوزي في كتابه: تلبيس إبليس (لو تأمل الإنسان نفسه لكفت دليلا وشفت غليلا).

وفي المقابل وضح مميزات التوحيد الإسلامي:

1- يعتمد على قوانين رصينة.

2 – عدم التناقض – الهوية.

3- يوفر الأساس الصلب وهو الأخلاق القائمة على أساس صلب لأن مصدرها من الخالق الذي كرّم الإنسان وجعله في سلم المخلوقات وسواه مسخر له.

4- يعتبر الإنسان متجمعا مع ذاته، ويؤدي وصية تجاه الخالق وتجاه أخيه الإنسان.

  • مداخلة الدكتور هواري حمادي؛ الإلحاد في الفكر العربي الإسلامي: 

بعدما بيّن أهداف الفكر الإسلامي، وأن الدين الإسلامي يقوم على الإيمان وبعد أن رفع مختلف الآراء التي أسس لها بالملاحظة من أجل فهمها ونقدها ومحاربتها بالبيان والبرهان، وضح كيف نفهم الإلحاد كموضوع للتأثير الإسلامي.

1- تطور الفكر الإسلامي للإلحاد والملاحظة في إطار مصطلحات الزنادقة والدهريين.

2- أنواع الإلحاد: الدهريون مواقف وردود على مستوى الفلسفات الأولى.

3- انعكاسات وإفرازات الإلحاد على المستويات النفسية والاجتماعية والثقافية، وحاول بيان انعكاسات الإلحاد على مجتمعنا تاريخيا، وعلى القيم والأخلاق والنزعة الفردية في المجتمع، حتى أصبح يهدد استقرار الدولة والأمة، وأكد عل ضرورة مواجهة هذه الظاهرة بالتفكير لا بالتكفير.

ومما يستعين به المسيحيون رغم انحراف عقيدتهم، يقول الدكتور هواري، العمل الاجتماعي المنظم، ومنها تأسيس منظمات الإغاثة، وفي المقابل هناك مشاكل في المساجد منها ضعف التكوين الديني وتأطير الأئمة وتحالف بعض المؤسسات الدينية مع الطغيان ومع الظلم، وهذا يُعطي صورة سيئة جدا عن الدين الإسلامي.

  • مداخلة الدكتور علي حليثيم؛ الخطاب المسجدي الراهن ومواجهة الإلحاد: أين الخلل؟

كشف أن الحروب الدينية في أوربا (بين البروتستان والكاثوليك) كانت من نتائجها ملايين من القتلى عبر التاريخ. وقد أحدثت الاكتشافات الجيولوجية زلزالا في العقائد الدينية، ثم ظهر نقاش “لماذا خلق هذا الكون والغاية منه، ثم ظهرت نظرية لامارك للتطور “الحيوان يتكيف”، وجاءت نظرية داروين لتضرب ضربة خطيرة حسب حاجاتهم.

ثم ظهر المذهب الربوبي؛  Deyst، الذي يقول أننا لسنا بحاجة إلى الوحي، وهنا بدأ الخطاب الإلحادي يضرب في الدين تدريجيا حيث بدأ نقد الكتاب المقدس، وأصبح رجال الدين المسيحي يدافعون دينهم بشكل عنيف ومسيء للدين، لذلك وجدوا اعتراضا شديدا ونفورا من الدين. كما ظهرت الفلسفة الحتمية والفلسفة المنفعية وخلاصتها أن الناس ليسوا بحاجة إلى تدين ولا إلى تعليم المسيح والخلاص المسيحي، وأن العلم هو سبيل الخلاص.

ثم جاءت الثورة الفرنسية ومحاربتها للدين، لأن رجال الدين كانوا يعذبون العلماء ويقتلونهم ويحرقونهم بدعوى الهرطقة، ومن أجل إشباع نزوات وشذوذ القساوسة، لكن الثروة دعت إلى التطرف في معاداة الكنيسة وإلى الإلحاد.

  •  مداخلة الدكتورة شريفة شعشوع؛ موجة الإلحاد الجديدة، حقيقتها وأسبابها:

وضحت أن من أسباب الإتحاد هو ما يراها الملحدون من ظلم في مجتمعهم وثقافتهم وعلماء السلطان، لذلك يتساءلون أين نصرة الله للمستضعفين وركزت في مداخلتها على الكبر، انطلاقا من قوله تعالى: ” سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا” (الأعراف:146).

فحبهم لذواتهم وكبرهم وأنانيتهم المفرطة جعلتهم لا ينظرون إلى الحق على أنه حق، وبالتالي رفضوا قوة الحق كبرا من عند أنفسهم، وكان هذا حال إبليس حين رفض السجود لله تعالى، لأنه استكبر فظن أنه خير من آدم عليه السلام. وبالتالي هم يتمردون عن الحق، إضافة إلى شيء آخر هو استبداد المنظومات الكنيسية الذين ولِّد لديهم نفورا، ثم تراجع رجال الدين عن الأخلاق ثم عدم الإيمان بالله عز وجل، ثم تطور إلى أن أصبحوا يناضلون ضد الكنيسة ورجال الدين الذين رأوا فيهم انحرافا كبيرا. ومن الأسباب أيضا أن هؤلاء لم يجدوا في آبائهم القدوة الحسنة، وعدم تمسكهم بدينهم وأخلاقهم. والنتيجة أنهم يريدون أن يعيشوا في إطار الإباحية والماديات وألا يتقيدوا بشيء من الغيب.

2- الجلسة العلمية الثانية:

  • مداخلة الدكتور عبد الحليم بيشي؛ الأنسنة والإلحاد هل هما وجهان لعملة واحدة؟:

ركز في مداخلته على بناء المصطلحات والمفاهيم، ومنها مصطلح الأنسنة والنزعة الإنسانية  والتي تقوم على مركزية الإنسان في الكون وعلى فردانيته وكون العقل الإنساني المرجع الرئيس في المعرفة، وتعني أيضا “القول المطلق بمرجعية العقل الإنساني في صناعة القيم وصياغة الهويات وبناء المفاهيم بعيدا عن أية مرجعية دينية أو أسطورية أو ما ورائية”. وبناء هذا المصطلح هو منطلق من الثورة على الكنيسة التي أثقلت الإنسان بمعتقدات خاطئة ومكلفة. كما أن هذا المصطلح له آثاره العلمية والإلحادية، نتيجة صراع العلم الحديث مع الكنيسة، وظهور التيار الإيحائي الأدبي، والذي أدى إلى القول بتأليه الإنسان وكونه المرجع الأوحد في صناعة الهوية.

ثم تحدث عن جذور الأنسنة في الفكر الغربي مركزا على اليونان، وعن جذورها في التراث الإسلامي، مركزا على مناقشة المفكرين المسلين للكمال الإنساني والكمال الأخلاقي. وأوضح من خلال ذلك الطبعة الإصلاحية الدينية، والتي رامت بالأساس تقويم الانحراف الكنيسي، والطبعة العلمية المادية، والطبعة المعاصرة والتي تركز على البحث عن الإنسان الخالد.

  • محاضرة الدكتور عبد القادر تومي؛ مركزية الإنسان في التفكير الغربي فلسفيا ودينيا:

الألسنة والعقلانية والمدارس الأخرى ليست واحدة، لذلك نضعها حسب الأحداث ونحاول أن نفهمها في سياقها العام. وأغلب العلماء اعتبروا الكنيسة هي رأس الفساد وسبب انهيار العقيدة الدينية. وتحدث عن تكريس الاستبداد ونظرية الحق الإلهية التي أساسها أن “البابا مخول له من الإله ليكون متحكما في الناس”، وما عليهم إلا أن يخنعوا إليه، ومنه جاءت ردود فعل الناس ورفضهم لما تقول به الكنيسة.

وتحدث أيضا عن ظهور فلاسفة التنوير كردّ فعل على ظلم الإنسان وتسلط رجال الدين. وهو جيل جديد يؤمن بالإنسان ويُمجده ويعتبره الحقيقة الأساسية، والنتيجة إقصاء الكنيسة وإبعادها عن الحياة. ودخولوا في مذاهب مختلفة ومنها الإنسانية والإلحاد واللاأدرية والمذهب العقلاني والعلمانية، وقد تحدث الدكتور عن هذه المذاهب وخصوصيات كل مذهب.

ويرى الدكتور أن الثورة ضد الكنيسة أمر معقول، ولكنهم بالغوا في تضخيم الإنسان وأفرغوه من الجانب الروحي، مع عدم الموازنة بين الجانب المادي والروحي في الإنسان.

  • مداخلة الدكتور مناد طالب؛ الأنسنة، التاريخية، الإسلام: تضايف أم تنافر؟:

في البداية أكد أن مفاهيم الألسنة والتاريخية تحتاج إلى تثبيت وضبط وتبيُّـن في استعمالها. وحلل هذه المفاهيم في إطار المعنى الشرعي لمحورية الإنسان ودعوة الإسلام إلى استعمال العقل. وهل يعني مفهوم الأنسنة بعصر النهضة والإصلاح الديني في أوربا وخاصة في القرنين 15 و 16، فهو عصر التنوير والانفتاح والتمرد على الكنيسة.

والألسنة تشير إلى الإنسان الذي يكون مصيره وكل شيء بيده. وكل الأشكال الميتافيزيقا مجرد أساطير، وقوام الحياة عندهم هو الوقائع وقوانين العلم، والبشر عبارة عن إنتاج تطوري للطبيعة وجزء منها. ولذلك لا يمكن للوعي أن يستمر بعد الوعي، (وهذا منهج عند بعضهم). ومن جهة أخرى إذا نظرنا إليها كدين فإنها تعني القطيعة مع كل ما هو إلـهي.

وتحدث عن توظيف الأنسنة عند الحداثيين العرب، فهناك مغالطة وهي عدم التوافق ما بين المنبع والمصب، فمن جهة المنبع يدعون إلى الأنسنة باسم الإسلام والمفكرين، ومن جهة المَصَبِّ يعتبرونها دينا باسم التاريخية. ثم بين العلاقة بين التاريخية والأنسنة، وميّـز بين التاريخية والتاريخانية، فالتاريخية يعني أن الحقيقة لا تخرج عن مجال التاريخ بحكم أنه وقائع لها زمان ومكان. وذكر هنا أن المقدس يخضع للتاريخية وأن الزمن مرتبط بالمكان والأحداث كلها وقعت  بعد خلق العالم بما في ذلك الكلام وحدوث الوحي في الزمن. ومنه يعتبرون القرآن نتاجا لهذا التفاعل. ومغالطة أخرى هي أن النص ثابت والذي يتغير هو المفهوم.

أما التاريخانية فهي أن التاريخ يخضع لقوانين وحتميات محددة، فليس للتاريخ إلا معنى واحد، فهي نظام مغلق، بينما التاريخية فهي مفهوم مفتوح على المستقبل وعلى التفكير المستمر.

وخلص الدكتور إلى أن التاريخية هي الدعامة والشرط الضروري للأنسنة، وأن الحداثيين العرب حاولوا سحب الفكر الإسلامي إلى التسليم بتاريخية النص الديني وهو يؤدي إلى إلغاء الدين الإسلامي والقطيعة مع الماضي.

  • مداخلة الدكتور أحمد الدعدوش؛

– إقحام حركة العصر الجديد في عالم السينما والدراما والرسوم المتحركة:

نبه إلى حركة العصر الجديد في السينما والرسوم المتحركة والدراما، وخطورتها التي تكمن أساسا في نشر الأفكار الهدّامة، والفكر الإلحادي، بشكل سلس وبطرق مغرية، خاصة في صفوف الشباب والأطفال، وأنها تترك آثارا خطيرة على القيم والمعتقدات.

3- الجلسة العلمية الثالثة:

  • مداخلة الدكتور عبد الرزاق قسوم؛ الأصول الفلسفية والعقدية للتيارات الباطنية الجديدة:

      تحدث عن مذهب الوجودية، وأنه يعطي للإنسان الوجودي ما يعطيه المؤمن لله من حرية مطلقة، وقد استغلت محنة الإنسان، وضياعه عن وجوده، ثم التصقت بالعلمانية وبعدها الوجودية الملحدة، وبذلك امتزجت التفلسف المنكوس بأسس الدين المعكوس، فنتج عن ذلك الإلحاد الميؤوس. وبيّـن عيوب الفلسفة المادية الماركسية التي نشأت على أنقاض إقطاعية الكنيسة واستبداد البورجوازية، فهي تنكر وجود الخالق وتعتبر الدين أفيون الشعوب.

      ووضح الفلسفة النفعية التي اتخذت شعار؛ “ليس لنا عدو دائم وليس لنا صديق دائم ولكن لدينا مصلحة دائمة”، كما تسعى لإبعاد القيم والأخلاق، فظهرت تيارات لهذه الفلسفة، يجوز عندهم اللجوء إلى ما فيه لذة بأية وسيلة، فإذا كان الدين الصحيح يحول عائقا فإننا نحاربه. كما أنهم يقدمون أنفسهم متخصصين في الفلسفة الأخلاقية.

     ومن هنا ظهرت الاتجاهات الحديثة؛ الماسونية والصهيونية وعبدة الشيطان وكل التيارات الهدامة. وكلها تعمل على أن يكون فيها البورجوازيين والحكام ليتحكموا ويحكموا القبضة. وشببها بالألعاب الإيهامية التي تقدم للأطفال لجذبهم وخداعهم، وقد خُدع عدد من العلماء والمفكرين والسياسيين. كما أشار إلى الباطنية المتخصصة في الاقتباس المعصوم، ونبه إلى فهم المصطلحات في سياقها الفلسفي، واستشهد بالإمام الغزالي في كتابه “المنقذ من الضلال”. وأفضل ما نحصن به أنفسنا هو القرآن الكريم ثم الوعي الإيماني والعقلي والفطنة.

  • مداخلة الدكتور محمد عوضي؛ الأسباب النفسية للتمرد على الدين والتدين:

      تحدث عن التبريرات النفسية للإلحاد، ومن أهمها التبرير العقلي، والتبرير للشهوات، والأنا، والتبريرات المصلحية للإنسان. وجاء بمثال لحوار محمد الغزالي مع ملحد، ونبه إلى أن الإلحاد استراتيجية، أن الشر ليس مشكلة عقلية ولا مشكلة أخلاف، فهو مشكلة هوى بالأساس. وأن الأحداث المؤلمة تؤثر في الناس وفي عقيدتهم. وإلحادهم ليس عقليا ومحاكمة برهانية، إنما كان من ردة فعل نفسية من الواقع الذي يعيشه. فالإلحاد هو مجرد رد نفسي ومواقف نفسية، واستدل بقوله تعالى: “وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة” (الحج:11).

وناقش مشكلات وأسباب انتشار الإلحاد، ولخصها فيما يلي:

– التدين المشوه والسلبي.

– خلط كثير من الأعراف بالأحكام الشرعية.

– القدوات الدينية الساقطة، ومنه قوله تعال: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ” (التوبة:34).

     لذلك يتمرد الناس بسبب تصرفات رجال الدين، وتسلطهم، ووقوفهم إلى جانب الحكام المستبدين.

  •  مداخلة الدكتور هيثم طلعت؛ المسكوت عنه في الإلحاد:

     ركز على أهم المسكوت عنه في ظاهرة الإلحاد، وهو جهودهم المضنية والسرية في تحويل الإسلام إلى عَلمنة، كأن يحول إلى طقوس وبوذية وبالتالي تفريغ الإسلام من محتواه. كما يدعون أن الإلحاد علم، ويريدون أن يصبح ظاهرة ليتقبله الشباب. كما أن الملحد لا يستعمل كلمة إلـه، وكلمة الغيب، فهو لا يقبل إلا ما هو موجود ومحسوس.

  •  مداخلة الدكتور إبراهيم بودوخة؛ التقويم الشرعي لبعض مسائل التنمية البشرية:

        أكد الدكتور إبراهيم بودوخا أن التيارات الإلحادية من ورائها خطط استراتيجية ووسائل وميزانيات ومدربين تم إعدادهم سرا، لتحقيق أهدافهم الهدامة، واكتساح الجبهات في العالم الإسلامي وتدميرها، من السيطرة والنفوذ.

      وأكد أيضا أن المفكرين والعلماء عليهم أن يدركوا أن الإلحاد ليس تدينا لا ينظروا إليه على أنه ظاهرة اجتماعية أو دينية، لكنه خطة سياسية. فهم ينكرون التوحيد ونبوة الأنبياء عليهم السلام، والغيب، والبديل عندهم هو الطاقة الروحية، فيدعون إلى “تناسخ الأرواح”، ويدّعون معرفة الروح، مع استحضار الجن والاستعانة بالسحر. وبين نوعا آخر من الإلحاد، وهو الإلحاد بأسماء الله الحسنى، حيث يخلطون بين مصطلحات التوحيد والكفر.

  • مداخلة الدكتور سمير دهريب؛ ضوابط ومؤشرات مهمة لتقييم الدورات التدريبية:

    خصص مداخلته للتنبيه إلى خطورة الدورات التدريبية في هذا المجال، والضوابط الأساسية لتقييمها، فركز على ما يلي:

– أسباب ظهور الانحرافات في مثل هذه الدورات التدريبية.

– كيف أختار الدورات التي أحضرها؟ وهنا لابد أن نفرق بين الدورات التدريبية المفيدة والمقيدة بالضوابط الشرعية وبين الدورات المنحرفة التي تسعى لتضليل الشباب. ونميز كذلك بين الفلسفة الصحيحة والفلسفة الهدّامة.

– مؤشرات لانحرافات خطيرة في الدورات التدريبية، ومنها ادعاء أن كل ما يقع للإنسان هو باختياره، أما القضاء والقدر فهو مجرد تبريرات لسوء اختياره. كما يعملون على نشر أكذوبة “تناسخ الأرواح” في صفوف المتدربين.

  • خلاصة وتوصيات:

– انتشار ظاهرة الإلحاد وما يبثه من أفكار هدامة، وهو خطة سياسية.

– ظاهرة انتشار الحركات الباطنية الجديدة والتي بدأت تتوغل بشكل خفي في المجتمعات الإسلامية.

– تترك الحركات الباطنية الجديدة آثارا خطيرة على السلوك والقيم والمعتقدات.

– ننصح الشباب بالتفقه في الدين، ومجادلة هؤلاء الملحدين بالعلم والعقل.

– عدم تجريب ما يدعون، حتى لا يسقط في الفخ.

– إن الله تعالى أودع في الإنسان العقل وإرادة عزم وحرية اختيار، ثم أخبره أنه سيحاسب على أفعاله.

– الانتباه إلى أن موجة الإلحاد، والتي كانت تركز على مواجهة الإسلام فقط لأنه هو الذي بقي محفوظا وقويا وينتشر بشكل لم يكونوا يتصوره. والديانات الأخرى هي ديانات هشّـة.

– إن المشكلة في أنظمتنا العربية التي تكبل عن النهوض والرقي والانفتاح الفكري حتى لا يتمسك المسلمون والعرب بزمام الفكر الصحيح.

– ظهور فلاسفة التنوير كردّ فعل على ظلم الإنسان وتسلط أغلب رجال الدين، ووقوفهم إلى جانب الحكام المستبدين.

تعليقات