رئيس مجلس الإدارة

أ.د حسـام عقـل

عبد المنعم فؤاد يكتب: شيخ الأزهر لم يغير منهجه

  • أحمد حماد
  • الأحد 02 مايو 2021, 10:02 مساءً
  • 865
شيخ الأزهر

شيخ الأزهر

إن ما ذكره الدكتور سعد الهلالي الليلة في برنامج فضائي عن تحول  في خطاب فضيلة  شيخ الأزهر في حلقاته الأخيرة المذاعة في رمضان تجاه التراث والخطاب الديني، حيث ظن أن الإمام يرفض التراث ويهجره، وأنه أتى بخطاب مغاير تماما لما كان يقول به منذ سنة 2016م،  واستشهد بحوار فضيلته العام الماضي مع (د / الخشت رئيس جامعة القاهرة)، وهذا التحول للإمام في منهجه - تزامن مع خطابات ألقيت في الخارج  يرجع الدكتور سعد لها الفضل في مثل هذا الأمر، كما جاء نصا في كلامه - فليسمعها من يريد-! وهذا كلام  - من وجهة نظري خطير وعار عن الصحة تماما  لما يلي:

أولا:  أن هذه الحلقات وما يأتي بعدها إلى نهاية الشهر- مبلغ علمي -  سُجلت -  في الأيام الأولى من رمضان، ولم يكن هناك خطابات خارجية في هذا الشأن ؛  لأن الأزهر مصري لحما ودما، ولم يكن يوما ما تابعا، ولا يمكن لشيخه العالم الزاهد أن ينتظر خطابا لأحد – مع احترامنا للجميع – ليغير منهجه في مسالة تجديد الخطاب الديني؛  فالإمام الأكبر هو شيخ الأزهر، ولا يوجد سوى أزهر واحد في العالم شيخه هذا الذي يقول عنه "د الهلالي" إنه تحول في منهجه في مسألة  التجديد، وخطابه عن التراث مؤخرا ويقول: (هذا هو المؤكد )، والعالم يعرف من هو الأزهر، ومن شيخه الآن؛  فالأزهر لا يمكن أن يرفض التراث ولا يقدسه؛ بل يحترم التراث، ويقدره، وهوحارس آمين لهذا  للتراث، ولا يقبل جموده كذلك،  وعدم استيعابه وفهم قضاياه، - بل يريد شيخ الأزهر في الحلقات التي أذيعت وما يليها : دراسة ما في التراث والانطلاق منه لتجديد قضايانا، وما يستجد علينا ؛  ومعلوم أن التراث هو نتاج حي  يقبل التجديد،  ولا يرفض الإضافة،  وأمة بلا تراث كشجرة بلا ثمر، وشيخه منذ أكثر من عشرين سنة- وليس اليوم فحسب -  ينادي بالتجديد، وبُح صوته في ذلك، وله كتاب معروف اسمه "مقالات في التجديد " منذ سنوات، ولم يتغير خطاب فضيلته عن هذا إلى الآن لأنه شيخ للأزهر الشامخ، ولم يكن هناك أي خطابات خارجية تجعل الإمام  العالم الزاهد يغير اليوم منهجه،  فهذا افتئات غير مسبوق، ويحتاج إلى مراجعة ولا يصح أن يُقال في فضائيات خارجية  ولو تلميحا !.

ثانيا:  أن شيخ الأزهر- لمن يسمعه ويقرأ له  لا يرفض الاجتهاد المقبول شريطة توافر شروطه في المجتهد، أما الاجتهاد الذي يرفضه فهو: الاجتهاد المنفلت المؤدي إلى التلاعب بالثوابت، فهذا عبث  محض، ومرفوض من كل علماء الأمة ؛ فلا يليق أبدا أن يخرج علينا- مثلا -  من يجتهد في الميراث الذي رسم خريطته رب العالمين في كتابه العزيز وقال: ( تلك حدود الله ) فإذا خرج علينا من يريد أن يتلاعب بمصطلح التجديد، ويقول :  للمرأة أن تساوي الرجل تماما في كل جوانب الميراث فهذا لابد أن تعرك أ ذنه وتعصر،  وينبه علميا ودينيا بأن هذا عبث لا اجتهاد ولا علم شرعي ولا تجديد.

ثالثا: أن شيخ الأزهر من خلال دراساته ،ورؤيته لما يجد في المجتمع سواء في مصر أو خارجها يشغله تماما أمر التجديد ،ويعلم جيدا ويركز في لقاءاته بالعلماء والباحثين أن التجديد للخطاب الديني هو قانون إلهي، وليس ببدعة قال سبحانه:  ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) ، ولذا وجه بتجديد المناهج في الجامعة، والمعاهد الدينية ،وتابع بنفسه مع اللجان العلمية وضع قضايا في المناهج تشغل المجتمع مثل:  المواطنة، والخلافة والغلو والتكفير والتطرف والإرهاب، والحاكمية، وتدرس الآن في جميع مراحل الدراسة، وعضد ذلك بمؤتمرات سنوية لهذه القضايا، وآخرها "مؤتمر عن التجديد في الفكر الإسلامي" العام الماضي نذكره لمن عنه غافلون .

رابعا : إن فضيلة الإمام في حلقاته التي مرت، والآتية، بل وفي كل أحاديثه لا يمل بالدعوة إلى التجديد ،ودراسة التراث، والاستفادة منه لا هجره، وإبعاده كما يريد البعض، واستشهاد الدكتور سعد الهلالي  بما جرى مع الدكتور "الخشت"  في حواره مع الإمام وبيان تراجع الإمام عما قال في اللقاء وقتها هو  استشهاد  غير موفق؛ لأن هناك فرق بين ما يقوله الإمام عن التراث ودراسته ،والمحافظة على فهمه، وبين ما قاله سعادة الدكتور الخشت؛  إذ الأخير طالب بإبعاد التراث، وتبديله ،وعدم العمل بأحاديث الآحاد في كل شئ، وادعى أن عقيدة الأشاعرة تقوم على أحاديث الآحاد ، وطالب العلماء بالرد عليه إن كان مخطئا؛ فكان الرد من فضيلة الإمام ردا علميا ماتعا ،ومقنعا ،وقائما على البراهين والأدلة المنطقية؛  فالأشاعرة لا يعتمدون في العقائدعلى أحاديث الآحاد فهذا غير صحيح، وفي نفس الوقت لا يرفضونها كليا في الفروع، وهذا معلوم عند أهل التخصص،  فالدكتور"الخشت المحترم"  كان حديثه أمام علماء الأزهر، وإمامه الأكبر مخالفا للواقع.

واليوم على نفس المنهج لا يمل فضيلة الإمام عن التجديد في الفروع، ولا ينكر حجية السنة،  كما لا يمل من الدعوة إلى احترام التراث، والاستفادة منه  ليكون زادا نافعا للتجديد في خطابنا بما يناسب العصر، وهذا منهجه قديما وحديثا، ومنهجنا في الأزهر، " ولكن أكثر الناس لا يعلمون".

 

تعليقات