د. خالد فوزي حمزة يكتب: إطعام الطعام

  • أحمد عبد الله
  • السبت 01 مايو 2021, 06:37 صباحا
  • 1282

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه..

أما بعد..

فقد قال الله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (*) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (*) إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (*) فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا} [الإنسان: 8 - 11].

إطعام الطعام سبب من أسباب النجاة يوم القيامة، ولا يختص ذلك بإطعام المؤمنين، فإن الآيات الكريمات فيه ذكر الأسير، ولم يأسر النبي صلى الله عليه وسلم مسلماً، بل كان الأسر على الكفار.

فإطعام الطعام هو دلالة الخيرية في الإسلام عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الإسلام خير؟ قال: (تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف) [متفق عليه].

ونصوص الشريعة في الإطعام كثيرة وقد ورد في إطعام الطعام أحاديث كثيرة صحاح وحسان، وألتقط منها جملة تبين للقارئ الفضل العظيم في إطعام الطعام:

-. منها حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتاني الليلة ربي تبارك وتعالى في أحسن صورة فقال: يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت لا فوضع يده بين كتفي حتى وجدت بردها بين ثديي فعلمت ما في السموات وما في الأرض فقال: يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: نعم في الكفارات والدرجات والكفارات: المكث في المساجد بعد الصلوات والمشي على الأقدام إلى الجماعات وإسباغ الوضوء في المكاره قال: صدقت يا محمد! ومن فعل ذلك عاش بخير ومات بخير وكان من خطيئته كيوم ولدته أمه وقال: يا محمد إذا صليت فقل اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وأن تغفر لي وترحمني وتتوب علي وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون، والدرجات: إفشاء السلام وإطعام الطعام والصلاة بالليل والناس نيام) [رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني].

فجعل إطعام الطعام من الدرجات.

بل وكان بر الحج مرتبطاً بإطعام الطعام، فعن جابر رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بر الحج إطعام الطعام وطيب الكلام). [رواه الحاكم وصححه وحسنه الألباني].

ودخول الجنة كذلك عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اعبدوا الرحمن وأطعموا الطعام وأفشوا السلام تدخلوا الجنة بسلام) [ رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح، وصححه الألباني].

 وعنه أيضا رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها فقال أبو مالك الأشعري لمن هي يا رسول الله قال هي لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وبات قائما والناس نيام) [رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن والحاكم وقال صحيح على شرطهما].

-. وعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها أعدها الله تعالى لمن أطعم الطعام وأفشى السلام وصلى بالليل والناس نيام) [رواه ابن حبان في صحيحه، وصححه الألباني]

وعن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله ليربي لاحدكم التمرة واللقمة كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله حتى يكون مثل أحد) [رواه ابن حبان في صحيحه وتقدم هو وحديث أبي برزة أيضا إن العبد ليتصدق بالكسرة تربو عند الله عز وجل حتى تكون مثل أحد، وصحه الألباني].

-. عن البراء بن عازب رضي الله عنه جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فقال يا رسول الله علمني عملا يدخلني الجنة قال إن كنت أقصرت الخطبة لقد أعرضت المسألة أعتق النسمة وفك الرقبة فإن لم تطق ذلك فأطعم الجائع واسق الظمآن. [رواه أحمد وابن حبان في صحيحه والبيهقي وصححه الألباني].

-. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله عز وجل يقول يوم القيامة يا ابن آدم مرضت فلم تعدني قال يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين قال أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده، يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني قال يا رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين قال أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني قال يا رب وكيف أسقيك وأنت رب العالمين قال استسقاك عبدي فلان فلم تسقه أما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندي] رواه مسلم.

-. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أصبح منكم اليوم صائما؟ فقال أبو بكر رضي الله عنه أنا، فقال: من أطعم منكم اليوم مسكينا فقال أبو بكر أنا، قال من تبع منكم اليوم جنازة قال أبو بكر أنا، فقال من عاد منكم اليوم مريضا قال أبو بكر أنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما اجتمعت هذه الخصال قط في رجل في يوم إلا دخل الجنة) [رواه ابن خزيمة في صحيحه، وصححه الألباني].

-. وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال: (إدخالك السرور على مؤمن أشبعت جوعته أو كسوت عورته أو قضيت له حاجة) [رواه الطبراني في الأوسط، وحسنه لغيره الألباني].

-.  وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهـما أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني أنزع في حوضي حتى إذا ملأته لإبلي ورد علي البعير لغيري فسقيته فهل في ذلك من أجر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن في كل ذات كبد أجرا) [رواه أحمد ورواته ثقات مشهورون، وصحه الألباني].

من أراد الراحة فليعمل لما بعد الموت، نسمع كثيراً عمن ابتلي بمرض أو مصائب فمات أنه قد استراح، وهذا يكون صحيحاً لو كان قد غفر له وكان من أهل الجنة، فليس كل ميت يستريح، فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت: قيل: يا رسول الله ماتت فلانة واستراحت! فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: (إنما استراح من غفر له) [وصححه الألباني]، ويشهد له حديث أبي قتادة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر عليه بجنازة، فقال: (مستريح أو مستراح منه) قالوا يا رسول الله ما المستريح والمستراح منه؟ قال: (العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله، والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب) [متفق عليه]. فالراحة بالعمل لما بعد الموت، اللهم يا ولي الإسلام وأهله مسكنا الإسلام حتى نلقاك عليه، والله أعلم وصل الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


كتبه:

أ.د. خالد فوزي عبد الحميد حمزة

- المدرس سابقاً بدار الحديث  - والمتعاون مع كلية الحرم بالحرم المكي، وجامعة أم القرى ـ سابقاً - والأستاذ المشارك بجامعتي العلا ومينيسوتا.

تعليقات