وسيم الزاهد يكتب: رأيت الله!

  • وسيم الزاهد
  • الثلاثاء 27 أبريل 2021, 11:55 مساءً
  • 1562
الإلحاد الجديد

الإلحاد الجديد

ضاق وقت المذاكرة بأحد الطلاب الجامعيين في ليلة امتحان أحد أصعب مواد الفصل الدراسي؛ فقرر أن يذاكر ثلث المادة ويترك الباقي، ولما تسلّم ورقة الامتحان في اليوم التالي وجد أن الامتحان قد انحصر في الثلث الذي ذاكره إلا في سؤال واحد، إلا أنه لم يكن منه إلا أن نظر عن يمينه فوجد زميلا ً له يندب حظه؛ لأن الامتحان انحصر فيما ترك إلا في سؤال واحد.. بالرغم من أنه ذاكر ثلثي المادة، ونظر عن يساره فوجد آخرا ً.. لا يستطيع أن يجيب على أي سؤال مما في الورقة، فلم يكن منه إلا أن ترك ورقته وأخذ يحرك رأسه بأسف نحو اليمين ونحو اليسار...

منذ ملايين السنين وثعابين الماء التي لا تملك عقلا تقطع الأميال لتصل إلى مثلث برمودا وتضع بيضها ثم تموت، وتخرج بعد ذلك صغارها من البيض قاطعة نفس الطريق لتعود من حيث أتت أمهاتها.

هل تركت لها أمهاتها أجهزة GPS قبل أن تموت؟

منذ ملايين السنين ومولود الكنغر يزحف عائدا نحو أمه بعد ولادته مباشرة ليمكث في جيرابها مدة تقدّر بستة أشهر حتى يكتمل نموه ويخرج للحياة من جديد.

هل علّمه أحد ذلك وهو جنين؟؟ .. هل رأى هذا المشهد من قبل؟؟؟

منذ ملايين السنين والسلوك الأساسي للإنسان واحتياجاته لا تتغير ولا تتبدل، يفكر.. يستنتج.. يتعلم.. يجوع.. يظمأ.. يتزوج.. ينجب.. يمرض.. يموت...) الذي أطلقها من قبل أفلاطون "النظرية الفطرية".

لمَ لم تتغير بمرور السنين؟  

ولكن الكثير من اللادينيين وغيرهم غضوا الطرف عن كل هذا وما كان منهم إلا أن فعلوا كما فعل صاحبنا في القصة التي ابتدأت بها المقال، بالرغم من أنهم يعلمون كما نعلم أن كلا منا غير مسؤول إلا عن ورقة واحدة.. التي لن يدوّن بها إلا ما يفعلون.

إن عقول البشر مهما كانت نابغة لا يمكنها أن تفكر في الإله تفكيرا ماديا؛ لأنه هو الذي أوجدها، وإن كانوا لا يستطيعون أن يطيلوا النظر بأعينهم إلا الشمس لحظات، فمما لا شك فيه أن الذي أمدّها كل هذا النور يملك نورا أكبر منه..

فكيف لهم أن يروه بأعينهم؟

إلا أننا يمكن أن نراه رؤية العاقل المتأمل في كل شئ بل ونشعر بوجوده من حولنا وبتأثيره في دواخلنا، كما يقول الفيلسوف الفرنسي فولتير: "إن في البرغوث شيئا ً من الألوهية"، والمتأمل في عصرنا الحديث سيجد أننا نؤمن بكثير من اللامرئيات:  الذرة.. الإلكترون.. الموجات الكهرومغناطيسية.. فيروس كورونا بعد أن رأينا تأثيره وأجلس العالم كله من الخوف في البيوت.

لابد لنا أن نتيّقن بأن الذي أوجد الكون بكل ما يحيويه ويملك كل شئ فيه.. والذي ندعوه بفطرتنا ومن تلقاء أنفسنا في الأزمات والمعضلات.. أيا ً كانت صفته.. أيا ً كانت ماهيته.. هو أعلم بما يصلح لنا من أنفسنا ولن نستطيع أن نتفهّم كل ما يفعل؛ لأنه لم يمنحنا القدرة على ذلك وعقولنا لا ترتقي لذلك وعلمنا لا يقارن بعلمه.  

أرجو أن تكون متصالحا ً ومتصارحا ً مع نفسك وأن تنصت إلى صوت الفطرة الذي بداخلك. 

تعليقات