نهال قويسني تكتب: رمضان

  • أحمد حمدي
  • الثلاثاء 27 أبريل 2021, 4:45 مساءً
  • 814
رمضان

رمضان

 حين تهل روائح الشهر الكريم، تهب معها نسائم الحنين لذكريات الطفولة الدافئة والشباب اليافع.. تحملني على بساط الأحلام لتداعب ذكريات فرحة الفانوس الملون والشمعة بداخله.. وسعادة أطفال العائلة وهم يجتمعون ليغنوا معا أهازيج الترحيب بالشهر الكريم.

 فرحة غامرة، فرحة صادقة تملأ النفوس الصغيرة، وبهجة عارمة تملأ جنبات الدار، دار تزينها الألفة والمحبة والمودة بين سكانها وزوارها وكل من اقترب من عتباتها، تلك الفرحة التي ما يزال طعمها على لساني بطعم الكنافة والقطايف، وصدي بهجتها يتردد بين أضلعي رغم مرور الأعوام وسنوات العمر.

وتاخذني اللقطة التالية وأنا في أولى مراحل الصبا اتعلم أحكام تلاوة القرآن الكريم على يد والدي رحمة الله عليه.

يعقبها عنفوان الشباب والاعتداد بالعقل والعلم، وتلك التساؤلات الكثيرة التي تملأ النفس حيرة وقلق، لأتذكر أول درس في الحداثة وقوة العقيدة.

حين طلب مني أبي أن أبحث بنفسي في حكمة تشريع الصيام، يوم نصحني أن لا أمارس الشعائر لأن أهلي يفعلون، يوم قال لي إن الإيمان الحق غاية تدرك بالقلب والعقل معا، يوم علمني أن أعتز بعقلي وأتخذ قراري بحرية، يوم نبهني أن هذه هي أضمن وسيلة لترسيخ الإيمان والوصول إلى الثبات عن اقتناع وليس اتباعا أعمي.

 

أتذكر اول مرة صليت فيها التراويح مع الكبار..مع اعمامي وأولادهم..حتي ضاق بنا المكان وامتد إلي خارج الغرفة.. أجواء الود والألفة والمحبة والتراحم..وبهجة القلب بوجود الاهل والأقارب والأحباب مجتمعين حول مائدة رمضان وصلوات التراويح وغناء الأطفال بالفوانيس.

امتد بي العمر وتفرقت المشارب، وقضيت شهر رمضان وحيدة في بلاد عربية وأجنبية بحكم عملي، فلم أجد مثل أجواء رمضان مصر في أي مكان آخر، قرآن المغرب بصوت الشيخ رفعت، ومدفع الإفطار، والأعلام والأنوار تزين الشوارع، والمسحراتي، وموائد الرحمن، وتواشيح النقشبندي، كلها كانت حاضرة في قلبي ووجداني، اهرع إليها لتؤنسني في غربتي ووحدتي.

مشاعر الخير والصفاء والسماحة التي كانت تظلل الأجواء، لتهدأ النفوس وتصفو القلوب ويتعافي البدن من كل موبقات العام، وتسمو الروح فوق الغرائز لتشف لحظات تدنيها من سكينتها، لنتمنى جميعا ونحن نودع الشهر الكريم، بأسى على فراقه، أن تكون السنة كلها رمضان، ليدوم الخير ويدوم الصفاء وتدوم المحبة.

تعليقات