عزة عز الدين تكتب: ثرثرة قلم أخضر

  • أحمد حمدي
  • الإثنين 26 أبريل 2021, 7:35 مساءً
  • 1338
عزة عز الدين

عزة عز الدين

 تُقتُ لذاتي التائهة التي كانت يوم أن سكن قلبي ساحة غَضّة، يوم أن ارتشَفَتْ رحيقَ الود النقي  دون أن يشوبها قطرة عَكِرة.

 

وفي رحلة البحث عن ذواتنا نتعرض لبعض الوخزات حين نتحسس كثيراً من الاختلافات الطارئة، يروق لنا بعضها ونأسف للبعض.

 

أمسكتُ بطرف الخيط حين تذكرت صفحتي القديمة التي أغلقتها دون قصد أثناء العبث بالإعدادات، زُرتها، وفيها انتبهت لطلتي القديمة تأملتها بحثاً عن الاختلاف،  ثم قرأت خواطري المبعثرة، لم أعبأ فيها بفنيات الكتابة ولا التصنيفات الأدبية، ولم أطمح وقتها لأي توثيق.

 

خواطري كانت حالاتي، نبضي، خلجاتي، أسكب فيها فرحي وأملي وندمي_ صدمتي وكبوتي.

 

راقت لي كثيراً صورها، والألوان، والعناوين،   الحب على جناح فراشة، كف البراح، سطر في رواية،  تلك الرواية لازالت ممتدة أخط فيها سطراً بعد سطر كلما فاجأتني الحياة بمنطقها غير المتوقع، أو فرضت عليّ الأيام حالة تدهشني.

 

أجنح دائماً لتجاهل التشكيل سوى للضرورة فهو يأخذني لمعانٍ تغرقني في الحكايات،  هذه الضمة تذكرني حروفها بعناقٍ حار حرمت منه بوفاة أبي،  وهذه الكسرة ذات الخط الصغير المائل بلحظات انكساري ومن منا لم يمر بها، هذه الفتحة تذكرني بحكاية فتح مبين بعد طفرة ناعمة لم تكن في الحسبان، وهذه شدٌة أتمسك بها في علاقتي بأخوتي وصديقاتي وكم أخشى عليها الفتور.

 

أما السكون تلك الدائرة الصغيرة المفرغة كم تروق لي  وبقلمي الأخضر دائماً أجدني أملأ الفراغ ثم أبتسم لهذا العبث في الحركات، أحياناً يكون العبث صالحاً لسد الثغرات والفراغات، أحياناً يسكب احتواء، على أي الأحوال السكون هي الحركة المفضلة بالنسبة لي  حتى حروفها تبعث في نفسي الطمأنينة وبعد هذه الرحلة التي تغرقني في حكايات فتشغلني عن الكتابة.  أضطر مرغمة للتعامل والاستخدام.

 

كنت "ولا زلت" أدقق كثيراً في وضع النقط على الحروف في موضعها الدقيق، خاصة على التاء المربوطة، وكيف أغفلها أمام سطوة الهاء،  كان لعلامات الترقيم بالنسبةِ لي فلسفة خاصة جداً.

 

 أبعد هذه الجملة فاصلة ويتبع؟ أم نقطة حاسمة وينتهي؟!  أهي فقرة تتبعها فقرة أم صفحة تستوجب الطي والكتمان؟

 أتستحق هذه الجملة علامة تعجب بعدها أم الأمور كلها أصبحت عادية؟

 

وهذه علامة استفهام حائرة طالما انتظرت إجابة بعدها فلم تجد، وكأن الأشياء تحدث  بلا سبب أو منطق،  أو أن الإجابة ضلت الطريق، أو ربما اهتدت له ولكن أبت أن تصل، وحتى إن وصلت قد لا تكون مقنعة، أو لا تكون صادقة،  أو صادقة ولكنها تحتاج لعلامة استفهام أخرى بعدها،  كم أشفق على هذه العلامة الحائرة، التائهة، المنقوصة.

 

 وبغض النظر عن هذه الفلسفة أحاول أن أتقن استخدام العلامات حتى أحافظ على علاقتي بلغةٍ أعشقها.

 

فرغت من جولتي بصفحتي وعانقت فيها أطيافاً من زمن ٍ قريب  ونفحات من نفسي التائهة التي لم أجد فيها اختلافاً عن الآن سوى تفاعلات واقعية إجبارية خاضعة لطفرات، وروح تواقة أكثر للسعادة،  و عشق جديد لفنجان القهوة وزهور بنفسجية وأشياء أخرى، فبدا لي أن ملامح الروح لا تتبدل رغم كل الهنّات.

تعليقات