رئيس مجلس الإدارة

أ.د حسـام عقـل

أبرزها كورونا.. عوامل النشاط المتزايد لتنظيم داعش

  • أحمد حمدي
  • الأحد 25 أبريل 2021, 02:20 صباحا
  • 1040
كورونا

كورونا

قال مرصد الأزهر في تقرير له إنه بعد سقوط تنظيم داعش الإرهابي في مدينة "الباغوز" السورية في الشهور الأولى من عام 2019، اعتقد البعض أن التنظيم قد انتهى بانتهاء سيطرته المكانية، على آخر بقعةٍ كان يسيطر عليها، وازداد أصحابُ هذا الرأي تمسكًا بصحة رأيهم بعد مقتل "أبو بكر البغدادي" زعيم التنظيم في العام ذاته، وما أعقبه من هدوء شديد وصمت طويل لمعظم أبواق التنظيم الإعلامية، إلى أن تمَّ اختيار زعيمٍ جديد للتنظيم هو "أبو إبراهيم القرشي"، وبعدها بدأت الأبواق الإعلامية تنشط تدريجيًّا، وبدأ أفراد التنظيم يقومون بعمليات إرهابية ذات طابع فردي، وأهداف إعلامية، ثم ظهر "فيروس كورونا" المستجد، الذي أعطى أفراد التنظيم فرصةَ تنفيذ عمليات إرهابية في سوريا والعراق اعتبارًا من أبريل 2020.

وتابع المرصد أنه مع بداية عام 2021 نشط التنظيم نشاطًا ملحوظًا مرة أخرى في "سوريا والعراق"، وقام بتنفيذ أكثر من 15 عملية إرهابية في شهر يناير من العام سالف الذكر وكان من أهم هذه العمليات الهجوم على حافلة في "دير الزور" السورية راح ضحيته 28 قتيلًا.

وفي 21 يناير، فقدَ 32 عراقيًّا حياتهم نتيجة الهجوم الانتحاري الذي قام به التنظيم في أحد أسواق الملابس المستعملة في "بغداد"، وفي 22 يناير قامت عناصر التنظيم بخطف سيدتين في الحسكة السورية وقتلهما، كما نُفذت العديد من الهجمات في "كركوك" و"صلاح الدين" العراقيتين، وفي أبريل الجاري ذكرت الصحافة البريطانية أن خلايا تنظيم داعش النائمة في سوريا عادت للعمل مرة أخرى، حيث نفّذ الإرهابيون الذين داهموا مركزًا للشرطة في غرب البلاد أكبرَ عملية خطف واحتجاز رهائن خلال السنوات الثلاث الماضية، وكان نتيجة هذه العملية احتجاز 46 رهينة، ومقتل مدني.

ولم تكن هجمات تنظيم داعش الإرهابي خلال عام 2021 قاصرة فقط على سوريا والعراق، بل نفَّذ التنظيم عددًا من العمليات في بعض الدول الأخرى، ففي مارس الماضي، نفَّذ التنظيم الإرهابي هجومًا على فندق "أمورولا" في مدينة "بالما" في "موزمبيق"، ما أسفر عن مقتل ما يقرب من 60 قتيلًا، كما قام التنظيم في 28 من الشهر ذاته بهجوم انتحاري على كاتدرائية "ماكاسار" في شرق "إندونيسيا"، وأسفر هذا الهجوم عن وقوع 20 جريحًا على الأقل، كل هذه الحوادث وغيرها تطرح سؤالًا منطقيًّا، وهو هل سيعود تنظيم داعش من جديد إلى ما كان عليه في عامي 2014، 2015 بنفس إمكاناته المادية والعسكرية والبشرية؟

وللإجابة عن هذا التساؤل، يرى مرصد الأزهر لمكافحة التطرف أن التنظيم لن يعود كما كان عليه في 2014 و2015، من حيث سيطرته على مساحات واسعة من الأراضي مرة أخرى، وإعلان دولته المزعومة عليها، والتنظيم الإرهابي يعي ذلك جيدًا، وقد غيّر من إستراتيجياته، فاتبع إستراتيجية إسقاط المدن، وتواجد أفراده في الجبال والصحاري والقرى المهجورة، كما قام بتفكيك مؤقت لمنظومته العسكرية التي كانت تحوي ثلاثة جيوش: (دابق، الخلافة، العسرة)، واكتفى ببعض الشبكات العسكرية، وبعد أن كان لديه في العراق وحدها أكثر من 20 ألف مقاتل، اكتفى بـ 3 آلاف، وحوَّل الباقين إلى عناصر لوجستية، أو خلايا نائمة يحتاجها وقتما شاء

كما كان له في العراق 13 ولاية مزعومة، فكَّكها واكتفى بولاية واحدة، هذه الولاية تنقسم إلى عدة قواطع، كل قاطع يُقسم إلى عدة شبكات، وتقسم كل شبكة إلى مفارز، هذه الإجراءات صعّبت مهام القوات العراقية، وقوات التحالف الدولي في مطاردة فلول التنظيم وخلاياه النائمة، رُغم أنهم استطاعوا دحر التنظيم في المعارك التقليدية في المدن المفتوحة التي كان يتمركز فيها، كما ساعدته هذه الإجراءات في تنفيذ عمليات إرهابية للاستعراض الإعلامي، ثم بدأت هذه العمليات تزداد تدريجيًّا بداية من عام ،2020 الأمر الذي أثار القلق في العالم خشية عودته مرة أخرى.

إلا أنه رغم هذه التغييرات التي طرأت على إستراتيجية التنظيم الإرهابي، يرى المرصد أن تنظيم "داعش" الإرهابي وإن لم يعد كما كان في 2014 و 2015، من دولة مزعومة كان يريد تأسيسها إلا أنه لا يزال موجودًا بوصفه تنظيمًا، له أفراد، ويمتلك عدة مقومات ساعدته على الاستمرار حتى الآن. ومن أهم هذه المقومات هو: امتلاكه لعدد كبير من المقاتلين الذين  تحولوا إلى خلايا نائمة سواء في سوريا أو في العراق. والشاهد على ذلك تقرير الأمم المتحدة في يناير 2020 الذي حذّر من تنامي تنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق، وقدرته على القيام بعمليات أكثر جرأة، لافتة النظر إلى الخلايا والشبكات السرية في سوريا التي أعاد التنظيم هيكلتها كما فعل في العراق عام 2017.

 

أما العامل الثاني الذي يساعد تنظيم داعش الإرهابي على الاستمرار حتى الآن هو القوة المادية التي يمتلكها. فالتنظيم لا يزال يمتلك المال الذي يضمن له الاستمرارية، ووفقًا للمعلومات التي حصلت عليها بعض الصحف الأجنبية من المؤسسات المالية الأمريكية، فإن تنظيم داعش الإرهابي لديه مئات الملايين من الدولارات، التي استولى عليها إبان سيطرته في سوريا والعراق، وأنه ما زال يمارس أنشطة اقتصادية بصورة غير مباشرة عبر وسطاء من أماكن مختلفة من العالم.

بينما العامل الثالث والمهم في ظهور التنظيم بقوة في العام الأخير فهو "فيروس كورونا" الذي كان فرصةً سانحة استغلها التنظيم الإرهابي في تنفيذ عمليات إرهابية في أماكن مختلفة من سوريا والعراق؛ ففي أول أبريل 2020 أصدرت "مجموعة الأزمات الدولية" تقريرًا مهمًّا حذَّرت فيه العالمَ من استغلال تنظيم داعش الإرهابي لفيروس كورونا، وحالة الاضطراب الناتجة عنه، مؤكدة على ضرورة التعاون الدولي من أجل إعاقة التنظيم عن النشاط والعودة إلى العمليات الإرهابية مرة أخرى، وهذا ما أكَّده مرصد الأزهر في تقارير سابقة؛ حيث ذكر أن التنظيم استغل تعليق قوات التحالف لعملياتها العسكرية في العراق، وانشغال قوات الأمن العراقية بتطبيق حظر التجوال بسبب الفيروس، وبدأ يتحرك على الأرض جغرافيًّا بصورة أكثر حرية، وكانت النتيجة المباشرة لذلك قيام أفراده بعدة عمليات إرهابية، بالرغم من أنها عمليات أصغر بكثير، ولا تُقارن بعملياته التي كان يقوم بها في أوجِّ قوته، إلا أنها عمليات ذات بعدٍ استعراضي وتأثيرٍ إعلامي كبير، يتباهى بها التنظيمُ على منصاته الإعلامية من أجل رفع الروح المعنوية لمقاتليه.

من أجل ذلك يؤكد المرصد أن القضاء على تنظيم داعش يتطلب تعاونًا دوليًّا خصوصًا في تجفيف المنابع المالية للتنظيم الإرهابي، ومساندة المجتمع الدولي لسوريا والعراق على إجراء إصلاحات داخلية على المستويات كافة.

تعليقات