فوزية رشيد مخاطبة الملحدين: "من آمن فلنفسه ومن ضل فعليها!"

  • د. شيماء عمارة
  • الأربعاء 21 أبريل 2021, 11:07 مساءً
  • 1389
التقرب إلى الله

التقرب إلى الله

استكمالا للمقال الأول فإن الإلحاد واللادينية تحولت إلى ظاهرة في المنطقة العربية تتصاعد لأسباب كثيرة، ليس بينها أي تعمق في الدين نفسه! وانتشارها بين الشباب الذي لا يمتلك مفاتيح المعرفة العميقة في الدين أو التاريخ أو اللغة أو مقومات الهوية الذاتية، التي يتميز بها بين شعوب العالم وخاصة حين يبني أفكاره من وسائل التواصل الاجتماعي! أو يتأثر ببعض (التأويلات المغلوطة) للنص الديني وللحديث النبوي ولتاريخ الحضارات والأديان، من كتاب يدعون تجديد الخطاب الديني بنية نسف كل ما في الدين! بدأوا بإثارة الشكوك حول الأحاديث والسنة النبوية وانتقلوا اليوم إلى إثارة الشبهات في القرآن الكريم نفسه، وفي أركان الإسلام الخمسة! وتجديد الخطاب الديني بعيد تماما عما يطرحونه!

 هؤلاء الملحدون واللادينيون الذين انتقلوا بحجة حرية الرأي والمعتقد (من مرحلة التقية إلى المجاهرة ثم المفاخرة! ومنهما إلى مرحلة الهجوم الممنهج والمنظم على الدين والإسلام تحديدا) إنما هم في أغلبهم (زبد الموجة الغربية في العداء للإسلام)! وقد وجدوا في داخل البلدان العربية من يستجيب لتلك الموجة العدائية بكل سطحية، أو لأسباب أهواء خاصة لا تتحقق إلا في اعتناق (الفكر الغربي المادي والإلحادي) رغم تزايد انتشار الإسلام في الغرب للمفارقة!

‬ بضاعة هؤلاء الملحدين واللادينيين الفاسدة يشتريها الشباب الغر وأصحاب العقول السطحية الذين يعتقدون أنهم أصحاب عقول علمية! تزايدوا وانتشروا للعديد من الأسباب الأخرى في السنوات الأخيرة ووسيلتهم هذا الانفتاح الكبير على وسائل التواصل الاجتماعي والمساحات المفتوحة لكل من هب ودب للتنظير على خلفية ما قلناه عن الحملة الغربية الهستيرية ضد الإسلام، وبالمقابل الحملات الإغوائية المدروسة لنشر الإلحاد واللادينية والانحراف واللاأخلاقية والفواحش المعروفة، وتكريس المثلية والشذوذ كموجة عالية باسم الحريات والحقوق!

من الطبيعي أن يتم توظيف مرتزقة فكريين، بل تدريب علماء في الفقه الإسلامي والدعوة من مركز خاص في «البنتاجون»! وإبرازهم كدعاة أو باحثين إسلاميين أو مفكرين في الشأن الإسلامي.. إلخ، وهؤلاء لهم قصة منفردة ليس مكانها هنا! هذا من جانب، ومن جانب آخر تزايد الإلحاد بين الشباب، بعد الأحداث المأساوية التي تسبب بها الغرب نفسه في البلاد العربية في أحداث 2011 وما بعدها تحت شعار الدمقرطة والفوضى الهدامة وبعد صعود نظام الملالي إلى الحكم في إيران وظهور التطرف الديني والإرهاب على يد «القاعدة» و«داعش» (المصنوعين وغيرهما استخباراتيا) من قوى غربية كما تثبت الوثائق! ما دفع العقول الضعيفة والتائهة من الشباب إلى ربط التطرف بالدين والإسلام، تماما كما روج الغرب لذلك! ثم إلى (الإلحاد السياسي) المتأثر بالظروف الراهنة للدول العربية لأن (الإلحاد الإيماني) يحتاج إلى أدوات فكرية واطلاع معرفي واسع لا يمتلك هؤلاء الشباب الملحدون اليوم والمبهورون بحريات وانفلات الغرب أخلاقيا بما يناسب طيشهم، نقول لا يملك هؤلاء أي أسس فكرية وعقلية وتاريخية ومعرفية شاملة للمقارنة من خلالها بين (دين التوحيد ومقوماته وقيمه) وحضارة الغرب المادية بشكل مطلق ومآزقها الدينية والروحية! إلا أنها تقوم بإشباع الطفرة البوهيمية والشهوانية لديهم كشباب، ما يجعلهم هؤلاء الشباب فريسة سهلة لتقبل المهاترات والشبهات والتشكيك في الدين والانسياق وراء الجملة الغربية بربط التطرف والإرهاب والتخلف بالإسلام! رغم أن شباب الغرب نفسه يدخل الإسلام أفواجا أفواجا في السنوات الماضية خاصة وهي سنوات الهجمة والعدائية والإسلاموفوبيا في الغرب!

الدين للبشرية هو دين واحد منذ أن خلق الله آدم، وآيته الأخيرة والمكتملة والباقية هي الإسلام خاتم الأديان لكل هذه البشرية والسنة النبوية الصحيحة بعد أن تم التلاعب والتحريف في التوراة والإنجيل!

الغريب أن هناك انتشارا للنماذج اللادينية والإلحادية أيضا وأصحابها لا يمتلكون أدوات التخصص والمعرفة العميقة في الدين والتاريخ والحضارات، وهؤلاء هم من يتسلطون في كل الأوقات وفي المناسبات الدينية وبدون مناسبة على عقول الناس لحرفهم عن إيمانهم بالتشكيك والمهاترات بادعاء أن عقولهم علمية رغم أن هناك علماء كبارا في الغرب والعالم كانوا ملحدين وتوصلوا عبر العلم نفسه وتخصصاتهم العلمية الدقيقة والفيزيائية وعلوم الكون والإنسان إلى الإيمان! منهم كثير من دخل الإسلام تحديدا من باب العلم، والأمثلة كثيرة لا يتسع المقام هنا للحديث عنها وإحصائها واليوتيوب مليء بحكايات هؤلاء وغيرهم من المشاهير.

للغرابة أيضا أن (اللادينيين والملحدين العرب) لا يعالجون إفلاسهم الفكري وضعفهم البحثي في علوم الدنيا والدين بمعرفة أسباب تخلي أولئك العلماء الكبار في الغرب وفي مشارق الدنيا ومغربها مثلا عن الإلحاد ودخولهم الإسلام! بل يكتفون بنقل أفكار غيرهم الإلحادية إلى الشباب العربي ويعملون على ترويجها ثم يتفاخرون بعقولهم العلمية والمادية التي لا يفقهون في الأغلب عن أبجدياتها، والأسباب التي دفعت الغرب تاريخيا وحضاريا إلى تبني (المادية المطلقة) في القرن العشرين!

بل هم لا يملكون أدوات التعمق في الحضارات القديمة ويتهمون أن الإسلام أخذ عنها! رغم أن كل الحضارات هي نتاج الإنسان القديم العاقل وأول إنسان عاقل هو آدم كما قلنا دائما، الذي علمه الله الأسماء كلها أي المعارف كلها، ومنها ومن الرسل أخذ البشر معارفهم لبناء الحضارات القديمة وقيامها وليس العكس! دين الله باق حتى قيام الساعة، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكارهون! ومن آمن فلنفسه ومن ضل وكفر فعليها! ولله في خلقه شؤون!

تعليقات