مقتل الرئيس التشادي يثير القلق في المنطقة

  • د. شيماء عمارة
  • الأربعاء 21 أبريل 2021, 10:22 مساءً
  • 518
الرئيس التشادي الراحل إدريس ديبي

الرئيس التشادي الراحل إدريس ديبي

ثغرات أمنية يفتحها مقتل الرئيس التشادي إدريس ديبي محلياً ولكنها أيضا تفاقم شبح الإرهاب بالمنطقة وتقرع جرس الإنذار على الحدود.

خبراء أجمعوا، على أن رحيل ديبي سيلقي بظلاله على الأمن داخليا وإقليميا، في حال عدم إقرار التحركات اللازمة لضبط الحدود خصوصا مع الجارين ليبيا والسودان.

رحيل يعتقد الخبراء أنه قد يفسح المجال واسعا أمام تصاعد نفوذ الجماعات الإرهابية في الساحل والصحراء الأفريقيتين، خصوصا أن ديبي كان الحليف القوي للقادة الأفارقة والغربيين المنخرطين ضمن جهود مكافحة الإرهاب.

وتوفي الرئيس التشادي الذي يحكم منذ 30 عاما، الثلاثاء، متأثرا بجروح أصيب بها على خط الجبهة في معارك ضد المتمردين، شمالي البلاد، خلال عطلة نهاية الأسبوع، وفق ما أعلن المتحدث باسم الجيش للتلفزيون الرسمي.

ويقود الجيش التشادي معارك ضد قوات معارضة ينتمي بعضها لقبائل القرعان والبعض الآخر لقبائل مختلفة من بينها قبيلة الزغاوة التي ينتمي إليها ديبي نفسه والذي حكم البلاد منذ الإطاحة بسلفه حسين حبري في العام 1990.

في تعقيبه، يرى السفير صلاح حليمة، مساعد وزير الخارجية الأسبق، ونائب رئيس المجلس المصري للشئون الإفريقية، أن مقتل الرئيس التشادي وغيابه عن المشهد السياسي في البلاد أمر يدعو للقلق من تصاعد نفوذ الجماعات الإرهابية بمنطقة الساحل والصحراء.

وقال حليمة إن "للمتمردين في تشاد اتصالات مباشرة مع منظمات إرهابية وتنظيمات متطرفة عديدة، وهو ما يثير بقدر كبير قلق وحذر دول الجوار، خاصة السودان في ظل رغبة الأخيرة الحفاظ على الاستقرار والتنمية المستدامة والإصلاح الاقتصادي، علاوة على التوجهات الحالية في ليبيا للمحافظة على وحدة الأراضي وعودة الأمن للبلاد".

ونبه إلى أن ما جرى في تشاد يلقي بظلال كثيفة على الأوضاع الأمنية بدول الجوار لاسيما السودان وتحديدا إقليم دارفور (غرب)، ودولة ليبيا.

وتحسبا لأي زعزعة لأمن واستقرار السودان، أضاف حليمة أن الخرطوم نشرت قوات على الحدود مع تشاد، علاوة على تحركات بين ليبيا ومصر من أجل تأمين الحدود بين البلدين.

ورأى السفير أن التحرك العملي الحالي ينبغي أن يكون على مسارين؛ الأول يشمل وقفا سريعا لتحرك المتمردين والمليشيات المتطرفة؛ حتى لا يصل هؤلاء إلى رأس السلطة بشكل يؤدي لزعزعة الاستقرار والأمن بمنطقة الساحل.

وبالتوازي – يؤكد- مطلوب تكثيف الاتصالات السياسية من أجل العمل على سرعة الانتقال السلمي للسلطة، عبر إجراء انتخابات في أسرع وقت تحت إشراف إقليمي ودولي.

 نائب رئيس المجلس المصري للشئون الإفريقية، شدد أيضا على أن باريس لن تسمح بسيطرة المتمردين على السلطة بدولة تشاد، وستعمل بقدر الإمكان على وقف أي تحركات للمعارضة المسلحة، من خلال التنسيق مع الولايات المتحدة ودول الجوار على نحو يعيد الاستقرار والأمن للبلاد، ويمنع أي تأثيرات سلبية على أمن دول الجوار.

وأشار إلى أن "الدور الفرنسي يظل محرك التطورات في تشاد بشكل كبير؛ لأنها تتمتع بنفوذ كبير بهذا البلد ومنطقة الساحل"، مذكرا بالقاعدة العسكرية الفرنسية في البلاد، والتي جرى استخدامها في عام 2019 حين تدخلت للتصدي لمحاولة انقلاب ضد الرئيس التشادي.

ووفق السفير المصري، فإن الرئيس التشادي تمكن خلال الفترات السابقة من تحقيق استتباب نسبي للأمن في بلاده، والعمل مع دول الجوار في مواجهة التنظيمات الإرهابية سواء كانت "بوكو حرام" أو "داعش" أو غيرها من التنظيمات المتشددة فى ليبيا، وهو ما ساهم في تحقيق الأمن والاستقرار بمنطقة الساحل.

من جهته، حذر اللواء محمد عبد الواحد، الخبير المصري في الأمن القومي والشؤون الإفريقية، من خطورة وتأثيرات الأوضاع في تشاد على دول الجوار الجغرافي لاسيما السودان وليبيا والنيجر.

واستبعد، في هذا السياق، حدوث انتقال سلمي للسلطة في تشاد بشكل سريع، متوقعا أن "الأمور ستأخذ وقتا طويلا"، كما حذر من انتقال تجربة ما حدث في تشاد إلى دول في الجوار الجغرافي.

ونبه إلى أن ما جرى في تشاد سيكون له تأثير كبير على السودان، خاصة أن قبيلة الزغاوة ممتدة بين السودان وتشاد، والتجربة التي حدثت في السودان وتقاسم الحكومة الانتقالية بين المجتمع المدني والعسكري قد تتكرر في تشاد.

وقتل ديبي، البالغ من العمر 68 عاما، متأثراً بجراح أصابته في إحدى المعارك التي كان يقودها الجيش التشادي ضد قوات معارضة ينتمي بعضها لقبائل القرعان والبعض الآخر لقبائل مختلفة من بينها قبيلة الزغاوة التي ينتمي إليها ديبي نفسه.

وشدد عبد الواحد على ضرورة احتواء الموقف في تشاد؛ معتبرا أنه "ينذر بخطر شديد، خاصة أن الشارع يتسم بحالة كبيرة من الغليان والاحتقان في الداخل".

وأشار عبد الواحد إلى أن "المعارضة المسلحة استطاعت أن تجد الملاذ الآمن في ليبيا بسبب الحالة الرخوة وعدم استتباب الأمن بشكل كامل، حيث تلقت التدريبات والدعم اللازم للهجوم على تشاد".

وحذر من أن "حالة عدم الاستقرار في ليبيا تشكل بيئة حاضنة للتنظيمات الإرهابية وللجماعات المسلحة وتلقي الدعم والتمويل، ثم الانتقال والتواجد في بلدانها".

خبير الأمن القومي والشؤون الإفريقية دعا، في السياق نفسه، إلى التحرك السريع من أجل عقد مؤتمر لدول الجوار الإقليمي، خلال الأيام المقبلة، يبحث الخطوات العملية اللازمة لتأمين الحدود واستعادة الاستقرار والأمن في تشاد.

وقال إن الأوضاع في تشاد ليست واضحة بشكل كبير حتى الآن، فما حدث ربما يكون شكلا من أشكال الانقلاب، لاسيما في ظل وجود شكوك حول حادث مقتل "ديبي" نفسه والتوقيت، وجاء البيان الصادر عن المتمردين للإيحاء بهذا الأمر.

وفي أول رد فعل سوداني رسمي على مقتله، قال مجلس السيادة الانتقالي السوداني إن ديبي لعب أدوارا كبيرة في تعزيز العلاقات بين البلدين، فضلاً عن جهوده ودعمه لتحقيق السلام بالسودان.

فيما أصدر ما يسمى بـ"المقاومة الوطنية لجبهة الوفاق من أجل التغيير في تشاد"، الذي قتل ديبي خلال مواجهة مع قواتها، بيانا صحفيا حول مجريات الأحداث التي تمر بها تشاد.

وقال البيان "إن تشاد ليست ملكية، ولا يمكن أن يكون هناك تفويض وانتقال للسلطة بين الأسرة الحاكمة".

تعليقات