باحث بملف الإلحاد: الفرائض في الإسلام أبرز الأدلة على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
- الجمعة 22 نوفمبر 2024
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه..
أما بعد..
فقد قال الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ
الْقُرْآنُ} [البقرة: 185]، فهذا الشهر العظيم هو شهر القرآن، ومن هنا كان جبريل
عليه السلام يدارس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن كل ليلة في رمضان، ففي
الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود
الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن
فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة)، وهي المطلقة التي
يدوم هبوبها ويعم نفعها، وفي رواية: (وكان جبريل عليه السلام يلقاه كل ليلة في
رمضان حتى ينسلخ) أي إلى انتهاء رمضان، ومعنى ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان
أسخى الناس ولا سيما إذا دارسه جبريل القرآن في رمضان، وكان ذلك في كل ليلة حتى
ينسلخ الشهر أي ينتهي، وفي الصحيحين عن عائشة: قالت: كنا - أزواج النبي صلى الله
عليه وسلم - عنده. فأقبلت فاطمة ما تخفى مشيتها من مشية رسول الله صلى الله عليه
وسلم فلما رآها قال: مرحبا بابنتي ثم أجلسها ثم سارها فبكت بكاء شديدا فلما رأى
حزنها سارها الثانية فإذا هي تضحك فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتها
عما سارك؟ قالت: ما كنت لأفشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم سره، فلما توفي
قلت: عزمت عليك بما لي عليك من الحق لما أخبرتني. قالت: أما الآن فنعم أما حين سار
بي في الأمر الأول فإنه أخبرني: "أن جبريل كان يعارضه بالقرآن كل سنة مرة
وإنه قد عارضني به العام مرتين ولا أرى الأجل إلا قد اقترب فاتقي الله واصبري فإني
نعم السلف أنا لك" فلما رأى جزعي سارني الثانية قال: "يا فاطمة ألا
ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة أو نساء المؤمنين؟". وفي رواية: (فسارني
فأخبرني أنه يقبض في وجعه فبكيت ثم سارني فأخبرني أني أول أهل بيته أتبعه فضحكت).
ومعناه (عارضني) أي من المعارضة وهي المقابلة، أي يدارسني.
ولذا كان الكثير من السلف من الصحابة فمن بعدهم يتركون الكثير من
العلوم والأمور ويقبلون على القرآن في هذا الشهر، ومنهم من كان يقرأ القرآن كثيراً
في غير رمضان، فإذا جاء رمضان ضاعف اجتهاده. وجاء عن الزهري أنه كان إذا دخل رمضان
يفر من الحديث ومجالسة أهل العلم ويقبل على تلاوة القرآن من المصحف، وكان سفيان
الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن. وكان الإمام مالك
بن أنس رحمه الله تعالى إذا دخل رمضان يفرُّ من الحديث، ومن مجالسة أهل العلم،
ويُقبل على تلاوة القرآن من المصحف.
وفي مصنف عبد الرزاق عن الأسود بن يزيد أنه كان يختم القرآن في ليلتين وينام ما بين المغرب والعشاء في
رمضان، وعن علي الأزدي، أنه كان يختم القرآن في رمضان كل ليلة وكان ينام ما بين المغرب والعشاء.
وفي مصنف ابن أبي شيبة عن أبي عبيدة، قال عبد الله: من قرأ القرآن في
أقل من ثلاث فهو راجز. وكان ابن مسعود يقرأ القرآن في كل ثلاث وقلما يستعين
بالنهار. وعن أبي قلابة، عن أبي: أنه كان يختم القرآن في ثمان. وأن تميما الداري
كان يختم القرآن في سبع. وعن إبراهيم، قال: كان الأسود يقرأ القرآن في شهر رمضان
في ليلتين ويختمه في سوى رمضان في ست، وكان علقمة يختمه في خمس. وعن علقمة: أنه
كان يقرأ القرآن في خمس، وكان الأسود بن يزيد يقرؤه في ست. وعن إبراهيم، قال: كان
عبد الرحمن بن يزيد يقرأ القرآن في كل سبع، وكان علقمة والأسود يقرؤه أحدهما في
خمس والأخر في ست، وكان إبراهيم يقرؤه في سبع. وعن هشام بن عروة، قال: كان عروة
يقرأ القرآن في كل سبع. وعن أبي مجلز، قال: كان يؤم الحي في رمضان وكان يختم في
سبع. وعن المسيب بن رافع، قال: كان يختم القرآن في كل ثلاث، ثم يصبح اليوم الذي
يختم فيه صائما.
وبوَّب ابن أبي شيبة بباب: [من رخص أن يقرأ القرآن في ليلة وقراءته في ركعة]، وساق الأسانيد عن ابن سيرين: أن تميما الداري قرأ القرآن كله في ركعة. وعن حماد بن أبي سليمان، قال: سمعت سعيد بن جبير يقول: قرأت القرآن في الكعبة في ركعة. وعن عثمان: أنه قرأ القرآن في ركعة في ليلة. وعن علقمة: أنه قرأه في ليلة بمكة. وعن مجاهد، قال: كان علي الأزدي يختم القرآن في رمضان في كل ليلة.
كتبه:
أ.د خالد فوزي حمزة
الأستاذ
المشارك بجامعتي العلا ومينيسوتا