أحمد فاضل يكتب: المكشوف غير المرحب به في "عرين الجسد " للكاتب الفلسطيني رجب الطيب

  • جداريات Jedariiat
  • الجمعة 03 يوليو 2020, 1:44 مساءً
  • 1136
الناقد أحمد فاضل

الناقد أحمد فاضل

رواية "عرين الجسد " للكاتب رجب الطيب، تحكي قصة الشابة نشوى في سردية- سياحية، إيروتيكية- فيها الكثير من التعدي لمجتمع المقدسيين، تخللها الكثير مما يطلق عليه بسيناريو الأفلام التشويقية – المليئة بالتوابل والبهارات، كما يحلو للصحافة الصفراء نعتها.

وعلى الرغم من الرفض الثقافي لهذه السرديات، لم يُنظر إلى تداول الأدب المثير "الإيروتك "  على أنه مشكلة رئيسية قبل اختراع الطباعة، حيث إن تكاليف إنتاج المخطوطات الفردية له محدودة بالتوزيع على مجموعة صغيرة جداً من القراء المتعلمين آنذاك، حيث جلب اختراع الطباعة، في القرن الخامس عشر  سوقاً أكبر وقيوداً متزايدة، بما في ذلك الرقابة والقيود القانونية على النشر على أساس الفاحشة، ولهذا السبب، أصبح الكثير من إنتاج هذا النوع من المواد يتداول بشكل سري، لكنه وبسبب المتغيرات الفكرية والثقافية في أمريكا وأوربا، فقد كفل الدستور هناك حرية نشر كل ما له علاقة بالأدب الإباحي بعد ذلك.

نعود لنشوى الفتاة الفلسطينية الشابة والجميلة، المتمردة على واقعها،  والتي تعيش في القدس المحتلة ضمن عائلة محافظة كأي عائلة شرقية، لكنها وبسبب جمالها نراها تحاول تسويقه لصالح حريتها وخروجها عن التقاليد المعروفة هناك، الرواية تأخذنا بعد فصول مطولة إلى قصة زواجها من سمير وهو رجل يكبرها بسنوات، ميسور الحال يعيش في كندا ولديه شركة كبيرة، يأخذها إلى هناك لتعيش كالأميرات، لكنها وبسبب علاقتها بأول حبيب لها هنا يبرز عامل المقارنة التي تتخللها سردية مطولة من الوصف الإباحي والذي تعتبره نشوى استعباداً لجسدها من قبل زوجها، مقابل إغراقها بالذهب والمجوهرات، لكنه بنفس الوقت نراه يخونها مع سكرتيرته ليزا، وهو أمر طبيعي للذي يسكن دولة أجنبية مباح فيها أي شيء حتى الجنس، القصة تنتهي بالطلاق بعد تفاهم بإعطائها مبلغاً كبيراً من المال، والاحتفاظ من قبل زوجها بابنتيهما اللتين أنجباهما بعد أكثر من عشر سنوات من زواجهما، هنا لا بد أن نتوقف أمام سؤال: كيف تضحي الأم بابنتيها من أجل حرية مزعومة مبنية على الباطل؟ وقبل عودتها إلى أهلها في القدس تقيم في بيت عصام سكرتير زوجها، وذلك لإكمال معاملاتها، فتنام معه هو الآخر، وعند عودتها تقوم بشراء شقة لها بعيداً عن أسرتها في رام الله حتى تشعر بحريتها أكثر والتي سُلبت منها كما- تفسرها- ويفسرها مؤلف الرواية على أنها جزء من الكتابة الشبقية المعروفة بالإيروتيك، والذي يفسح المجال أمام فصول أخرى أراها غير واقعية، لعلاقات تربطها مع عديد من الشباب من أمثال: مراد،  عمر، وسيم، نشأت، فهل هذا ممعقول؟

كانت إقامتها قبل الأخيرة في القاهرة– شرم الشيخ– الإسكندرية، التي لم تقم بهما طويلاً، وكأن هذه المدن الثلاث يرفضن إقامتها فرجعت إلى كندا تحمل سفاحاً أصرت على تربيته هناك، كتعويض لأمومتها التي خسرتها، هذا السيل السردي برأيي قد أساء كثيراً لمجتمعنا العربي، وخاصة الفلسطيني، ولو أنه كان قد تناوله من وجهة نظر سوسيولوجي لكفى، لكنه لم يمنحنا حجة واحدة لسلوك نشوى الذي جرها لهذا الفسوق غير المرحب به بتاتاً.


 أحمد فاضل

ناقد ومترجم عراقي

تعليقات