الحافلة.. قصة قصيرة للكاتبة وفاء عبد الحفيظ

  • جداريات 2
  • الخميس 28 مايو 2020, 9:26 مساءً
  • 912
الكاتبة وفاء عبد الحفيظ

الكاتبة وفاء عبد الحفيظ

امتطى صهوة قلبه، لبى نداء العادة، شرع في ارتداء ملابسه، انتقى البدلة التي أعدها للمناسبات، رغم المعاناة في الترجل،حثّ الخطا ليصل إلى المحطة، ظلّ واقفاً طويلاً،جاءت الحافلة مكتظة بالركاب، الحر شديد، فجأة صرخ متألماً،أحدهم قد اندسّ بينه وبين آخر بجواره، نظر إليه شذراً،لم ينطق بكلمة لكن الرجل صاح في غضب شديد:- الدنيا صيام متململاً منه، فقد كان الأمر أشبه(بعلبة السردين ) رائحة العرق أزكمته،أراد أن يبحث عن متسع ريثما يريح قدميه ولو لمسافة خطوتين، ينقل فيهما قدميه، لمح بصعوبة النافذة، علم بقدوم محطته، سرعان ما أتت، هبط منها،استلقط أنفاسه المتعبة،وقف  يرتب هندامه   متمتماً -الحمد لله- تتساقط قطرات العرق من جبينه، أخرج منديلاً ثم صرخ قائلاً:-  المحفظة المحفظة- لا حول ولا قوة  إلا بالله العلي العظيم- وقف حائرا ً مردداً: - ماذا أفعل؟! ليست من عاداتي أأقوم بزيارة ابنتي هكذا تُرى ماذا يقول زوج ابنتي؟! ألهذا الحد أصابني العوز؟ أهكذا تؤول الأمور؟

أحفادي الذين اعتادوا من جدهم الحلوى و(الفوانيس) السعادة التي تغمرني قبلهم حين يحملون الحقائب التي امتلأت بأنواع الياميش، هل أظل صامتاً دون بنت شفة؟ هانذا أصل إلى المنزل ربما كان الرجوع أجدر وأكرم لي ولابنتي، لكنها اعتادت هذه الزيارة كل رمضان، تتشبث بي، أن أظلّ عندها بضعة أيام،لابد مما ليس منه بد، واضعاًيده على الجرس إذا بالباب يُفتح تأخذه ابنته بالأحضان قائلة: كل سنة وانت طيب يا بابا لماذا كل هذا؟ فاغراً فاه مشيرة إلى زاوية بها شنط لقد أحضرها(عم كريم ) صاحب محل الياميش كما أوصيته من أيام قبل رمضان.


تعليقات