الروائية عبير سليمان لـ"جداريات" : المرأة المصرية تتخبط حول هويتها.. ولم يُعبَر عنها بالشكل المطلوب

  • معتز محسن
  • الأحد 15 سبتمبر 2019, 9:05 مساءً
  • 1271
محرر جداريات مع الكاتبة عبير سليمان

محرر جداريات مع الكاتبة عبير سليمان

هي كاتبة تحمل في مدادها الأدبي الرؤية الصحفية للتعبير عن المجتمع بنقد مهني ومحترف يعرف هدفه في الوصول إلى المبتغى المنشود ألا وهو القارئ الشامل كما قال عنها الناقد الكبير د/ حسام عقل حيث ذكاؤها الملحوظ في مخاطبة كل الأطياف دون نظرة متعالية أو رؤية متفلسفة كما قال المفكر الكبير سلامة موسى: التساوي لا التعالي.

إنها الروائية والصحفية والناشطة في حقوق المرأة ورئيس مؤسسة "ضد التمييز " عبير سليمان التي اتسع صدرها لـ"جداريات" لإجراء حوار ممتع وشيق يساهم في اقترابنا من عالمها الروائي والصحفي الذي يغوص في أغوار النفس البشرية للإطلاع على أسرار المجتمع عبر المدرسة التسجيلية والسيكولوجية في فن السرد الروائي.

 و إلى نص الحوار

 لو أردنا أن نُعرف الجمهور بعبير سليمان، فكيف تعرفينا بها في سطور ؟

أنا صحفية وكاتبة ، عملت بالمجتمع المدني وباحثة في شئون المرأة ورئيس مؤسسة ضد التمييز ، و أعد الآن رسالة دكتوراه في الإعلام التربوي عن التنور البيئي و الاجتماعي لدى المرأة المصرية في مجال الرواية ، شغلي الشاغل عبر المجال الروائي والأكاديمي بلورة قضايا المرأة المختلفة لوضع حلول جذرية لها من أجل تكوين مجتمع أفضل.

كم عدد أعمالك الإبداعية؟

روايتان ، الأولى (صليب الحب وسياسة القرآن) والثانية (عاشق المسبحة) والتي تتحدث عن الفساد والسلبيات المتعددة التي يعاني منها المجتمع ، متكئةً على الجرأة الفنية قبل اللجوء للإجراءات الإصلاحية لمحو كل الثقوب السوداء المعششة بقلوبنا بسبب إستخدام المسبحة لأغراض باطلة يرتكب باسمها العديد من الموبقات عبر أدعياء الفضيلة والأخلاق الحميدة.

ما التيمة التي تميزت بها رواياتك؟

ما يشغلني في رواياتي الخلط المستمر بين المصالح والمشاعرالإنسانية والتي تسببت في العديد من التشوش والتشوه للشخصية المصرية في الآونة الأخيرة علاوة على خلط الأمور بين الفضيلة والرذيلة حسب الأهواء الشخصية التي نراها في الشخصيات الإنتهازية وهذا ما وضحته في شخصية (عاشق المسبحة) أحمد مهاب إلى جانب الشخصيات التي إستغلت الدين بشكل خاطيء أدى إلى ما نعانيه الآن من تابوهات تسلطية أثرت على بشريتنا وكبلت قدراتنا الإبداعية التي تعاني الكثير والكثير.

هل تعتبري نفسك من كتاب الواقعية النقديةلما تحمله رواياتك من نفحات تسجيلية ترصد وقائع المجتمع؟

بالفعل أنا أعتبر نفسي ضمن هذا التيار ، لرصد التبدلات المستمرة التي تنتاب المجتمع وهذا ما ركزت عليه في روايتي محلقة في واحة التأمل والخيال حتى أنجح في رصد الواقع عبر الأسلوب السردي الأدبي الذي لا يعرض الواقع بمباشرة ساذجة بل عبر النقد المهني الملامس للروح المتأدبة ، لإفهام الناس بالواقعية المركبة التي نحياها الآن في ظل التناقضات الزاخمة في حياتنا البشرية.

 من أكثر شخصية في روايتيك الأقرب لقلبك ؟

 شخصية أحمد مُهاب بطل روايتي (عاشق المسبحة) المليئة بالتناقضات والتضاربات و هذا وضحته باختصار( ثائر بلاصوت ، متآمر بلا سند ، وطنية بلا عمل) ، ورغم  ذلك تعاطفت معه بشدة لثراء شخصيته المتخمة بكل التفاصيل الإنسانية ما بين الصالح والطالح.

هل أنت مع مصطلح الأدب النسائي؟

الأدب النسائي هو طريق منفرد له سمات خاصة لم يُطلق له العنان حتى الآن في التعبير عن المرأة ، لأن المرأة محملة بوجدانيات متوهجة لم تنفجر بعد ، لذلك لابد من ترك الكاتبات بإطلاق العنان لخيالهمن كي يبرزن لنا ما يساهم في بلورة كتاباتهم عبر مختلف الأشكال الأدبية ما بين الشعر ، النثر ، الرواية ، المسرح والنوفيلا حتى نحذو حذو الأدب النسائي العالمي الذي تمتع بجو تنسم الحرية والمنطقية والموضوعية.

من رائدة الأدب النسائي من وجهة نظرك؟

مي زيادة تلك الأديبة اللبنانية المولد والمصرية الهوى صاحبة الرؤية الأفلاطونية في الشعر والنثر ، أعطت للأدب تصويرًا شيفونيًا نجحت في التعبير عن هذا الاتجاه بقلمها الرشيق الرصين الجامع بين المرونة اللبنانية الجميلة والأصالة المصرية العريقة.

أيضًا أعشق الأديبة الكبيرة ذات الحالة المتفردة سواء اتفقنا أو اختلفنا معها  أحلام المستغانمي لكسرها تابوهات كثيرة بقلمها الثائر ذو التمرد الناعم.

هل نجحت المرأة من وجهة نظرك في التعبير عن نفسها بالشكل الملطوب في الأدب؟

إطلاقًا لازالت هناك تابوهات سيئة تهين المرأة بتصويرها في أوضاع سيئة في العديد من الروايات التي تكتب من النساء أكثر من الرجال بوصفها لعوب، مهانة أو في صور رموز منحرفة تضعها في قالب المعالجة التجارية الرخيصة التي لا تليق بها ، و من هنا أناشد الجميع بأن ينظروا للمرأة في الأعمال الإبداعية نظرة موضوعية تليق بمكانتها مع رصد السلبيات حتى لا نخرج عن إطار الموضوعية التي تحافظ على كيان العمل الإبداعي.

كيف تنظرين للمرأة كإنسانة ومبدعة في السنوات الأخيرة من العام 2011 و حتى لحظتنا الراهنة؟

المرأة المصرية مازالت تتخبط في بحثها عن هويتها المتكاملة من أجل الحصول على كل ما تحلم به منذ قديم الأزل وبالتالي هي في حالة تحدٍ كبير من أجل إثبات الأدلة التي تجعلها تستحق تلك المكتسبات التي أرى أنها ظاهرية أكثر منها واقعية وعملية بشكل ملموس فلكي نصل لهذا المطلب علينا أن نتخطى النخبة ونركز على عموم النساء في كافة مناحي الحياة ما بين العلم والسياسة والتربية والأخلاق.

من أكثر كاتب في رأيك نجح في التعبير عن المرأة؟

لا يوجد من أنصف المرأة بالشكل المطلوب ولو أردنا الإنصاف رغم تحفظي هذا ، أرى يوسف إدريس هو أكثر كاتب أعطى للمرأة النموذج المطلوب في رواياته وقصصه القصيرة مثل : النداهة – الحرام – البيضاء – على ورق سلوفان ولكن بشكل بسيط.

مَن مِن الكاتبات الأجنبيات تعتبرينها أكثر من عبرن عن المرأة وتتمني وجود مثلها في مصر ؟

أنا لم أركز على الأدب الأجنبي بالشكل المطلوب ، لعله قصور مني ولكن أرى أن البريطانية أجاثا كريستي هي أكثر كاتبة نسائية قدمت الأدب الجماهيري عبر الروايات البوليسية إلى جانب المسرح الذي إخترقته بعملها المبدع عن فرعون التوحيد الملك أمنحوتب الرابع المعروف بإسم (إخناتون) بعد إندلاع ثورته الدينية الشهيرة التي واجهت كهنة آمون ما بين طيبة وتل العمارنة.

هل هناك مشروع إبداعي جديد تعدين له في الوقت الحالي؟

رسالة الدكتوراه التي ذكرتها في بداية الحوار أعتبرها رواية من نوع جديد لحيوية الموضوع المختار ، الذي أسعى من خلاله بإلقاء الضوء على التنور البيئي والاجتماعي لدى المرأة المصرية لتحسين الرؤية الروائية عنها عبر العلم والمنهجية وأكثر ما يسعدني هو وجود د/ حسام عقل الناقد الكبير ضمن أحد المشرفين على رسالتي مما يضفي على موضوعي بعدًا جميلاً فيه نفحة الأدب والمنهجية العلمية.

 في نهاية الحوار ما أمنيتك لمصر في الفترة القادمة؟

أتمنى لمصر استعادة المكانة العالية في مختلف المجالات وأتمنى للمرأة أن تكون أكثر تنويرًا والشباب أكثر تمكينًا لأن الشباب هم عماد الأمم كما قال المعلم الأول أرسطو طاليس.

 

تعليقات