عزة عز الدين تكتب: كن لطيفًا معي أكثر!

  • أحمد عبد الله
  • السبت 19 ديسمبر 2020, 9:25 مساءً
  • 597
الكاتبة عزة عز الدين

الكاتبة عزة عز الدين

مثل هذه الأيام من ديسمبر الماضي لم أكن أعلم أن على الطريقِ منعطف آخر أكثر قسوة، كنت دائماً أدعو الله أن يؤخره رغم إيماني الثابت به،  لأن في الحياة أرواح من نور، سعيد الحظ من عرفها والأسعد من كانت في قلبه، أرواح في فقدها حتماً سيخفت النور حتى إشعار آخر.

مثل هذه الأيام كنت لا أزال كما أنا، ماهرة في اصطياد الفرح وصنع البهجة، شديدة التصالح مع نفسي والحياة، أتشبث بابتسامة مفعمة بالأمل يغبطني عليها الكثيرون وكانت بالفعل ثروة، ربما لأني كنت مطمئنة لهذا الوجود، أبٌ في حضوره هالة من حنان يكفيني فقط أن أقترب لأطمئن.

وفي دروب الأيام إذا ما صادفتني عثرة أهرع إليه، أجلس إلى جواره وأحتضن بذراعي الأيمن ذراعه الأيسر ثم أميل برأسي على كتفه أتوسده_ هكذا أفعل مع من أحب_ أغيب في غمرة من السكينة تخلق وصالاً من نوع آخر، وصال أصيل آمن لا يعرف الغدر أو التخلي أو حتى التحول، وصال قادر على الطمئنة كهدهدة طفلة تاقت لقطعة حلوة فغمرها بكل الأنواع، أكلت وفرحت ولعبت.


مثل هذه الأيام كنت كمن تأبى الخروج من الشرنقة وإن تجاوزت الخمسين، كانت خيوط الحرير تحيط بي، غزلتها أيادٍ طيبة، وروح نقية صافية، وقلب في خفقاته كل ألوان الحب.

ديسمبر الماضي مرّ سريعاً ولم يترفق بي، في نهايته عشت أمرّ لحظات الوداع، ودعت أبي للمرة الأخيرة في مسجد شباب أهل الجنة ولعل في هذا الاسم زخات البشرى بروح وريحان وجنة نعيم.


أما بعد 

فلم أعد ماهرة في اصطياد الفرح كما كنت، غادرت الشرنقة فتخلى عني الحرير، واجهت الحياة مؤخراً بنبض ٍ آخر فتأزمت أموري بعض الشئ، تبعثرت معتقداتي في خضم تفاصيل أعجز عن فهمها أحياناً،  وكأني أعيد اكتشاف نفسي والحياة من جديد،  عشت في هذا العام فقط أشياء مختلفة لم تخطر لي أبداً على بال، لها ما لها وعليها ما عليها، وفي كل خطوة أنظر إلى صورتِه المعلقة أمامي، اصطباحتي على بكرة النور،  أسبح في ابتسامته الملائكية وأناجيه، أبكي له وأشهده على أشياء تؤلمني، ثم أطلعه على أخرى تسعدني وإن لم تعد السعادة أبداً كما كانت بكل هذا البريق.


فيا ديسمبر هذا العام ترفق بي و كن لطيفاً معي أكثر.

تعليقات