باحث بملف الإلحاد: الفرائض في الإسلام أبرز الأدلة على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
- الجمعة 22 نوفمبر 2024
مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية
نشر مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية ، حكم من يتبرع من
المتعافين من فيروس كورونا المستجد ، مؤكدا أنه أمر واجب والامتناع عنه بغير عذر
يأثم الممتنع وجاء نص الفتوى :
الحَمْدُ لله، والصَّلاة والسَّلام عَلى
سَيِّدنا ومَولَانا رَسُولِ الله، وعَلَى آله وصَحْبِه ومَن والَاه.
وبعد؛ ففي ظلِّ سّعي البشريّة الدؤوب؛ للوصول
لعلاج أو لقاح يُنهي أزمةَ جائحة فيروس كورونا، ويخفِّف آلام المُصابين به؛ دعت الأجهزة
الطَّبية المُتعافين من هذا الدّاء للتَّبرع ببلازما دَمِهِم لمساعدة المُصابين؛ سيَّما
الحالات الحرِجة منهم؛ نظرًا لما تحتوي عليه بلازما المُتعافي من أجسام مُضادَّة للفيروس
قد تُسهِم بشكل كبير في تحسن تلك الحالات؛ خاصّة مع الشَّواهد البحثيَّة في العديد
من دول العالم.
وإنَّ استجابة المُتعافين لهذه الدَّعوة
واجبٌ كفائيٌ إنْ حصل ببعضهم الكفاية، وبرئت ذمتهم، وإنْ لم تحصل الكفاية إلَّا بهم
جميعًا تعيَّن التَّبرع بالدم على كل واحد منهم وصار في حقِّه واجبًا ما لم يمنعه عذر،
وإنْ امتنع الجميع أَثِم الجميع شرعًا؛ وذلك لِمَا في التَّبرع من سعي في إحياء الأنفس.
وإحياء نفسٍ واحدةٍ عند الله سُبحانه كإحياء
النَّاس جميعًا، قال سُبحانه: {..وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ
جَمِيعًا..}. [المائدة: 32]
فضلًا عمَّا في التّبرع من اتصافٍ بحسْن
الخُلق، والجُود، والمروءة، ونَفْع الخَلق، وقضاء حوائج العباد، والمحافظة على حياتهم،
وحبّ الخير للناس، وكل هذه عبادات عظيمة في الإسلام، قال ﷺ: «ولأنْ أَمْشِي مع أَخٍ لي في حاجَةٍ أحبُّ إِلَيَّ من أنْ اعْتَكِفَ
في هذا المسجدِ -يعني مسجدَ المدينةِ- شهرًا» [أخرجه الطبراني في الأوسط]، وقال ﷺ: «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنكُم أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ» [أخرجه
مسلم]، وقال ﷺ لأحد صحابته: «أَتُحِبُّ الْجَنَّةَ؟» قال: نَعَمْ، قَالَ: «فَأَحِبَّ
لِأَخِيكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ». [أخرجه أحمد]
إضافةً إلى أنَّ التبرع بالبلازما للمصابين
نوع من الشَّكر العملي على نعمة العافية بعد البلاء، والشّفاء من عُضال الدّاء، قال
سُبحانه: {..اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ۚ وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}
[سبأ: 13]، وقال ﷺ: «صَنائِعُ المعروفِ تَقِي مَصارعَ السُّوءِ». [أخرجه الطبراني في الأوسط]
أما امتناع المُتعافي عن التَّبرع مع قُدرته
فشُحُّ نفسٍ، وضعف يقين، وأَثَرة وأنانية، ولا شك هي أمور مذمومة، مذموم من اتصف بها
آثم، قال سبحانه: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ . فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ
الْيَتِيمَ . وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ . فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ
. الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ . الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ . وَيَمْنَعُونَ
الْمَاعُونَ} [الماعون: 1-7]
قال القرطبي: (قال الماوردي: الْمَعُونَةُ
بِمَا خَفَّ فِعْلُهُ وَقَدْ ثَقَّلَهُ اللَّهُ) [تفسير القرطبي (20/ 214)]، ولا شك
أن منع البلازما بغير عذر من منع الماعون.
وذَكر ﷺ من بين ثَلَاثَة لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ، وَلَا
يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ: وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ مَاءٍ، فيَقولُ اللَّهُ: اليومَ أَمْنَعُكَ
فَضْلِي كما مَنَعْتَ فَضْلَ ما لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ. [متفق عليه]، والممتنع عن بذل
ماء فائض عن حاجته لمن يحتاجه جازاه الله تعالى بأن منع عنه فضله ورحمته، والامتناع
عن التبرع بالبلازما دون عذر أولى بالذمِّ من البخل بالماء؛ لأن الماء مهما عزَّ يمكن
الوصول إليه؛ بينما بلازما المُتعافين لا يمكن الوصول إليها إلَّا من خلالهم.
ومركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية
إذ يُبيّن حكم تبرع المُتعافين بالبلازما يهيب بهم جميعًا أن يتنافسوا في أداء هذه
الفريضة ونيل أجرها العظيم؛ فقد اختصهم الله سبحانه بفضله، وشملهم بلطفه، وجزاء الإحسان
عند الله إحسان.