هل رأيت حشرة سرعوف الورقة الميْتة؟
- الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
الشاعر العربي الكبي إيليا أبو ماضي
يبدوا أن فيروس كورونا المستجد
"كوفيد19" الذي ظهر لأول مرة في مدينة ووهان الصينية في ديمسبر الماضي ،
جاء ليربك الحياة بأسرها ، فكم من ذكرى ومناسبة جعل الناس تنسى أن تقف أمامها ولو
قليلا لاس يما في ظل أنه يحص أرواح البشر
يوميا من كل بلاد العالم ، ومن أبرز هذه المناسبات ذكر الشاعر العربي الكبير إيليا أبو ماضي الذي ولد في 7مايو عام 1889شاعر عربي
لبناني يعد من أهم شعراء المهجر في أوائل القرن العشرين، وأحد مؤسسي الرابطة القلمية،
نشأ في عائلة بسيطة الحال لذلك لم يستطع أن يدرس في قريته سوى الدروس الابتدائية البسيطة؛
فدخل مدرسة المحيدثة القائمة في جوار الكنيسة. وعندما اشتد به الفقر في لبنان، رحل
إيليا إلى مصر وتحديدا إلى مدينة
الإسندرية وراح يعمل مع عمه في بيع التبغ نهارا ويطلع على الكتب والنحو والصرف
ليلا وكان ذلك عام 1920، وهناك التقى بأنطون الجميل، الذي كان قد أنشأ مع أمين تقي
الدين مجلة "الزهور" فاُعجب بذكائه وعصاميته إعجاباً شديداً ودعاه إلى الكتابة
بالمجلة، فنشر أولى قصائده بالمجلة، وتوالى نشر أعماله، إلى أن جمع بواكير شعره في
ديوان أطلق عليه اسم "تذكار الماضي" وقد صدر في عام 1911م عن المطبعة المصرية،
وكان أبو ماضي إذ ذاك يبلغ من العمر اثنان وعشرين عاما.
كما اتجه أبو ماضي إلى نظم الشعر في الموضوعات
الوطنية والسياسية، فلم يسلم من مطاردة السلطات، فاضطر للهجرة إلى الولايات المتحدة
عام 1912 حيث استقر أولا في سينسيناتي بولاية أوهايو حيث أقام فيها مدة أربع سنوات
عمل فيها بالتجارة مع أخيه البكر مراد، ثم رحل إلى نيويورك وفي بروكلين، شارك في تأسيس
الرابطة القلمية في الولايات المتحدة الأمريكية مع جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة.
وفي عام 1929 صدرت مجلة " السمير"
التي تعد مصدراً أولياً لأدب إيليا أبي ماضي، كما تعد مصدراً أساسياً من مصادر الأدب
المهجري، حيث نشر فيها معظم أدباء المهجر، وبخاصة أدباء المهجر الشمالي كثيراً من إنتاجهم
الأدبي شعراً ونثراً. واستمرت في الصدور حتى وفاة الشاعر عام 1957م.
يعد إيليا من الشعراء المهجريين الذين تفرغوا
للأدب والصحافة، وقد اشتهر بفلسفته التي تطغى عليها نزعة التفاؤل وحب الحياة والحنين
إلى الوطن، ويلاحظ غلبة الاتجاه الإنساني على سائر أشعاره، ولاسيما الشعر الذي قاله
في ظل الرابطة القلمية وتأثر فيه بمدرسة جبران.
تزوج من دوروتي دياب ابنة نجيب دياب صاحب
مجلة "مرآة الغرب" في الولايات المتحدة وله ثلاث أولاد هم ريتشارد وإدوارد
وروبرت (بوب).
وهو في فلسفته متفائل وواقعي لأبعد حد،
عكس صاحبه جبران خليل جبران الذي سرح بخياله وعالمه الجمالي الخاص، وكان يجسد هذه الفلسفة
القائمة على التفاؤل والتشبت بالحياة في خواطر وأشعار بهيجة، وظف فيها الخيال الإبداعي
الجمالي في رسم الحياة الاجتماعية الواقعية، وفي ذلك يقول المؤرخ الأديب حنا الفاخوري:
"وهكذا فالحياة في نظر إيليا أبي ماضي سانحة من سوانح الوجود يجدر بالإنسان أن
يغتنمها منفتحا على جمالها ومستمتعا بما تقدمه من نعمة، وما توفره له من متعة".
في 1948 زار إيليا أبو ماضي لبنان بعد انقطاع
طويل، بدعوة من الحكومة اللبنانية لحضور مهرجان الأونسكو، ليمثل مع الصحافي "حبيب
مسعود" صاحب مجلة "العصبة" في البرازيل صحافة المهجر، وكان موضع تكريم
وحفاوة، فقد سارع اللبنانيون للاحتفاء به، وقد منحته الحكومة اللبنانية وسامي الأرز
ووسام الاستحقاق، كذلك أقيمت له في دمشق حفلات تكريم، ومنحه هاشم الأتاسي رئيس الجمهورية
العربية السورية وسام الاستحقاق الممتاز في 1949.
تفرغ إيليا أبو ماضي للأدب والصحافة، وقد
تميز شعره بطبعة التفاؤل، فكان يسمو بكل شيء نحو الجمال، واشتهرت من دواوينه:
"الخمائل" و"تبر وتراب" والجداول" بالإضافة إلى "ديوان
إيليا أبو ماضي". كما لا تخلو مجموعاته من بعض الكتب النثرية، وقد أصدر عدة دواوين
رسمت اتجاهه الفلسفي والفكري أهمها
"تذكار الماضي" (الإسكندرية
1911): ديوان صغير نشر في مصر عام 1911م، أهداه الشاعر إلى الأمة المصرية معبراً عن
حبه لها وتعلقه بها، تناول فيه موضوعات مختلفة أبرزها الظلم عرض فيها بالشعر الظلم
الذي يمارسه الحاكم على المحكوم مهاجماً الطغيان العثماني ضد بلاده.
"إيليا أبو ماضي" (نيويورك
1918): طبع في مطبعة مرآة الغرب بنيويورك، قدّم له جبران خليل جبران جمع فيه إيليا
الحب والتأمل والفلسفة وموضوعات اجتماعية وقضايا وطنية كل ذلك في إطار رومانسي حالم
أحياناً وثائر عنيف أحياناً أخرى يكرر فيه تغنيه بجمال الطبيعة.
"الجداول" (نيويورك 1927): صدر
في نيويورك عن مطبعة مرآة الغرب عام 1927م مع مقدمة للأديب ميخائيل نعيمة بارك فيها
الشاعر وشاعريته، وقد اشتمل الديوان في معظمه على قصائد ذاتية وإنسانية تميزت بطرافة
صورها وأخيلتها، ويعد هذا الديوان مرحلة تطور وتحوّل في شعر أبي ماضي ونضجه من حيث
جدّة الموضوعات، وتوازن المبنى والمعنى، والعناية بالقوافي، واستخدام الأبحر القصيرة
والمجزوءة.
"الخمائل" (نيويورك 1940): من
أكثر دواوين أبي ماضي شهرةً ونجاحاً، صدر في نيويورك عن مطبعة مرآة الغرب عام 1940م،
ويعد امتداداً للجداول من حيث الأسلوب والفكر والموضوعات التأملية والإنسانية، وتنويع
الأوزان والقوافي، إلا أن الإلحاح فيه على الدعوة إلى التفاؤل والتمتع بالحياة أشدّ
وأوضح.
وقد نشرت الناقدة والكاتبة خيرية خيري
في جريدة المدى اللبنانية أن إيليا ابو ماضي قد ترك مصر ولكن شعره وقصائده جاءت الى
مصر وتغنى بها كل من يحب الادب، والمطرب عبد الوهاب ينشد له قصيدته المعروفة لست ادري
او الطلاسم، ولما قلت له هذا قال انني اعرف ان عبد الوهاب يغني لي ويكتب اسمي في الاعلانات
وكانني نجم سينمائي، وانا لم اقبض شيئا من هذا كله، بل ان عبد الوهاب لم يكتب الى يطلب
مني الموافقة على تلحين قصيدتي، ولا اعتقد ان حقوق التأليف مباحة في مصر الى هذا الحد!
أما قصائده فقد تميز العديد منها ولاقت
نجاحًا مبهرًا نذكر منها: "فلسفة الحياة" التي يقول فيها "أيهذا الشاكي
وما بك داء...كن جميلًا ترى الوجود جميلًا".ومن أبرزها قصيدة المساء وقصيدة فلسفة
الحياة والغابة المفقودة وابتسم
ومن أهم مؤلفاته عيسى الناعوري (1958).
إيليا أبو ماضي رسول الشعر العربي الحديث. بيروت: منشورات عويدات.
الحاوي (1967). إيليا: فن الوصف وتطوره
في الشعر العربي (الطبعة الثانية). بيروت: دارالكتاب البناني.
محمود سلطان (1979). إيليا أبو ماضي بن
الرومانسية والواقعية. الكويت: منشورات دارالقبس.
الحاوي (1981). ايليا: إيليا أبو ماضي شاعر
التساؤل و التفاؤل. بيروت: دارالكتاب اللبناني.
عبد اللطيف شرارة (1982). إيليا أبو ماضي
دراسة تحليلية. بيروت: دار بيروت للطباعة و االنشر.
عز الدين اسماعيل (1988). الشعرالعربي المعاصر
(الطبعة الخامسه). بيروت: دارالعودة.
عبد المجيد الحر (1995). إيليا أبو ماضي
باعث الأمل ومفجرينا بيع التفاؤل (الطبعة الأولى). بيروت: دارالفكر العربي.
سالم المعوش (1997). إيليا أبو ماضي بين
الشرق والغرب، في رحلة التشرد والفسلفة والشاعرية (الطبعة الأولى). بيروت: مؤسسة بحسون
للنشر والتوزيع.
عبد المجيد عابدين. بين شاعرين مجددين،
إيليا أبو ماضي وعلي محمود طه المهندس (الطبعة الثانية). الأسكندرية: دار المعرفة الجامعيه.
هاني الخير (2009). إيليا أبو ماضي: شاعر
الحنين... والأحزان. دمشق: دار مؤسسة رسلان للطباعة والنشر والتوزيع.
جميل جبر. إيليا أبو ماضي.
وتوفي في 23 نوفمبر 1957.