الأزهر للفتوى: التحرش بالأطفال جريمة.. وهذه نصائح للأسرة والمعلمين

  • أحمد حمدي
  • الإثنين 05 مايو 2025, 1:23 مساءً
  • 9

قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إنه في عالم يموج بالتحديات وتتلاطم فيه أمواج السلوكيات السلبية والدخيلة، يبرزُ أطفالنا كأعظم الأمانات، وأغلى الأمنيات؛ ذلك أنهم أمل الغد وأبطال المستقبل، ومن ثمّ فإن حمايتهم من كلِّ سوء واجبٌ دينيٌّ ووطنيٌّ وإنسانيٌّ.

وبين في منشور عبر حسابه الرسمي، أنَّ من أشدِّ المخاطرِ التي تشوِّه براءة الأطفال وتغتال طفولتهم، آفةُ التحرش بهم والاعتداء البغيض عليهم من عديمي الضمير وفاقدي الأمانة والأخلاق؛ وذلك لما تتركه هذه الآفة في نفوس من تعرضوا لها، من جروح غائرة وآثار مدمرة، قد تستمرُّ مدى الحياة.

ووجه عددا من النصائح إلى الآباء والأمهات والمُعلّمين الكرام، وإلى كلِّ من ائتُمنَ على رعاية هؤلاء الأبرياء، داعين الجميع للتَّحلِّي باليقظة والحذر، واتخاذ التدابير اللازمة لضمان سلامتهم وحمايتهم من براثن هذه الجريمة النكراء؛ استرشادًا وعملًا بقول سيد الخلق ﷺ في وجوب القيام على حقِّ الرَّعية بما يصونهم ويَحوطُهم في دينهم ودنياهم: «أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». [متفق عليه]

وفي نصائحه إلى الآباء والأمهات، قال الأزهر:  إنَّ مسؤوليتكم عظيمة وأمانتكم جليلة، كونوا لأولادكم حصن الأمان والحنان، والسَّند والسَّكن، وافتحوا لهم قلوبكم وعقولكم قبل آذانكم، متابعا: اغرسوا في نفوس أطفالكم الثقةَ بكم، وكونوا لهم الملاذَ الذي يلجأون إليه في كلِّ ضائقة دون خوفٍ أو تردّدٍ.

وشدد الأزهر: انتبهوا لأولادكم، وشجعوهم على التعبيرِ عن مشاعرهم وأفكارهم بحرية مسؤولة، واستمعوا إليهم بإنصات وتفهّم، وتفاعلوا مع كلماتهم، ووجِّهوهم بما يُقوِّم أفكارهم وسلوكهم، وشجعوا أبناءكم وبناتِكم على الاستماع لصوت الفطرة الإلهية، واحترامه وتقديره، وبينوا لهم معنى العَورةِ وحدودها وكيفية حفظها، ووجوب غضّ البصر عن مَواطنها، ومعنى خصوصياتهم وخصوصية غيرهم، وحقّهم في حِفظ أجسادهم، بلُغة بسيطة يفهمونها.

وواصل: عرِّفوهم على أهل الثقة ممّن يمكنهم اللجوءُ إليهم عند الحاجة، وتابعوا تصرفات أطفالكم وسلوكهم وعلاقتهم بأقرانهم، في الواقع الحقيقي والعالم الافتراضي؛ سيما مواقع التَّواصل الاجتماعي، وكونوا على دِراية بمن يصاحبون، وإلى أين يذهبون!

وحذر الأزهرمن الألعاب الإلكترونية التي تحوي عديدًا من الحِيل المشبوهة الموجّهة لإفساد النشء والشباب، وما يهدف إليه بعض هذه الألعاب من إلهائهم عن مهمتهم الأساسية ومسارهم العلمي والأخلاقي القويم، مردفا: لاحظوا أيَّ تغيراتٍ تطرأ على مزاجِهم أو سلوكهم، فغالبًا ما تكون مؤشرًا لتعرضهم لأمر ما، ولا تسألوهم: هل فعل أحدٌ معكم كذا؟، بل طمئنوهم، واسألوا باستمرار عن الألعاب التي يلعبها الطفل، ومع مَن، وكيف يلعبونها!

واستطر: في حال تأكدتم من ممارسة أفعال لاأخلاقية مع أطفالكم، عليكم أن تعالجوا الأمرَ بهدوء وبانتظام وبتعهد حتى يعودوا إلى طبيعتهم السوية، مع الحرص على صحة أطفالكم النَّفسية، والسَّعي الحثيث لعقاب المُجرِم بالقانون دونَ حرج أو تردد.

وكشف الأزهر في نصائحه لـ  الأمِّ "عينُ الرعايةِ الساهرةِ" عن علاماتٌ تسترعي الانتباهَ والقلق، وهي:

 • تغيرات مفاجئة في السلوك، مثل الانطواء الشديد، أو العصبية الزائدة، أو الخوف غير المبررِ، أو التشبث غير المعتاد بالأمِّ أو بأحد أفراد الأسرة.

 • صعوبات في النوم أو الأكل، مثل الأرق، أو الكوابيس المتكررة، أو فقدان الشهية، أو الإفراط في الأكل.

 • شكاوى جسدية غير مبررة، كآلام متكررة في البطن أو الرأس دون سببٍ طبيٍّ واضح.

 • الخوف، أو رفض الذهاب إلى المدرسة أو أماكن معينة، دون وجود سبب منطقيٍّ لذلك.

 • حدوث مظاهر أو معارف جنسية غير مناسبة لعمر الطفل، أو استخدام ألفاظ جنسية لم يتعرض لها في محيطه الطبيعيِّ.

 • تغيرات في اللعب، مثل الميل إلى تمثيل مواقف ذات طابع جنسيٍّ أو عدوانيٍّ.

 • إفشاء سرّ مُلحٍّ مع التّردّد والخوف، أو الإشارة إلى شخص بالغ بطريقة مُريبة.

▪️إذا لاحظتِ أيًّا من هذه العلامات على طفلك، فلا تترددي في الاستماع إليه بصبرٍ وحنان وثقة، مع التأكيد لهُ أنكِ بجانبه وأنَّه ليس مخطئًا في أيِّ شيءٍ حدث، وأنكِ ستحمينه وستساعدينه.

▪️لا تتردَّدي في زيادة المعرفة حول ما سمعتِ من طفلك عبر سؤال المُتخصِّصين، وطلب المُساعدة من الأب وباقي الأسرة ثمَّ الجهات المعنية.

▪️استنفدي كل ما يجب عليك وعلى الأب من تدخل شخصي جاد ومستمر للعلاج، واستعيني بالأخصائيين لحل مشاكل الأطفال والأسرة وتجاوز هذه الأزمات الطارئة.

أما إلى المعلمينَ الأفاضلِ.. صناع الأجيال وبناة العقول، فقد جاء في نصائح الأزهر للفتوى:

▪️يا أيها المُربُّون، إنَّ دورَكم لا يقلُّ أهميةً عن دور الوالدين في حماية النشء؛ فاجعلوا مدارسكم حصونًا آمنة يشعر فيها النشء بالراحة والطمأنينة، عززوا الثّقة معهم، وحبّبوا إليهم الوقت الذي يقضونه أمامكم، وكونوا قدوةً حسنة في أقوالكم وأفعالكم.

 ▪️ضمِّنوا كلماتِكم وبرامجَكم رسائل تربويةً تُعرِّفُ الأطفالَ بحقوقهم، وكيفية حماية أنفسهم من التَّحرش.

▪️درِّبوا الكادر التعليميَّ على كيفية التعامل مع  حالات إفصاح الطّفل عما يتعرض له من اعتداء، ومع حالات الاشتباه، وكيفية الإبلاغ عنها.

 ▪️حافظوا على قنواتِ تواصل مفتوحة مع أولياء الأمور، وأبلغوهم بأيِّ ملاحظات تثيرُ قلقَكم حول سلامة الأطفال.

▪️عززوا من دور الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين في مؤسساتكم التعليمية بما يضمن ملاحظة دقيقة، وتوجيهًا سليمًا، وتدخلًا حكيمًا في مشكلات الأطفال ودور أولياء الأمور فيها.

وفي الخِتام نؤكد أنَّ العدالة النّاجزة والعِقاب القانوني الرَّادع أسرع الطُّرق لمنع الجريمة وضمان عدم تكرارها في المُجتمع؛ خاصّة إذا تعلقت بانتهاك حُرمة الإنسان وتشويه فطرته، وحرمتها وجرمتها الشَّرائع السّماوية، وقوانين المجتمعات والأعراف الإنسانية.

وشدد -أيضًا- أن حماية الأطفال من التّحرش ليست نداءً تربويًّا عابرًا، بل هي مسيرةٌ أخلاقية مُستمرةٌ تتطلب تضافر الجهود ويقظة الضمائر، وتجعل من بيوتنا ومدارسنا ومجتمعاتنا حصونًا آمنةً تحيطُ أطفالنا بالرعاية والحماية، وتغرسُ فيهم الثّقة والكرامة وحفظ حقوق النفس والغير.

ولفت إلى أن مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية من خلال أدواته بمواجهة هذه المشكلات الخطرة ضمن برنامجه الخاص بالتوعية الأسرية والمجتمعية، في المؤسسات التعليمية وغيرها، بمشاركة أساتذة الطب النفسي والأخصائيين النفسيين، وبالتعاون مع قطاعات الأزهر الشريف ووزارات الدولة ومؤسساتها المعنية بهذا الشأن؛ إيمانًا من الأزهر الشريف بدوره في مواجهة مثل هذه المشكلات، وبضرورة التكاتف لعلاجها والوقاية منها.

تعليقات