الخلاف في الإسلام.. أسبابه وتأثيره على الشباب بين التفكر والإلحاد

  • أحمد حمدي
  • الإثنين 10 مارس 2025, 10:54 مساءً
  • 24

يشهد الفكر الإسلامي العديد من الاختلافات بين الفرق والمذاهب، مما يثير تساؤلات لدى الشباب، خاصة في ظل انتشار المنصات الإلكترونية التي تستغل هذه الخلافات لبث الشكوك. وقد أشار الباحث محمد سيد صالح إلى أن كثرة الحديث عن الخلافات داخل الإسلام دفعت بعض الشباب للانجراف نحو الإلحاد، إذ يتساءلون عن كيفية وجود هذا الكم من الاختلافات داخل دين يُفترض أن يكون مصدرًا للحقائق المطلقة.

أسباب تأثر الشباب بالخلافات الدينية

يواجه الشباب تحديات فكرية ناتجة عن كثرة الفرق والمذاهب داخل الإسلام، مثل السلفية والأشعرية والماتريدية والمعتزلة وغيرها، حيث تُستخدم هذه الاختلافات أحيانًا في التراشق الفكري والتكفير، مما يؤدي إلى شعورهم بالحيرة والتشكيك.

ويرى الباحث صالح أن السبب الرئيسي في انزلاق البعض نحو الإلحاد ليس وجود الاختلافات في حد ذاتها، بل سوء التعامل معها وعدم الالتزام بفقه الخلاف. ويؤكد أن هذه القضايا يجب أن تُناقش بين العلماء المختصين، وليس عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي قد تفتقر إلى الطرح العلمي الرصين.

الخلاف بين النسبي والمطلق في الإسلام

يوضح الباحث أن الخلاف الفكري في الإسلام نسبي، إذ إن القطعيات لا خلاف عليها، وإنما يقع الخلاف في الأمور الاجتهادية التي تقبل التأويل، وهذا ما عبر عنه ابن تيمية بقوله: "وكان بعضهم يعذر كل من خالفه في مسائل الاجتهادية، ولا يكلفه أن يوافقه فهمه".

ووفقًا لصالح، فإن الإسلام يتكون من قسمين أساسيين:

  1. الحقائق المحكمة: وهي القضايا الثابتة التي لا تقبل الجدل، مثل التوحيد والصلاة والصيام، وهي غير قابلة للتغيير باختلاف الزمان والمكان.
  2. المتشابهات: وهي المسائل التي تتطلب إعمال العقل والتدبر، والتي قد يختلف العلماء في تفسيرها دون أن يؤدي ذلك إلى الفرقة والتنازع.

كيفية التعامل مع الخلافات الفكرية

يشدد الباحث على ضرورة اتباع منهجية واضحة في التعامل مع الخلافات الفكرية، عبر:

  • فهم القضية من جميع جوانبها.
  • تقديم الدليل العلمي عند الاعتراض.
  • اقتراح بدائل مدعومة بالأدلة.
  • تجنب التعصب والتشدد في غير محله.

كما يؤكد صالح على أهمية الرجوع إلى "أهل الذكر" عند الاختلاف، وفي حال اختلاف العلماء، يجب البحث عن الرأي الأقرب إلى الواقع والأكثر انسجامًا مع المقاصد الشرعية.

دور الدعاة في توحيد الصف الإسلامي

ينتقد الباحث ظاهرة التكفير والتبديع التي يمارسها بعض الدعاة، معتبرًا أنها تساهم في تفتيت الأمة وإضعافها. ويرى أن الإسلام يدعو إلى الوحدة وعدم الفرقة، مستشهدًا بقوله تعالى: "واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا".

كما يشير إلى ضرورة أن يعمل العلماء والدعاة على تقريب وجهات النظر والتأكيد على المشتركات بدلاً من إذكاء الخلافات، محذرًا من أن الفرقة والتنازع يؤديان إلى انتشار الإلحاد.

يخلص الباحث إلى أن وجود الخلافات داخل الإسلام أمر طبيعي، لكنه لا ينبغي أن يكون سببًا للشك أو الفرقة. ويؤكد أن الإسلام وضع آليات واضحة للتعامل مع هذه الخلافات بما يحفظ وحدة الأمة، داعيًا إلى تعزيز ثقافة الحوار والاحترام المتبادل بين الفرقاء، حفاظًا على شباب الأمة من الوقوع في براثن الشك والإلحاد.

تعليقات