محمد سعد الأزهري يكتب: الصورة من لوس أنجلوس

  • جداريات Jedariiat
  • الإثنين 13 يناير 2025, 1:48 مساءً
  • 12
الصورة من لوس أنجلوس

الصورة من لوس أنجلوس

سبحانك ربي، يا من بيده ملكوت كل شيء، قويٌّ لا يُغلب، عزيز لا يُضام، حكيم في تدبيره، عادل في حكمه، مُطَّلع على كل شيء، لا تخفى عليه خافية في السماوات ولا في الأرض.


يا من يُمهل الظالمين لحكمة، ويُملي لهم ليزدادوا في طغيانهم حتى يأتيهم بأسه بغتة وهم لا يشعرون. كم من ظالم استعلى في الأرض، وظن أنه لن يُسأل عما يفعل، فكان مآله خسراً، وسخط الله عليه أبدياً.


إنك، يا الله، تأخذ الكافرين بأشد الأخذ، وترينا فيهم عجائب قدرتك، فتزلزل أركانهم وتبدد جمعهم، وتجعل تدبيرهم تدميراً عليهم. وما ظلمتهم يا رب، ولكنهم ظلموا أنفسهم بغرورهم وتكذيبهم لآياتك.


يا من أحاط بكل شيء علماً، تعلم السر وأخفى، وتعلم مكرهم وكيدهم، فلا يغيب عنك شيء. كم أمهلتهم بحكمتك، ثم أخذتهم بقوتك، وأذقتهم عاقبة أفعالهم.


يا الله، أنت الحكيم المدبر، تخطط بحكمة لا يرقى إليها عقل، وتُمهل بحلم لا يدركه أحد، وتُظهر بطشك في وقت لا يملكه إلا أنت. لك الحمد على عدلك، ولك الحمد على نصرك لأوليائك، ولك الحمد لأنك أنت الله الذي لا يُعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.


لوس أنجلوس لم تحتج إلى جيوش جرارة أو أساطيل جوية تحمل آلاف القذائف والصواريخ، ولم تسقط عليها قنابل بأطنانها لتُزيل أحياءها. 


لم تُدمَّر مستشفياتها، ولم تُستهدف ملاجئها ولا دور عبادتها. 


لم تُصرف مليارات لكسر عزيمة سكانها أو لبث الرعب في قلوبهم. الأمر لم يتطلب شيئًا من ذلك. بيومين فقط، دون تدخل بشري أو نفقة، تبدلت أحوالها، وزالت أحياء بأكملها من على وجه الخريطة، لتصبح مدينة خاوية لا يؤنس صمتها إلا ظلال الأشباح.


 هكذا يعلّمنا الله بآياته أن قوته لا تقاس بموازين البشر، وحكمته لا تُدرك بالعجلة أو ضيق الأفق. 

إنه القادر على تغيير الأحوال بكلمة، والمدبر الحكيم الذي يُجري الأمور بعلمه وعدله. 

عاقبة الأمور بيده وحده، وكل شيء يقع في أوانه الذي قدّره. 


فاصبروا وتمعنوا في سنن الله، فهو لا يعجل بعجلة أحد، وحكمته نافذة في كل شيء.

 وبخصوص حرائق لوس انجلوس الآن.


لا يوجد شيء بعيد، فهو أقرب إليكم من حبل الوريد!


القوة العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية والاستخباراتية وغيرها لا تكفي للأمان، بل هي أمان مزيّف ينهار دون موعد، وستعجزون عن التعامل معه، لأن قوة الله لا يعجزها شيء، ولا رادّ لها، ولا سبيل لإيقافها.


الظلم الذي يتعرّض له اخواننا وجيراننا وأحبابنا "وغيرهم" فاق كل الحدود، لذا هذا مجرد تنبيه، ولكن الذين ضل سعيهم لن يفهموا معنى الإنذار، وبالتالي سيظلون في غيّهم يعمهون، هكذا أخبرنا القرآن وصدقه التاريخ. 


المهم أن ندرك بأن " وما الله بغافل عما يعمل الظالمون".


لكنه يملي لهم حتى إذا أخذهم بغتة فلن يعودوا مرة أخرى.

تعليقات