د. عباس شومان: الجامع الأزهر شاهد على تحطيم كل الحملات التي استهدفت مصر والعالم الإسلامي*

  • أحمد نصار
  • الثلاثاء 08 أكتوبر 2024, 3:08 مساءً
  • 52
جانب من الندوة

جانب من الندوة

ألقى فضيلة الدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء بالأزهر، رئيس مجلس إدارة المنظمة العالمية لخريجي الأزهر، كلمة في احتفالية الجامع الأزهر اليوم بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة، قال خلالها إن صحن الجامع الأزهر كان شاهدًا على تحطيم كل الحملات التي استهدفت مصر والعالم الإسلامي، وأن أعداءنا يعرفون تمامًا أن إخضاع مصر يعني السيطرة على العالم الإسلامي بأسره، وقد تجلى ذلك في الفشل المتكرر للإنجليز والفرنسيين والصهاينة وكل قوى الطغيان، التي واجهت المقاومة الشرسة من شعب مصر الأزهر.

واسترجع خلال كلمته بالاحتفالية التي أقيمت عقب صلاة المغرب بالجامع الأزهر، الدكتور عباس شومان ذكرياته عن أحداث السادس من أكتوبر عام 1973، حيث كان طفلًا صغيرًا لم يدرك في البداية آثار الهزيمة في عام 1967، لكنه بعد انطلاق الحرب، شهد تحولات جذرية في المشاعر، حيث اختفت ملامح الانكسار والحزن، وحل محلها الفرح والعزة، وتذكر فضيلته كيف كان يشاهد المجموعات من الناس يتجمعون حول أجهزة الراديو الصغيرة، يتابعون البيانات العسكرية التي كانت تطمئنهم بنجاح القوات المسلحة، قائلا: في البداية، لم يكن هناك تصديق كامل لتلك البيانات، بسبب التجارب المؤلمة السابقة، ولكن مع مرور الوقت، بدأت ملامح الفرح والتهليل تعود إلى الوجوه التي كانت حزينة.

وأضاف : تجددت الآمال مع كل بيان عسكري يُعلن عن تقدم القوات المصرية، مما يعكس وحدة الشعب المصري خلف قيادته في مواجهة التحديات. هذه اللحظات التاريخية تعكس قوة الشعب المصري وعزيمته على استرداد كرامته وأراضيه، وهو ما يتجلى في مواقف الأزهر الشريف الذي يظل رمزًا للعزة والكرامة في مواجهة كل أشكال العدوان.

وتطرق الدكتور عباس شومان إلى عوامل النصر في السادس من أكتوبر، وتحدث عن مشاعر الشعب المصري في أثناء الحرب وكيف تطورت الأمور من حالة من الشك إلى التأكيد على نجاح القوات المسلحة، حيث بدأت الأحداث عندما كانت الجبهة في وضع مختلف تمامًا عما كانت تنشره الأخبار، حيث لم يكن الناس يتوقعون حقيقة ما يجري في الصفوف الأولى؛ ومع التقاط الأخبار من القنوات الأجنبية عبر أجهزة الراديو، أدرك الجميع أن ما يُبث هو حقيقة، مما جعلهم يهتفون ويبحثون عن أماكن للتبرع بالدم لأبطالهم في الجبهة.

وأكد  أن من أهم أسباب النصر كان الإيمان بالله والتوكل عليه، حيث كان جنودنا على يقين بأن من توكل على الله فهو حسبه، ولقد تجلى هذا الإيمان في روح الجنود الذين كانوا يحاربون من أجل قضية عادلة. فبالتأكيد، لم نكن معتدين، بل كنا نرد العدوان ونسعى لاستعادة أراضينا التي سلبها العدو. كما أشار فضيلته إلى أهمية الأخذ بالأسباب، موضحًا أن التوكل على الله لا يعفي من العمل الجاد والإعداد الجيد، فقد أُمرنا بالإعداد للقوة، وبهذا الشكل استعددنا لما استطعنا، وأخذنا بتوجيهات الله عز وجل، حيث قمنا بتحضير ما أمكننا.

كما أشار  إلى المعجزة البشرية التي حدثت بعد الهزيمة الكبرى في عام 1967، حيث تمكن الجيش المصري من التعافي خلال فترة زمنية قصيرة، وبدأ عمليات الاستنزاف التي ساهمت في رفع الروح المعنوية والقدرة القتالية، وكيف أن الجيش المصري، رغم ما تعرض له من هزيمة كبيرة وفقدان طائراته ومدافعه وروحه المعنوية، استطاع استعادة قوته خلال سنوات قليلة، وهو ما يُعد أمرًا غريبًا في التاريخ العسكري؛ فالتاريخ أثبت أن الشعب المصري قادر على التغلب على التحديات واستعادة حقوقه بفضل إيمانه وعزيمته.

وشدد فضيلته على أهمية الاحتفاظ بذكرى انتصارات أكتوبر كدليل على قوة الإرادة المصرية والإيمان القوي بالله، مما يجعل من الأجيال القادمة تواصل السير على نفس النهج في مواجهة التحديات، مشيرًا إلى تسريح الرئيس السادات للخبراء الأجانب قبل حرب أكتوبر، حتى تكون الحرب بأيد وخبرات مصرية خالصة، تعتمد على إرادة المصريين وشجاعتهم، وليس على الخبراء الأجانب، فحققت قواتنا المسلحة بفضل الله وعزيمة الجنود، انتصارات كبيرة على العدو، مما لم يستطع تحقيقه أعتى الخبراء أو أشد الأسلحة، وذلك دليل على قوة الإرادة المصرية وقدرتها على التغلب على التحديات، مشيدًا بإيمان الجنود المصريين بقضيتهم وولائهم لوطنهم.

ورأى فضيلته أن هذه التجربة تعكس روح العزة والكرامة التي يتمتع بها الشعب المصري، وتؤكد على أهمية الإيمان في تحقيق النصر، سواء في الحرب أو في أي ميدان آخر، وقد كان من أهم عوامل النصر في حرب أكتوبر هو تلاحم جموع الشعب المصري بجميع فئاتهم من رجال ونساء وشباب وأطفال وشيوخ، ما دفع الشعب إلى الوقوف صفًّا واحدًا خلف القيادة السياسية والعسكرية، وتحملهم لكافة التحديات لضمان نجاح الحرب، فاستعدوا لتقديم التضحيات حتى في ظروف نقص المواد الغذائية، لتقوى الجبهة الداخلية.

وأشار إلى أن التفكير الجماعي بين الشباب والفتيات والرجال حول كيفية دعم رجال الجيش كان أحد أسباب النصر، وكذلك من أسباب النصر التخطيط الدقيق الذي قامت به القيادة السياسية والعسكرية في اختيار التوقيت المناسب لبدء الحرب، واستخدام أفكار مبتكرة لم يسبق لها مثيل. متطرقًا فضيلته كذلك إلى فكرة اختراق خط بارليف، الذي اعتُبر حصنًا لا يُقهر، حيث استخدم الجيش المصري خراطيم المياه لاختراقه بعد ما قال جيش العدو أن هذا الحصن لن تخترقه حتى القنابل الذرية، في دلالة على الإبداع في مواجهة التحديات.

وفي ختام كلمته، أشار الدكتور عباس شومان إلى أهمية الوحدة الوطنية التي سادت بين المسلمين والمسيحيين، حيث لم يكن هناك تمييز بينهم في مواجهة العدو، وقد تحقق النصر بمدد من الله، رغم انقطاع مدد البشر، وهنا لا بد من التأكيد على ضرورة تعزيز التضامن ووحدة الصفوف بين المصريين، خاصة في ظل استمرار التهديدات، مشيدًا بالقيادات السياسية والعسكرية التي لم تغفل عن تسليح الجيش رغم معاهدات السلام، حرصا واستعدادا لأي احتمالات أو غدر من المغادرين، فما حدث في 1967 لن يحدث مرة أخرى، مشددًا على ضرورة تذكير الأجيال الجديدة بما حدث في السادس من أكتوبر، والتذكير دائمًا بنصر أكتوبر وأسبابه وأجوائه.


تعليقات