هل يتعمد إبراهيم عيسى تشويه التاريخ الإسلامي؟ (فيديو)
- الخميس 21 نوفمبر 2024
الوثيقة
قال الباحث في الإعجاز العلمي في القرآن
الكريم، الدكتور محمد بن إبراهيم دودح، إنه منذ القدم والسائد هو التَّوَهُّم بالأرض
المُسَطَّحَة الثابتة Motionless
flat earth, وبثبات النجوم،
وبأن الأجرام السماوية تتحرك بحركة أفلاك شَفَّافَة بلا حركة ذاتية حتى جاء عصر العلم
فمحاه، ووفق صريح القرآن الكريم منذ القرن السابع الميلادي: الأرض كروية وكل جرم في
الكون يجرى بحركة ذاتية في مدار مُقَدَّر الأجل؛ يقول تعالى: ﴿يُكَوِّرُ اللَّيْلَ
عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ
كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى﴾ الزمر: 5, قال ابن حزم (رحمهم الله تعالى جميعا):
“إن أحداً من أئمة المسلمين المستحقين لاسم الإمامة بالعلم رضي الله عنهم لم يُنكروا
تكوير الأرض, ولا يُحفظ لأحد منهم في دفعِه كلمة.
وتابع : بل البراهين من القرآن والسنة قد جاءت بتكويرها..,
(والتكوير) مأخوذ من كور العمامة؛ وهو إدارتها”, وقال سيد قطب: “(يُكَوّرُ اللّيْلَ
عَلَى النّهَارِ وَيُكَوّرُ النّهَارَ عَلَى اللّيْلِ) ..تعبير عجيب يقسر الناظر فيه
قسراً على الالتفات إلى ما كُشِفَ حديثاً عن كروية الأرض., فالأرض الكروية تدور حول
نفسها في مواجهة الشمس؛ والجزء الذي يواجه الشمس من سطحها المكور يغمره الضوء ويكون
نهاراً, ولكن هذا الجزء لا يثبت لأن الأرض تدور, وكلما تحركت بدأ الليل يغمر السطح
الذي كان عليه النهار, وهذا السطح مكور؛ فالنهار كان عليه مكوراً والليل يتبعه مكوراً
كذلك.. (و) النهار من الناحية الأخرى يتكور على الليل, وهكذا في حركة دائبة.., واللفظ
يرسم الشكل ويحدد.. (للأرض) حركتها”, وقال الشيخ محمد متولي الشعراوي: “(بالنسبة) إلى
قضية.. دوران الأرض..: هل يستطيع أحد أن يحكم على مكان.. كله يتحرك بما هو فيه, إنك
لا تستطيع أن تدرك أنه متحرك.., لماذا؟, لأنك لا تعرف حركة المتحرك إلا إذا قسته مع
شيء ثابت, ولا شيء ثابت لأن الأرض كلها تدور”.
وعن أن حركة الأرض بينة على التوحيد، يشير إلى أن من يتصور هذه الوثيقة المرفقة بالموضوع، تتمثل في راعي غنم اخترق برأسه السماوات المرتكزة على طرف الأرض المسطحة ليطالع عجلات تدير أفلاك شفافة ثبتت عليها الأجرام الفلكية وفق الاعتقاد السائد في أوروبا حتى عصر العلم، وقيام البعض اليوم إذن باتهام أئمة المسلمين بأنهم ينكرون كروية الأرض وبأنهم يكفرون من يقول بحركتها تقول وتجني وافتراء، وطالع بنفسك تصريح سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز في قوله (رحمه الله تعالى).
وأردف قائلا: أما البيان الذي كتبه.. التجمع التقدمي في مصر من إنكاري هبوط الإنسان على سطح القمر, وتكفير من قال بذلك أو قال إن الأرض كروية أو تدور؛ فهو كذب بحت لا أساس له من الصحة..، وقد.. بينت أن الواجب على من لا علم لديه التوقف وعدم التصديق والتكذيب حتى يحصل له من المعلومات ما يقتضي ذلك, كما أني قد أثبت عن العلامة ابن القيم رحمه الله ما يدل على إثبات كروية الأرض، أما دورانها.. (فإني) لم أكفر من قال به, وإنما كفرت من قال إن الشمس ثابتة غير جارية؛ لأن هذا القول مصادم لصريح القرآن الكريم والسنة، ليعلم القراء غلط أو كذب أصحاب البيان المذكور فيما نقلوه عني”, ولم يخرج فضيلة الشيخ محمد بن العثيمين عن نفس النهج في قوله (رحمه الله تعالى): “الأرض كروية بدلالة القرآن والواقع وكلام أهل العلم”, وقوله: “أما مسألة دوران الأرض فإننا كما قلنا..: لو كانت من الأمور التي يجب على المؤمن أن يعتقدها إثباتاً أو نفياً لكان الله تعالى يبينها بياناً ظاهراً ، لكن الخطر كله أن نقول: إن الأرض تدور وأن الشمس هي الساكنة”, فكما ترى لم يعتقد فضيلته بالمثل أن القول بحركة الأرض حول الشمس إثباتاً أو نفياً إنكارا لمعلوم من الدين بالضرورة؛ وإنما دافع الشيخان بضراوة عن صريح الكتاب العزيز بأن للشمس حركة تخصها.
وأضاف: أنه يكفي تصريح سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز لإسناد المسائل الكونية
إلى المختصين وتوقف ما عداهم حتى تتضح لهم حقائق قد بُذلت في نيلها أعمار في قوله
(رحمه الله تعالى): “الواجب على من لا علم لديه التوقف وعدم التصديق والتكذيب؛ حتى
يحصل له من المعلومات ما يقتضي ذلك”.
وأشار إلى أن المُجمع عليه أن يقيني
الثبوت والدلالة مما يُنسب للوحي لا يمكن أن يعارض حقيقة كونية قطعت بها الكشوف العلمية,
ويكفي تصريح فضيلة الشيخ محمد بن العثيمين لبيان حرص العدول على حفظ الشريعة من الصدام
مع الواقع إن ثبت بيقين في قوله (رحمه الله تعالى): “علينا أن نؤمن بظاهر كلام الله
وسنة رسوله (عليه الصلاة والسلام)؛ اللهم إلا إن يأتي من الأمور اليقينيات الحسيات
المعلومة علماًً يقينياً بما يخالف..، فإننا في هذه الحالة يكون فهمنا.. غير صحيح”,
ويبلغ تواضع الفضلاء أمام البيان المعجز غايته في قول فضيلة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي
(رحمه الله تعالى): “إن من أنواع البيان التي تضمنها (هذا الكتاب المبارك) أن يقول
بعض العلماء في الآية قولاً ويكون في نفس الآية قرينة تدل على خلاف ذلك القول”, وقال
ابن تيمية (رحمه الله تعالى) في مجموع الفتاوى (ج6 ص557): “العلوم السمعية الصحيحة
لا تنافى معقولا صحيحا.., فإن ذلك.. قد أشكل على كثير من الناس حيث يرون ما يقال أنه
معلوم بالعقل مخالفًا لما يقال أنه معلوم بالسمع.., فأوجب ذلك أن كذبت كل طائفة بما
لم تحط بعلمه حتى آل الأمر بقوم من أهل الكلام إلى أن تكلموا في معارضة الفلاسفة في
الأفلاك بكلام ليس معهم به حجة لا من شرع ولا من عقل, وظنوا أن ذلك الكلام من نصر الشريعة,
وكان ما جحدوه معلوما بالأدلة الشرعية أيضا.
وأوضح أنه من المعلوم أن الألفاظ متعددة الدلالة
كلفظ (الأرض) يتعين من دلالاتها المناسب والأليق بكل مقام Context, وقد يرد لفظ
(الأرض) للدلالة على مسميات مختلفة كالكوكب أو غلافه الصخري السطحي أو البلد؛ أو حتى
التربة والغبار كما في التعبير: ﴿بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ﴾ البقرة:
71, ومن تفوته القرائن قد يحمل لفظ (الأرض) على وجه غير لائق بالمقام، والمعلوم حاليا
أن الجبال امتدادات سطحية بالغلاف الصخري المقسم إلى قطع متجاورات تسمى الألواح القارية
Tectonic Plates, وتقوم الجبال الممتدة عميقا بتثبيت تلك الألواح
فوق تيارات الباطن كما تفعل أوتاد الخيمة بعد أن كانت تميد وتضطرب عند بداية تكونها،
وما أشبه الجبال إذن بالرواسي الصخرية التي استخدمت قديما لتثبيت السفن الطافية فوق
تيارات المحيط دونها, وفي قوله تعالى: ﴿وَأَلْقَىَ فِي الأرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ
بِكُمْ وَأَنْهَاراً وَسُبُلاً لّعَلّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ النحل: 15؛ الأليق بالمقام
حمل لفظ (الأرض) على قِطَع الغلاف الصخري للكوكب المسمى قشرة الأرض Crust, فتتجلى للقرآن
معجزة لإنبائه بغيب.
وتابع: ومع تثنية النبأ تتأكد المعجزة
وتتأيد دلالة لفظ (الأرض) على قِطَع الغلاف الصخري لا الكوكب في قوله تعالى: ﴿أَمّن
جَعَلَ الأرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلاَلَهَآ أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ﴾
النمل: 61 وقوله تعالى: ﴿اللّهُ الّذِي جَعَلَ
لَكُمُ الأرْضَ قَرَاراً﴾ غافر: 64, وقوله تعالى: ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الأرْضَ مِهَاداً.
وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً﴾ النبأ: 6و7, وتكفي قرينة وصف الأرض بمهاد الصبي كفراش مبسوط
فوق الأرض يحميه مما هو دونه من أخطار لتؤيد دلالة لفظ (الأرض) على الطبقة السطحية
وتدفع توهم الدلالة على ثبات الكوكب. ووفق علم الفلك Astronomy الأرض كروية تدور حول نفسها ويدور القمر حولها وتدور
معه حول الشمس في فلك Orbit يخصها, وتدور الشمس بالمثل
ومعها الأرض وبقية التوابع حول مركز المجرة, وهكذا كل جرم في الكون يدور في فلك مُقَدَّر
السرعة والأجل يخصه فلا تتعارض الأفلاك؛ فما لنا نحسب الأرض ساكنة؛ لأننا نعتلي ظهر
دابة تمر بنا يوميا وسنويا فتبدو لنا معالمها ساكنة, ووفق علم الفيزياء Physics حركة كل الأجرام نسبية؛ ووفق ما يبدو بالنظر نحسب كل حشود النجوم ثوابت
وهي على الحقيقة متحركة, وكذلك الأرض؛ فلا يُعاين حركتها حول الشمس إلا مراقب خارج
النظام الشمسي, وما توصل إليه علم الفلك بعد جهود مضنية لقرون إنما هو قائم على استنتاج
لا مُعاينة, إنه حقيقة النظام لا المشهد المرصود.
وتابع أن في القرآن الكريم قد وُصِفَت
النجوم بالنسبة للبشر بالثبات حتى أنها اتخذت معالم سماوية لبيان الموضع والاتجاه كمعالم
الأرض في قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا
فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ﴾ الأنعام: 97, وقوله تعالى: ﴿وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ
رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ. وَعَلَامَاتٍ
وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ﴾ النحل: 16, وضمير الغيبة العائد إلى الناس (هُمْ)
يجعل ثبات النجوم منسوب لهم؛ أي وفق ما يشاهدون, وكذلك التعبير (لَكُمُ), وقد يرد وصف
الأجرام بالحركة مُجَرَّدًا من النسبة للبشر شاملا للنجوم على وجه الحقيقة بخلاف السائد
من كونها ثوابت في النظر كما في قوله تعالى: ﴿وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ
مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ﴾ الأعراف: 54؛ أي مسيرات بتقديره تعالى كل منها في فلك يخصه
مقدر السرعة والمدة بلا صدام, قال ابن كثير: “النجوم الثوابت والسيارات في أرجاء السماوات..
كل منها يسير في فلكه الذي جعله الله تعالى فيه يسير بحركة مُقدرة لا يزيد عليها ولا
ينقص منها”, وقوله تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا
ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ
مُسَمًّى﴾ الرعد: 2؛ يخلو كذلك من النسبة للبشر فهو على وجه الحقيقة لا ما يبدو بالنظر,
ولم يُذْكَر سوى الشمس والقمر, ولكن التعبير (كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى) مدَّ
الوصف بالحركة المُقَدَّرَة ليشمل كل الأجرام في الكون, قال القاسمي: “التنوين في لفظ
(كُلٌّ) عوض عن الإضافة (للأجرام)؛ والمعنى كل واحد.. في فلك خاص به يسبح بذاته .
ونوه إلى أنه بالمثل في قوله تعالى:
﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ
عِنْدَهَا قَوْمًا﴾ الكهف: 86؛ ليس عند جرم الشمس قوم يقطنون ولا هو فعليًّا يغرب يوميًّا
في عين؛ وإنما الوصف قائم على ما يبدو للناظر لأنه منسوب لذي القرنين في التعبير (وَجَدَهَا)
و(وَوَجَدَ عِنْدَهَا), يعني: وفق ما تراءى له عند شاطئ المحيط الغربي, وفي مقابل الحركة
الظاهرية للشمس تلك ورد وصف حركتها الفعلية في فلك يخصها مُجَرَّدًا من النسبة للبشر,
قال تعالى: ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ
الْعَلِيمِ. وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ.
لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ
وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ يس: 38-40, وحركة الشمس سريعة وُصِفَت بالجري بخلاف
الحركة اليومية الظاهرية البطيئة التي لا يناسبها الوصف بالجري, قال الألوسي: “فيه
دليل على أن الشمس متحركة.. على مركز آخر كما تتحرك الأرض عليها”, وأن: “للثوابت حركة”,
ويفيض الوصف بتقدير الحركة, ففي التعبير: (وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى
عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ)؛ تصريح بأن للقمر فلك يقطعه بالنسبة لمنازله النجومية
من هلال بداية الشهر حتى هلال آخره حيث يعود كهيئة عود الشمروخ الجاف الأصفر المقوس
حامل التمر في النخيل, وبالفعل دورة القمر بالنسبة للنجوم تقل عن الشهر القمري فترة
المحاق وتبلغ حوالي 27 يوما وثلث وتسمى بالشهر النجمي Sidereal month, وزيادة الشهر القمري تُفَسَّر فلكيًّا بتحرك القمر مع الأرض حول الشمس
أثناء حركته حولها, وفي التعبير: (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ)؛
دلالة على أن القمر أسرع, وهو كذلك بالفعل لأنه يزيد بحركته حول الأرض وحركته معها
حول الشمس.