الوجه مرآة النفس
- الأحد 24 نوفمبر 2024
سورة يس
قال
المفكر الإسلامي الكبير الدكتور فاضل السامرائي، إن سورة يس المكية، تسلط رسالتها
الضوء على أهمية الاستمرار في الدعوة، كون الناس مهما كانوا بعيدين عن الحق فقد تكون
قلوبهم حية ويقظة وقد تستجيب للدعوة في وقت ما وعلينا أن لا نفقد الأمل من دعوتهم,
(إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ
بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ)، وتتحدث السورة عن الذين لم يؤمنوا (وَسَوَاء عَلَيْهِمْ
أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ).
وأردف قائلا: إن السورة راحت تعرض نموذج لقرية
(إنطاكية) حيث أرسل الله لهم ثلاثة أنبياء ليدعوهم فكذبوهم, لكن إرسال هؤلاء الأنبياء
لم يمنع رجل مؤمن أن يأتي من أقصى المدينة ويبذل الجهد لينصح القوم (وَجَاء مِنْ أَقْصَى
الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ) آية 20
, وهذا دليل إيجابية من هذا الرجل أنه لم يترك أمر الدعوة للرسل فقط، وإنما أخذ المبادرة
بأن يدعو قومه عندما لم يصدقوا الرسل. قد يكون هناك أناس قد فُقد الأمل من دعوتهم لكن
علينا أن نتصور أنه ما زال لديهم قلوب حيّة قد تؤمن فمن آمن فاز ونجا أما الذين يصرّون
ويرفضون الاستسلام لله فلكل شيء نهاية.
وأضاف: أن نهاية السورة جاءت متحدثة عن الموت والنهاية
فكلنا إلى موت وكل شيء له نهاية في هذا الكون، ولذا جاءت الآيات الكونية في السورة
تخدم هدف السورة (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ
الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ)
آية 38 و39، فالشمس تسير إلى زوال وكذلك القمر والكون كله مآله إلى نهاية، وهذا دليل
إعجاز القرآن باختيار الآيات الكونية التي تخدم هدف السورة بشكل واضح جليّ فسبحان من
أنزل الكتاب وخلق الأكوان.
وختم قائلا: إنه ربما يكون في هذا المعنى من دعوة القلوب الحيّة ربطاً بحديث الرسول (اقرءوا يس على موتاكم) لأن الميّت عندما تخرج روحه يبقى قلبه حيّاً وربما عندما يسمع الآيات يستسلم قلبه لها.