أفلا تبصرون.. هل رأيت نمل الباندا من قبل؟!
- الأحد 24 نوفمبر 2024
تعبيرية
أكد الدكتور كارم
السيد غنيم، أستاذ الفلسفة بجامعة الأزهر، أن من يتأمل قوله تعالى “فَالِقُ الإِصْبَاحِ
وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ
الْعَلِيمِ (96)”[سورة الأنعام]- سيدرك أنه من وجهة النظر العلمية- ثلاثة مقاطع, هي:
“فَالِقُ الإِصْبَاحِ”, “وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً”, “وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً”,
وكل منها ينطوي على إشارة علمية بليغة, ولكننا في لقائنا الحالي سوف نركز كل همنا على
المقطع الثالث .
وأكمل: وفي “حُسبانا”-
لغة- يقول جمال الدين بن منظور في كتابه “لسان العرب” إن الحسابُ والحسابةُ عَدُّل
الشئَ. وَحَسِبَ الشئَ يَحْسَبُهُ (بالضم) حُسْبَان وحُسْبَاناً وحسابةً: عَدَّه. وحَسِبْتُ
الشئَ أحْسَبُه حِساباً وحَسِبْتُ الشئَ أحْسَبُه حِسْاباً وحُساباً… وعن أبى الهيثم
أنه (حسبان) جمع حساب, مثل: ركاب وركبان, وشهاب وشهبان.
وتابع أن في تفسير
“مفاتيح الغيب” للفخر الرازي، قال إن الله تعالى قدّر حركة الشمس مخصوصة بمقدار من
السرعة والبطء بحيث تتم الدورة في سنة, وقدّر حركة القمر بحيث يتم الدورة في شهر. وبهذه
المقادير تنتظم مصالح العالم في الفصول الأربعة, وبسببها يحصل ما يحتاج إليه من نضج
الثمار وحصول الغلات, ولو قدرنا كونها أسرع أو أبطأ مما وقع, لاختلت هذه المصالح،
ولكن جار الله الزمخشري (ت 538 هـ) (في تفسيره “لكشاف”) ذهب إلى أن حُسبان (بضم الحاء)
مصدر حسب, ونظيره: الكفران والغفران والشكران… واستخلص الرازي من قول الزمخشري أن الله
سبحانه جعل الشمس والقمر على حساب, لأن حساب الأوقات لا يُعلم إلاّ بدورها وسيرهما.
ولذلك ختم الله الآية بقوله “ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ”, إشارة إلى كمال
قدرته (العزيز), وكمال علمه (العليم), أيْ أن هذه الحركات بهذه المقادير المحددة لا
يمكن حدوثها إلاّ بقدرة كاملة متعلقة بجميع الممكنات وبعلم نافذ في جميع المعلومات
(من الكليات والجزيئات), وهذا تصريح بأن حصول هذه الأحوال والصفات ليس مرجعه إلى طبيعة
الأجرام, بل إلى تخصيص الفاعل المختار سبحانه وتعالى لها.
وأشار إلى ما
قاله الشيخ الشعراوي، إن اللفظتين “حُسبانا” في سورة الأنعام- التي نعيش في رحابها
الآن- و”بحسبان” الواردة في قول الله تعالى: “الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ{5}”
[سورة الرحمن], فيقول: “حُسْبَانٍ” هنا تعني أن نحسب الأشياء, فنحن نحسب السنة بدورة
الشمس في مدة مقدارها 365 يوما وربع اليوم, وهى تمرّ بالبروج خلال هذه المدة. والقمر
يبدأ بروجه (يقصد منازله) كل شهر في ثمانية وعشرين يوما وبعض اليوم. ونحن نحسب اليوم
بالشمس, ونحسب بها العام, ولكننا نحسب الشهر بالقمر. والاثنتان (يعني الشمس والقمر)
حُسبان: الشمس لها حساب والقمر له حساب. وكلاهما مخلوق ليُحسب به شئ آخر, لأنهما خلقا
بحسبان, أيْ أنهما قد أريد بهما الحساب الدقيق, لأن الشمس مخلوقة بحساب, وكذلك القمر,
ولم تكن الشمس والقمر حُسابا لنا نحسب بهما الأشياء إلاّ إذا كان كل منهما مخلوق بحساب…
ولم يقل الحق سبحانه: (حسابا), بل قال: “حُسبانا” في سورة الأنعام, وقال “بحسبان” في
سورة الرحمن، لأن الأمر يقتضي مبالغة في الدقة, فهذا ليس مجرد حساب لكنه حسبان …