أفلا تبصرون.. هل رأيت نمل الباندا من قبل؟!
- الأحد 24 نوفمبر 2024
تعبيرية
قال الباحث في الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، قسطاس إبراهيم النعيمي، إن الربا في اللغة: هو الزيادة. قال الله تعالى: ﴿فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ﴾[الحج:5], وقال تعالى: ﴿أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ﴾ [النحل:92]، أي أكثر عدداً يقال: ”أربى فلان على فلان، إذا زاد عليه“(2) وأصل الربا الزيادة، إما في نفس الشيء وإما في مقابله كدرهم بدرهمين، يقال: ربا الشيء إذا زاد, ومن ذلك قول الله تبارك وتعالى: ﴿يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ﴾ [البقرة: 276] . وأربى الرجل: عامل بالربا أو دخل فيه ويطلق الربا على كل بيع محرم أيضاً (3).
وتابع: أن الربا
محرم بالكتاب والسنة والإجماع, وهو من الكبائر, ومن السبع الموبقات, ولم يؤذن الله
تعالى في كتابه عاصياً بالحرب سوى آكل الربا, ومن استحله فقد كفر – لإنكاره معلوماً
من الدين بالضرورة – فيستتاب, فإن تاب وإلا قتل, أما من تعامل بالربا من غير أن يكون
مستحلاً له فهو فاسق، ودليل التحريم من الكتاب قول الله تبارك وتعالى : ﴿وَأَحَلَّ
اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾[البقرة:275], وقوله عز وجل: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ
الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ
مِنَ الْمَس …﴾ [البقرة:275].
ولفت إلى أن الربا
لم ينتشر ولم يقر كقانون معترف به إلا بعد الثورة الفرنسية، فالثورة كانت ثورة على
الدين والحكم الإقطاعي والملكي..وكان من جملة الأحكام الدينية في أوربا كما علمنا تحريم
الربا، فنبذ هذا الحكم ضمن ما نبذ من أحكام أخر، وكان لا بد أن يحصل ذلك، إذ إن اليهود
كانت لهم اليد الطولى في تحريك الثورة الفرنسية واستغلال نتائجها لتحقيق طموحاتهم،
من ذلك إنشاء مصارف ربوية، لتحقيق أحلامهم بالاستحواذ على أموال العالم، وجاءت الفرصة
في تلك الثورة، وأحل الربا وأقر. فقد قررت الجمعية العمومية في فرنسا في الأمر الصادر
بتاريخ 12 أكتوبر سنة 1789م أنه يجوز لكل أحد أن يتعامل بالربا في حدود خاصة يعينها
القانون(25).
وأشار إلى أن مضار
الربا من الناحية الاقتصادية تتجسد في صور من القروض، كالاستهلاكية والقروض الإنتاجية،
فالقروض الاستهلاكية: وهي قروض يطلبها الفقراء المتوسطون نتيجة لوقوعهم في مصيبة أو
شدة لقضاء حاجاتهم الضرورية. ومن المعلوم فداحة السعر الربوي في هذا النوع من القروض،
لأن المتصدي لهذا النوع هو المرابي الذي لا رقيب عليه في تقرير الفائدة، فالذي يقع
في شرك هذا المرابي مرة لا يتخلص منه طول حياته، بل يكون العبء على أبنائه وأحفاده
في سداد دينهـ منوها إلى أن مثل هذه العملية هي التي تمكن الرأسمالي من دخل العمال
وتجعله مستبداً به دونهم. ونتيجة لذلك تفسد أخلاقهم، ويقترفون الجرائم والدنايا، وهو
يحط من مستوى المعيشة، ويقلل من كفاءاتهم ونشاطهم الذهني والبدني، وهذا ليس ظلماً فحسب
بل إنه ضرر على الاقتصاد الاجتماعي, على أن المرابي يسلب قوة الشراء من الفقير، وإذا
فترت قوة الشراء تكدست البضائع في الأسواق ونتيجة لهذا التكدس تتوقف بعض المعامل من
الإنتاج أو تقلله على الأقل، وبهذه العملية تنشأ البطالة لمئات من البشر، وهذه البطالة
تعرقل نمو التجارة والصناعة.
أما القروض الإنتاجية تتمثل في أن يأخذها التجار وأصحاب الصناعة والحرف لاستغلالها في الإنتاج المثمر، إن هذه العملية التي يأخذ المرابي الربا من دون أن يتعرض لشيء إذا خسر المعمل أو التاجر تؤدي إلى تحرك الميزان الاقتصادي من جانب واحد دائماً وهو جانب المرابي فهو رابح دائماً، أما صاحب المعمل أو التاجر فليس كذلك، فيتضرر جميع العمال وصاحب العمل إلا المرابي فإنه لا يتضرر بذلك حيث أن ربحه مضمون, بالإضافة إلى أن معظم رأس المال مدخر عند الرأسماليين، لأنهم يرجون ارتفاع سعر الربا، فلا يعطي ماله للتجارة أو الصناعة لانتظاره ارتفاع سعر الربا على أن السعر المرتفع يجعل المرابي ممسكاً لماله إلاّ وفق مصلحته الشخصية لا وفق حاجة الناس أو البلاد، وقد يكون السعر المرتفع مانعاً للأعمال النافعة المفيدة للمصلحة العامة مادام ربحها لا يسدد سعر الربا، في حين أن المال يتدفق نحو الأعمال البعيدة عن المصلحة العامة لأنها تعود بربح كثير.