رئيس مجلس الإدارة

أ.د حسـام عقـل

كيف نشأ الكون.. هل هناك خالق؟

  • جداريات Jedariiat
  • الجمعة 05 يناير 2024, 8:20 مساءً
  • 118

رد الباحث في ملف الإلحاد، محمد سيلم مصاروة، على عدد من الأسئلة التي تشغل بال الكثيرين، ومنها: كيف نشأ الكون؟ هل حدث ذلك صدفة؟ هل هناك من خالق؟

وأكد في مقال نشره عبر حسابه الرسمي على فيس بوك، أن مسألة منشأ الكون وأصل الحياة شغلت بال البشرية منذ القدم وقد صنفت الإجابات عنها وما زالت تصنف الناس إلى مؤمنين بوجود خالق وآخرين معتقدين بصدفة الوجود وتطور الحياة من محض تفاعلات كيميائية، هل وجود مخلوقات يستوجب وجود خالق؟ ما هو احتمال نشوء بيت متكامل مع اثاثه دون وجود يدٍ بانيه؟ هيا بنا نفحص هذه التساؤلات.

كيف نشأ الكون؟

تعتبر نظرية (الانفجار العظيم ) Big Bang النظرية الأكثر شيوعاً وقبولاً لتفسير نشأة الكون وذلك بسبب تمكُّن النظرية من تفسير المشاهدات الكونية وقدرتها على التنبؤ بحقائق تم اكتشافها لاحقاً.

بحسب النظرية كان كل الكون مختزلاً في نقطة واحدة ذات ابعاد هائلة الصغر ولكنها هائلة الضخامة من حيث الحرارة والكثافة، لم يكن هناك زمن ، مكان ، فراغ ، فضاء أو أي شيء آخر ، كانت كل تلك الأشياء والمفاهيم داخل تلك النقطة. وفقاً للمعادلات الرياضية لنظرية النسبية العامة (وهي أحد ركائز نظرية الانفجار العظيم) قبل 13،8 مليار عاماً تم حدوث انفجار أدّى إلى توسع الكون وتضخمه انبثاق المادة والطاقة، وبدء الزمان والمكان.

وتفترض النظرية أنه بعد 10 −37  من الثانية من الانفجار حدث تسارع بوتيرة التضخم في الكون، بعد انخفاض وتيرة التضخم نتجت جسيمات المادة الاولية ( كوارك، لبتون، چلون)، كانت الحرارة هائلةً لذلك تحركت جسيمات المادة الأولية بسرعات ضوئية مصطدمةً طوال الوقت فيما بينها أنتجت الاصطدامات جسيمات أولية من أنواع جديدة وكذلك جسيمات أولية مضادة للمادة، وهي عباره عن جسيمات ذات نفس الكتلة ومتعاكسة بالشحنة (أنتي كوارك، أنتي لبتون، أنتي چلون)، أدت الاصطدامات المستمرة إلى ظهور حالة اتزان وتساوٍ بين جسيمات المادة والمضادة للمادة، بعد ذلك ولسببٍ ما حدث تفاعل كوني أدى إلى فائض طفيف جداً (1 من 30 مليون) من جسيمات المادة نسبةً إلى الجسيمات المضادة للمادة.

استمرت المادة في التكون والحرارة في الهبوط، عندها برزت للوجود القوى الكونية الأربع منفردةً عن بعضها البعض، هذه القوى هي: الجاذبية، الكهرومغناطيسية، القوى الذرية القوية وهي المسؤولة عن جعل نواة الذرة متماسكة، القوى الذرية الضعيفة وهي المسؤولة عن تفكك النواه وانطلاق الأشعة منها. بعد الانفجار بواحد من المليون من الثانية ارتبطت جسيمات المادة مع بعض لتنتج بروتونات (أيونات هيدوجين) ونيترونات وبنفس النمط تفاعلت جسيمات المادة المضادة لتنتج بروتونات ونيترونات مضادة ،تصادمت جسيمات المادة مع المادة المضادة؛ ليؤدي ذلك إلى فناء لجسيمات المتصادمة وانبثاق موجات من الأشعة في كل أنحاء الكون، تنبأت النظرية بوجود أشعة كهذه قبل أن يتمكن العلماء من رصدها في خلفية الفضاء بين المجرات والنجوم ويطلق عليها اسم (الأشعة الكونية ذات الموجات القصيرة أو أمواج الراديو)، ينسب العلماء انتشار الهيدروجين وعناصر أخرى خفيفة في أنحاء الكون إلى التفوق الخفيف الذي كان بكمية جسيمات المادة نسبة إلى المادة المضادة قبل الاصطدام وفناء الجسيمات.  

بعد مرور دقائق هبطت درجة الحرارة إلى مليار درجة مئوية لتتشكل ايونات عناصر الهيليوم والدوتوريوم ، بعد مرور 37900 سنه تعادلت كهربائياً ذرات الهيدروجين وأيضاً غازات خفيفة أخرى، تكثفت الغازات على شكل غيوم ثم تكتلت لتصير أكثر كثافةً والتأمت فتكونت المجرات والنجوم، وما زال الكون في تمددٍ وتوسعٍ في كل الجهات كدائرة آخذة في الكبر، وما زالت المجرات تتباعد الواحدة عن الأخرى بتسارعٍ كبير وكلما كانت اكثر بعداً من الأرض كلما ازدادت تسارعاً.

بداية الكون ونهايته، والقوانين الفيزيائية

 

قانون حفظ الطاقة والقانون الثاني للديناميكا الحرارية هما قوانين كونية مثبتة ينص الأول منها على أن الطاقة لا تفنى ولا تخلق ومن الممكن تحويلها من شكل إلى آخر (مثلاً حرق الوقود لتحريك السيارة)، في السرعات الضوئية نعاين العلاقة المباشرة بين الكتلة والطاقة مثلاً تنشطر نواة الذرة إلى أجزاء بمجموع أقل من الكتلة الأصلية ويتحول الفرق بالكتلة إلى طاقة (هكذا تعمل القنبلة الذرية) كذلك تندمج أنوية الذرات لتعطي نواة أقل كتلة من مجموع الكتل المتصادمة ليترجم الفرق بالكتلة بكم هائل من الطاقة (مصدر الطاقة الشمسية ومبدأ القنبلة الهيدروجينية)، تؤكد نظرية الانفجار على وجود بداية للكون، وينفي قانون حفظ المادة والكتلة إمكانية وجودهما من العدم ! وكأن الحقائق العلمية تصرخ بشدة: لا بد من وجود خالق للطاقة والمادة!

ينص القانون الثاني للديناميكا الحرارية على أن المنظومات في الطبيعة تتفاعل بنسق يزيد من حالة التفكك وعدم الترتيب شريطة أن يتم ذلك ضمن نظام مغلق، أي لا يحدث فيه خروج أو دخول للطاقة، (والكون برمته يعتبر جهازاً مغلقاً ) مثلاً إذا لم تحرك سيارتك لوقت طويل فان الإطارات ستفرغ وكذلك البطارية، سوف يكسو الغبار الهيكل وسيتآكل بسبب الصدأ، وهكذا بمرور الوقت ستصير المركبة إلى حالة أكثر تقدماً من التفكك والانهيار.

هذا المبدأ العلمي ينبئ بنهاية الكون وتفككه، يصور علماء الفيزياء الفلكية كيفية حدوث ذلك بفرضيتين، الأولى تدعي أن الكون سوف يستهلك كل طاقاته في التمدد بحيث لن تتوفر أي طاقة في أي نقطة في الكون لاستمرار التفاعلات الكيميائية الضرورية للحياة، وعندها سوف تهبط درجة حرارة الكون إلى أقصى درجة ممكنة وهي 273 تحت الصفر وسيتجمد كل الكون .

الفرضية ثانية، بحث الباحث في ملف الإلحاد محمد سليم مصاروة، تقول إن الكون سيبلغ حالة قصوى من التمدد والتضخم وعندها سيتمزق كل شيء: المجرات، النجوم، الكواكب والذرات .

أما  الفرضية الثالثة وتسمى بـ "الانسحاق العظيم " Big Crunch هي أن الكون سيستمر بالتمدد وذلك بفضل الطاقة السوداء حتى مرحلة ما يقل فيها  مقدار الطاقة السوداء وبالتالي مقدار الكثافة الكونية اللازمة للتمدد وعندئذٍ ستتغلب قوة الجاذبية على الطاقة السوداء فينهار الكون على نفسه ويعود كمان كان في البداية متكتلاً في نقطة واحدة فردية.

 

ما هو احتمال حدوث الكون والحياة صدفة؟

قام الكثير من الباحثين بإجراء الأبحاث لحساب احتمال حدوث الكون أو الحياة صدفةً وفي كل مرة كان الاحتمال صفراً صارخاً !

1- تشترط علوم الفيزياء، الكيمياء والأحياء توافق حدوث 200 شرطاً لكي تتوفر ظروف حياة على الأرض أو أي كوكب آخر، ومنها: وجود نجم مناسب (كالشمس) بالبعد المناسب، وجود كوكب بالحجم والبعد المطلوبين (المشتري) وذلك لأن المشتري يقوم بجذب آلاف النيازك والشهب آليه مانعاً إياها من الوصول إلى الأرض، وجود القمر ليمارس قدراً مضبوطاً من الجاذبية على الارض لضبط محور دورانها حول نفسها حتى لا تتأرجح وتتعاقب فصول السنة بشكلٍ منتظم، وقد يقول قائل إن كتل الكواكب ومواقعها في الفضاء إنما تقررت بحسب قوة الجاذبية، لكن مقدار قوة الجاذبية بحد ذاته يثير الدهشة ذلك لأنه بحسب المعادلات الرياضية لو حصل تغيير أقل من الطفيف بقدر واحد من مليار المليار بتوزيع القوى الكونية الأربع لم تكن لتتشكل النجوم ولا المجرات!

ويتابع الباحث: نحن أيضاً بحاجه إلى غلاف جوي بخليط دقيق من الغازات، قشرة أرضية بخصائص معينه لا عادة تدوير الكربون في الطبيعة، عنصر الكربون بخصائصه الكيميائية الخاصة، الماء وميزاته الكيميائية التي جعلته أن يكون ذو أربطة هيدروجينية، مذيباً لشتى المواد الكيميائية، موصلاً للكهرباء، مخترقاً لأغشية الخلايا".

وبين أن عدد التوافقيات الممكنة لالتقاء 200 شرطا (!200) هو رقم خيالي أكبر من واحد و 500 صفر عن يمينه! احتمال أن تتوافق كل الشروط المطلوبة صدفةً مساوٍ لحاصل قسمة واحد على الرقم الخيالي والناتج صفر بالتأكيد !

2- بنفس النمط تم حساب احتمال تفاعل الذرات من أجل إنتاج أجزاء خلية واحدة وذلك لفحص صحة افتراض نظرية التطور بأن الكائنات الحية انبثقت عن كائن أحادي الخلية تكوّن نتيجةً لتفاعلات كيميائية، قام العلماء بحساب إمكانية حدوث الحياه صدفة نسبةً إلى عدم حدوثها صدفة odds فكانت النتيجة واحد مقسوم على واحد وأمامه 40000 صفراً !

 وشدد على أنه  بطبيعة الحال الاحتمال لحدوث الحياه صدفةً  عملياً مساوٍ للصفر، ولو افترضنا إمكانية حدوث التفاعل كما يصِّر أصحاب نظرية التطور ولو أن التفاعل المفترض استغرق ثانيةً واحدةً لا أكثر، فإن الزمن المطلوب مروره لنجاح محاوله واحدة أكبر بأضعاف من عمر الكون بالثواني ( 4 و17 صفراً عن اليمين ) طبقاً للحسابات !.

كما تؤكد نظرية الانفجار العظيم والقوانين الفيزيائية على وجود بداية للكون ونهاية ويخبرنا علم الاحتمال بصورة قاطعة باستحالة حدوث الكون صدفة، واستحالة انبثاق الحياة تلقائياً، كلما مرَّ الوقت وتطورت النظريات العلمية كلما أشار العلم بشكل صارخ الى وجود خالق للكون بث فيه الطاقة، المادة، والحياة.

كما جاءت النصوص القرآنية مند نزولها تدعوا المؤمنين والملحدين على حدٍ سواءٍ أن يتفكروا ويبحثوا في علوم الكون، وأن يسلكوا البحث العلمي طلباً للحقيقة ( أَوَلَم يَتَفَكَّروا فى أَنفُسِهِم ما خَلَقَ اللَّهُ السَّمٰوٰتِ وَالأَرضَ وَما بَينَهُما إِلّا بِالحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثيرًا مِنَ النّاسِ بِلِقائِ رَبِّهِم لَكٰفِرونَ) ، والخالق أزليٌ موجودٌ ماقبل البدايه وأبديٌ باقٍ مابعد النهاية (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ) وحتماً لا يمكن أن يكون الخالق من جنس المخلوق لأن صفة الكون التفكك والفناء ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) ، ولا يمكن أن يكون له شريكٌ في الألوهية وإلا لاستحال سريان نفس القوانين الفيزيائية في كل أنحاء الكون (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد ) ما نعاينه حولنا من ترتيبٍ وتركيبٍ في الكون ومخلوقاته يدل على حكمةٍ مقصودة وليس عبث الصدف الغير معقولة.


تعليقات