رئيس مجلس الإدارة

أ.د حسـام عقـل

باحث في ملف الإلحاد يعدد أدلة على صحة النبوة والقرآن

  • أحمد نصار
  • الأحد 24 ديسمبر 2023, 10:29 صباحا
  • 176
تعبيرية

تعبيرية

قال الباحث في ملف الإلحاد، الدكتور عبدالله محمد، إن المجتمع العربي قبل الإسلام، كان يعج ويمتلئ بصور الفُحش والقبح مثل شرب الخمر حتى أنه كان كشرب الماء لديهم لدرجة أنه حين نزل تحريم الخمر وسكب المسلمون الخمر أصبحت المدينة كبحر من الخمر من كثرتها ، ومثل حب النساء وكثرة الزنا لدرجة وجود بيوت تعرف بالرايات الحمر والتي تعني وجود امرأة مستعدة للزنا في هذا البيت الذي يرفع راية حمراء دون أي حياء أو خوف، والسجود للأصنام والتعلق الشديد بها وأنها تنفع وتضر وتقربهم إلى الله، والتعامل بالربا والذي يعني استغلال حالة احتياج الشخص الذي يطلب الدَيْن للمغالاة عليه عند سداد دَيْنه فيسدد أكثر مما أخذ، ومثل العنصرية الشديدة والتمييز بين الناس حسب اللون والعرق والمال وغيرها من الأشياء القبيحة التي تعلق بها الناس وكانت جزءً أساسيًا في حياتهم قبل الإسلام.

وذكر أنه من المفترض أن أي شخص كاذب يدّعي النبوة ويريد أن يكسب اتّباع الناس له ؛ لن يعارضهم فيما يحبونه ويتعلقون به كجزء من متاعهم ومن حياتهم لأنه إذا عارضهم فلن يتبعوه وهو يعلم أنه كاذب فلا حاجة لمعارضتهم بل سيلجأ إلى مجاراتهم فيما يحبونه حتى يحقق مراده ومصالحه، مشيرا إلى أنه قد نزلت على النبي ﷺ شريعة تمنع وتتعارض مع تلك الأشياء القبيحة التي تعلق بها الناس وكانت جزءً متأصلًا في حياتهم قبل الإسلام ، وقد حرّمت تلك الشريعة شرب الخمر ووضعت عقوبة الجَلْد لشارب الخمر وحرّمت الزنا ووضعت عقوبة الجَلْد للزاني الأعزب والرجم بالحجارة حتى الموت للزاني المتزوج ، وحرّمت السجود للأصنام وجعلته سببًا للكفر والخروج من الإسلام لمن يسجد لصنم أو يدعوه أو مجرد أن يعتقد أنها تقربه إلى الله ، وحرّم التعامل بالربا لأن فيه استغلال لضعف وحاجة الناس للمال وجعل من يتعامل بالربا كأنه محارب لله ولرسوله فقال تعالى " یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَذَرُوا۟ مَا بَقِیَ مِنَ ٱلرِّبَوٰۤا۟ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ ـ فَإِن لَّمۡ تَفۡعَلُوا۟ فَأۡذَنُوا۟ بِحَرۡبࣲ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۖ وَإِن تُبۡتُمۡ فَلَكُمۡ رُءُوسُ أَمۡوَ ٰلِكُمۡ لَا تَظۡلِمُونَ وَلَا تُظۡلَمُونَ" (البقرة 278-279)

 

وأردف قائلا: ومنعت تلك الشريعة كل أنواع العنصرية والتمييز وجعلت الناس أخوة متحابين لا فرق بينهم على اساس الجنس أو اللون أو العرق أو المال فقال النبي ﷺ " لا فضلَ لعربيٍّ على عجميٍّ ، ولا لعجميٍّ على عربيٍّ ، ولا لأبيضَ على أسودَ ، ولا لأسودَ على أبيضَ إلَّا بالتَّقوَى ، النَّاسُ من آدمَ ، وآدمُ من ترابٍ" ( تخريج زاد المعاد  5/144) وقد كان العبيد يعيشون مع ساداتهم المسلمين ويأكلون مما يأكلون ويشربون مما يشربون ،فقد قال النبي ﷺ " إخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أيْدِيكُمْ، فمَن كانَ أخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ ممَّا يَأْكُلُ، ولْيُلْبِسْهُ ممَّا يَلْبَسُ، ولَا تُكَلِّفُوهُمْ ما يَغْلِبُهُمْ، فإنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فأعِينُوهُمْ. " (صحيح البخاري 30)، ولم تكتفِ شريعة الإسلام بمعارضة تلك الأشياء التي يحبها الناس وفرض عقوبات على من يفعلها ، بل فرضت عليهم فرائض شاقة وثقلية وإن لم يفعلوها فلن يكونوا مسلمين ، فقد فرضت عليهم خمس صلوات فرائض في اليوم والليلة منها صلاة الفجر في الليل المظلم والبرد الشديد بل وقبل كل صلاة لابد من الوضوء بالماء ( أو التيمم بالتراب في حال تعذر استخدام الماء أو عدم توفره) وجعلت الشريعة تلك الصلوات هي عماد الدين وأساسه وبدونها لا يكون الإنسان مسلمًا ، وفرضت عليهم صيام شهرًا كاملاً كل عام منذ طلوع الشمس وحتى غروبها يوميًا خلال هذا الشهر ،فما أشق تلك العبادة التي يمتنع الناس فيها عن أكل وشرب أي شئ بل وحتى أن يقرب زوجته خلال صيامه.

وتسـأل : هل يصدر هذا عن شخص كذاب قد ألَّف تلك الشريعة ويريد التودد إلى الناس وأن يحببهم في دينه لكي يعتنقوه ، هل سيحرمهم من الأكل والشرب ؟!! ، وفرض عليهم الحج وفيه مناسك بدنية شاقة بل وعليك تسافر من دولتك إلى مكة لتحج فتدفع المال الكثير في تكاليف سفرك ، ما الذي يحمله على أن يفرض هذه التكليفات الشاقة على الناس إن كان هو مؤلف هذه الشريعة ، إلا أن تكون من الخالق ويجب عليه أن يبلّغها للناس كما هي دون تدخل منه حتى وإن لم تعجب الناس؛  فلماذا سيشق النبي ﷺ على الناس إن كانت هذه الشريعة من تأليفه وبيده أن يخفف عن الناس ليحبوا دينه ويرونه سهلًا فيعتنقه عدد أكبر من الناس !

 وتابع: بل ويلزم نفسه بتلك العبادات الشاقة وزيادة عليها فقد كان يقوم الليل حتى تتورم قدماه وذلك في بيته في الليل المظلم ولا يراه أحد ؛ فإن كان يعلم أنه كاذب فلماذا سيقوم الليل في بيته وهو بعيد عن أعين الناس طالما أنه يعلم أنه لا ثواب من وراء تلك الصلوات وأنها لا تصل إلى الخالق ، فقد رأته زوجه عائشة رضي الله عنه ذات ليلة صدفة وقصت لنا ذلك فقالت " أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ كانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقالَتْ عَائِشَةُ: لِمَ تَصْنَعُ هذا يا رَسولَ اللَّهِ، وقدْ غَفَرَ اللَّهُ لكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وما تَأَخَّرَ؟ قالَ: أفلا أُحِبُّ أنْ أكُونَ عَبْدًا شَكُورًا... " (صحيح البخاري 4837)،  وقد كان يصوم يومين (الإثنين والخميس) من كل اسبوع بالإضافة لشهر رمضان والأشهر المحبب فيها الصيام ، وكان يستغفر الله باليوم أكثر من سبعين مرة ويذكر الله قيامًا وقعودًا وعلى جنبه ، وكان يتصدق بكل ماله وكان يوزع نصيبه من الغنائم على فقراء المسلمين، فلماذا يلزم نفسه ويلزم الناس بكل تلك المشقة إن لم يكن من ورائه أي ثواب وإن كان يكذب ويريد أن يكسب ودّ الناس ليحقق مصالحه الشخصية ، إلا أن يكون صادقًا في إدّعائه النبوة حقًا ويجب عليه أن يبلّغ تلك الشريعة كما هي دون أي تغيير حتى لا يغضب عليه الخالق ويعاقب !

وواصل: الأعجب أننا نجد أن القرآن الكريم قد خالف أفعال النبي ﷺ في عدة مواقف بل وعاتبه على بعضها وبيّن خطأ رأيه فيها، مشيرا إلى من هذه المواقف قول الله عز وجل حين عاتبه أنه يمنع نفسه عن الحلال ابتغاء مرضات زوجاته فقال عز وجل  " یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّبِیُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَاۤ أَحَلَّ ٱللَّهُ تَبۡتَغِی مَرۡضَاتَ أَزۡوَ ٰجِكَۚ"(التحريم 1) وحين عاتبه الله عز وجل وبيّن خطأ رأيه حين أَذِن للمنافقين بالتخلف عن الجهاد فقال عز وجل  " عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمۡ حَتَّىٰ یَتَبَیَّنَ لَكَ ٱلَّذِینَ صَدَقُوا۟ وَتَعۡلَمَ ٱلۡكَـٰذِبِینَ " (التوبة 43) وحين عاتبه الله عز وجل عندما خشي النبي ﷺ من كلام الناس من أن يقول لهم أن الله سيزوجه زينب بنت جحش رضي الله عنها  والتي كانت زوجة زيد سابقًا ففال عز وجل "...وَتُخۡفِی فِی نَفۡسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبۡدِیهِ وَتَخۡشَى ٱلنَّاسَ وَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخۡشَىٰهُۖ فَلَمَّا قَضَىٰ زَیۡدࣱ مِّنۡهَا وَطَرࣰا زَوَّجۡنَـٰكَهَا لِكَیۡ لَا یَكُونَ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِینَ حَرَجࣱ فِیۤ أَزۡوَ ٰجِ أَدۡعِیَاۤىِٕهِمۡ إِذَا قَضَوۡا۟ مِنۡهُنَّ وَطَرࣰاۚ" (الأحزاب 37)

 وأكمل : حين أراد النبي ﷺ أن يستغفر لعمه أبي طالب الذي مات على الكفر لأن عمه كان يدافع عنه ويحبه فمنعه الله عز وجل من أن يستغفر له رغم رغبة النبي ﷺ الشديدة في أن يستغفر لعمه فقال عز وجل " مَا كَانَ لِلنَّبِیِّ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَن یَسۡتَغۡفِرُوا۟ لِلۡمُشۡرِكِینَ وَلَوۡ كَانُوۤا۟ أُو۟لِی قُرۡبَىٰ..."(التوبة 113)  فإن كان هو مؤلف هذا الدين فلماذا سيمنع نفسه من شيئ يحبه ويريده بشدة، وعاتبه الله عز وجل حين أخذ أسرى قبل أن تكون له الغلبة في الأرض فقال عز وجل" مَا كَانَ لِنَبِیٍّ أَن یَكُونَ لَهُۥۤ أَسۡرَىٰ حَتَّىٰ یُثۡخِنَ فِی ٱلۡأَرۡضِۚ "(الأنفال 67)

 وختم كلامه: هل من المنطق أن يعاتب الإنسان نفسه في كتابات يقرأها الناس لآخر الزمان، وهذا إن دل على شئ فإنما يدل على أنه لا دخل له في كتابة هذا القرآن وأنه ليس من تأليفه الشخصي فلو كان من تأليفه فلن يكتب ذلك وستكون الشريعة موافقة لكل أفعاله .

تعليقات