أمين "البحوث الإسلامية": تفسير القرآن حسب «الرؤى» غاية مسمومة تسعى لضياع هيبته وإسقاط أحكامه
- الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
تعبيرية
كتب: أحمد
إبراهيم
رد الدكتور عبدالله محمد، طبيب أسنان، والباحث في ملف الإلحاد، شبهة زواج النبي ﷺ من السيدة زينب رضي الله عنها، والتي يثيرها الملاحدة بقولهم إن النبي اشتهى زوجة ابنه بالتبني زيد، وأمره أن يطلقها لأنها أعجبته، وبعد ذلك طلقها زيد وتزوجها النبي ﷺ.
وأوضح أن الأحاديث
التي يستدلون بها موضوعة لا تصح نسبتها للنبي ﷺ، وهي ضعيفة سندا.
ونوه إلى أنه في
تفسير الطبري نجد أن النبي ﷺ هو من زوّج زيدا وزينب رضي الله عنهما؛ لأن زينب رضي
الله عنها كانت ابنة عمة النبي ﷺ، و كانت من سادة القوم، وكان زيدٌ قد تبناه النبي
ﷺ حين كان عبدا لا يجد من يراه، فتبناه النبي ﷺ ليرعاه فأحب النبي ﷺ أن يقضي على عادة
أن السيدة لا تتزوج من العبد فوجد النبي ﷺ هذه الفرصة فعرض على السيدة زينب زواجها
من زيد وكانت زينب رضي الله عنها رافضة في البداية ثم اقتنعت، فلو كانت زينب تعجب
النبي ﷺ فلماذا لم يتزوجها من البداية!
وأشار إلى أنه لم
يثبت أبدا أن النبي ﷺ طلب من زيد أن يطلق زوجته، بل الثابت كما ورد في الآية من
سورة الأحزاب: "و إذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتقِ
الله"، وفي تفسير ابن كثير رحمه الله عن هذه الآية يقول : "فجاء زيد
يشكوها إلى رسول الله ﷺ فجعل رسول الله يقول له : "أمسك عليك زوجك واتق
الله"، أي أن ما حصل هو العكس، مردفا: "أنتم تقولون أن النبي هو من أمره
بطلاقها، والقرآن يرد و يقول عكس ما قلتم ".
وتابع: هذا ينسف
الشبهة بأكملها، ويدلنا على أن سبب طلاقهما هو أنه لم يكن هناك انسجام بينهما، لأن
زينب رضي الله عنها كانت تنظر إليه أنه عبد وأنها من سادة القوم، فكان زيد يغضب
جدا من هذه التصرفات، لذلك أصر على الطلاق، وحتى الآن كل الروايات تقول بأن النبي
لم يطلب من زيد أن يطلق زينب بل كان يحاول منع هذا.
وأردف قائلا:
لنقرأ الآن الآية كاملة من سورة الأحزاب والتي تستخدم للطعن في هذا الزواج
المبارك، تقول الآية: " وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك
زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه"، فما الذي أخفاه النبي ﷺ في
نفسه؟! الآية نفسها أعطتنا إشارة وهي "ما الله مبديه"، أي أن الله أبدى
ما أخفاه النبي ﷺ، وما الذي أبداه الله عز وجل؟! هو كما ذُكر في تفسير ابن كثير
"لكن الله تعالى أعْلَمَ نَبِيَّهُ أنَّها سَتَكُونُ مِن أزْواجِهِ قَبْلَ أن
يتزوجها"، فالواقع أن ما أخفاه النبي ﷺ هو الزواج فقط وليس الحب.
وأكد" أن
هذا الكلام من يبحث فيه يجد أن ابن كثير وابن عثيمين رحمهما الله يقولان في
تفسيريهما -ما مجمله- أن ما أخفاه النبي ﷺ هو إخبار الله عز وجل له بأنه سيزوجه من
زينب إذا طلقها زيد، كان النبي ﷺ يعلم ذلك ومع ذلك كان يقول لزيد: "أمسك عليك
زوجك" رغم علمه أن الله أخبره أنه سيتزوجها وأن الطلاق واقع لا محالة، والآية
واضحة جدا كما قال ابن عثيمين ولا إشكال فيها أصلا.
ونوه إلى أن
تكملة الآية تقول : "وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه" لأن النبي ﷺ كان
يخشى أن يقول الناس عنه أنه تزوج حليلة ابنه بالتبني، لأن زينب رضي الله عنها كانت
زوجة الابن المتبنَى، وهي محرمة لأن ابن التبني عندهم كان في مقام الابن تماما، ونحن
نعرف أن الإسلام يحرم زوجة الابن على الأب، حتى لو طلقها فإن النبي ﷺ كان يخشى من
ذلك، لذلك فإن الله عز وجل يعاتبه ويقول له ألا يلتفت لكلام الناس ولا يخشىاهم
فالله أحق بالخشية.
وواصل: نكمِلُ
الآية فتقول "فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها"، يعني لما قضى زيد حاجته
منها وطلقها، زوجه الله عز و جل إياها.
وتسأل، لماذا
تزوجها نبينا ﷺ؟ أو لماذا زوجه الله عز وجل إياها؟ نفس الآية تجيب علينا وتقول:
"لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم"، يعني حتى لا يكون
عند الناس حرج من الزواج من طليقة أبنائهم من التبني فما دام النبي ﷺ قد فعلها فلا
حرج فيها، لماذا؟! لأن النبي قدوة لنا وقد فعلها؛ إذا فلا يستطيع أحد أن يعير أحدا
امتثل لفعل النبي ﷺ.
فغرض زواج النبي
من زينب رضي الله عنها هو ما ذكرناه و ليس غرضه تحريم التبني؛ لأن التبني تم
تحريمه قبل هذه الواقعة، و إذا عدنا للوراء في نفس السورة : سورة الأحزاب و قبل
هذه الآيات، يقول الله عز و جل: "أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله"، و
هذا يعني أن التبني تم تحريمه قبل هذه الواقعة، و الغرض من الزواج هو لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج
أدعيائهم.
وأردف: هنا
سيسألك لماذا الإسلام حرم التبني أصلا؟! ما هذه القسوة؟! ألا يوجد عطف على هؤلاء
الأطفال؟ مؤكدا أن تحريم التبني جاء لمنع افتراض الأنساب.
وأضاف أنه أولا
لو أخذت طفلا فليس من حقك أن تنسبه لك؛ لأنك بذلك تسلب حق أبيه في ذلك، ثانيا هذا
سيكون له تبعات وآثار، وعلى سبيل المثال: ابنتك هي في الأصل ليست محرمة عليه، وبهذا
فأنت قد جعلتها محرمة عليه وأصبح لا يجوز له أن يتزوجها. مثلا أختك صغيرة في السن
وأراد أن يتزوجها، أنت بذلك حرمت عليه الزواج منه؛ لأنها في مقام عمته. وهكذا فأنت
خلطت الأمور وجعلت الحلال حراما والحرام حلالا. ولو تبنيت هذا الطفل و لم تتبنَ
أخته أصبحت أخته من أبيه حلالا له و هي في الأصل حراما عليه، ولهذا جاء الإسلام
بالحل وهو أن نحرم التبني دون تحريم الكفالة، فالإسلام لا يحرّم كفالة اليتيم أو
كفالة المسكين، فالنبي ﷺ جعل جزاء من يكفل يتيم مجاورته في الجنة، يقول النبي ﷺ :
"أنا و كافل اليتيم في الجنة كهاتين" و أشار بأصبعه الوسطى و السبابة، فالإسلام حرم ما سيحلل الحرام و يحرم الحلال، و
حلل الكفالة، حلل الكفالة، فيمكنك أن تنفق عليه و تكفله و تربيه كما تربي أبناءك
تماما و لكن لا تنسبه لك.
وتابع قائلا: وبعد
ذلك سيخرج علينا خفيف الظل يضحكنا قائلا : "هل الإله كان قد انتهى من كل مشاكل البشر فأصبح
يهتم لأمور النبي الشخصية"، و هذا طبعا شخص جاهل وغبي في نفس الوقت؛ لأن
الإسلام لم يترك شاردة ولا واردة من أمور الدنيا أو الآخرة إلا وقد فصلها، وهذه
الآية ليست أقل شأنا من غيرها من الآيات الأخرى التي ستفيد البشرية؛ لأن هذا الأمر
ليس من الأمور الشخصية للنبي ﷺ أصلا، إنما هو أمر اجتماعي، فالآية تقول :
"لكي لا يكون على المؤمنين حرج"، "على المؤمنين" تعني أن هذه
الآية تعالج أمرا من أمور المسلمين كلهم و ليس من أمور الرسول ﷺ، تعالج الأمور
الاجتماعية و ليس أمرا شخصيا خاصا بالنبي ﷺ.
وختم بقوله: ولو افترضنا أنها تعالج أمرا شخصيا خاصا بالنبي، فما المانع من ذلك؟! أليس هذا النبي مرسل إلى البشر كلهم؟!! فما المانع العقلي من أن تكون الآية تعالج أمرا شخصيا خاصا بالنبي ﷺ؟!! مشكلتك أنك دائما تضع موانع عقلية ليست موجودة إلا في رأسك المربعة، يعني أنت تفترض أن هناك موانع عقلية، فأين هو هذا الثابت العقلي الذي يتعارض مع اهتمام الإله بالنبي؟! لا يوجد. وهو ما يعرف بمغالطة ( استلزام ما لا يحب إلزامه) .