عباس شومان: القرآن محفوظ بأمر الله من التبديل والتحريف
خريجي الأزهر بتشاد: التسامح في الإسلام ليس تنازلا عن الحقوق
هل رأيت حشرة سرعوف الورقة الميْتة؟
الأزهر للفتوى: المراهنات على نتائج المباريات الرياضية «قمار محرم»
أفلا تبصرون.. مواصفات لا تتخيلها لـ مناقير الطيور
المفتي: التمسك بالأخلاق بات ضروري في ظل تعرض الأمة لهجمات فكرية ومحاولات لطمس الهُويَّة
رئيس مجلس الإدارة
أ.د حسـام عقـل
كتب: أحمد
إبراهيم
رد الدكتور يوسف
فوزي، الباحث والنقاد في ملف الإلحاد، على إشكالية يروج لها كثير من الملاحدة حول قولهم
" أن القدر لا يجري وفقا لإرادة الله، وأن الكوارث التي تشهدها البشرية من
حين لآخر، هي من صنع الطبيعة وذلك بعد أن تخلى الله عن الكون حاشا لله، وأن هذه
الكوارث خرجت عن السيطرة"، وقد أصبح حتما أن تتدخل قدرة الله على إحكامها قبل
أن يحزن أحدهم على فقدان عزيز عليه أو يتضرع آخر من انقطاع أسباب النجاة أو يبكي
ثالث من شدة الكرب. لكن حكمة الله تعالى اقتضت نفاذ ارداته في بلاء العباد، فهو
فعّال لما يريد سبحانه لا يسأل عما يفعل.
وبين في منشور
عبر حسابه الرسمي على فيس بوك، أن الإشكالية في هذا السؤال الذي يستدعي تدخل الله
لمنع المأساة من حصولها أو رفع تبعاتها عن عباده، أنه يخالف 3 أركان من أركان
الإيمان، تتمثل في الإيمان بالله، كون ذلك يعكس عجز الإنسان على خالقه في عدة
مواضع، فالله تعالى محيط بكل ذرة في جميع خلقه، أي أن كل شيء يجري بعلمه ولا يخرج
عن قدره شيء، وكل نازلة من النوازل مكتوبة وكل ردود الأفعال على هذه النوازل
محفوظة:
{وَقَالَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لَا تَأۡتِینَا ٱلسَّاعَةُۖ قُلۡ
بَلَىٰ وَرَبِّی لَتَأۡتِیَنَّكُمۡ عَـٰلِمِ ٱلۡغَیۡبِۖ لَا یَعۡزُبُ عَنۡهُ
مِثۡقَالُ ذَرَّةࣲ فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَلَا فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَاۤ أَصۡغَرُ مِن ذَ ٰلِكَ وَلَاۤ أَكۡبَرُ إِلَّا فِی كِتَـٰبࣲ مُّبِینࣲ}، كما أن الله
تعالى هو الحكيم العليم العادل، وهو أعلم بحال المستضعفين ولن يظلمهم في شيء: {إِنَّ
ٱللَّهَ لَا یَظۡلِمُ مِثۡقَالَ ذَرَّةࣲۖ وَإِن تَكُ حَسَنَةࣰ یُضَـٰعِفۡهَا وَیُؤۡتِ
مِن لَّدُنۡهُ أَجۡرًا عَظِیمࣰا} النساء - ٤٠ .
واضاف أن الله
تعالى قادر على أن يجعل الخير فيما يحسبه الإنسان شر، فالإنسان لا يعلم إلا الظواهر وتأثيرها المباشر
عليه و على ما حوله، ولو أدرك بواطن الأمور لوجد فيها رحمة الله:{كُتِبَ
عَلَیۡكُمُ ٱلۡقِتَالُ وَهُوَ كُرۡهࣱ لَّكُمۡۖ وَعَسَىٰۤ أَن تَكۡرَهُوا۟ شَیۡـࣰٔا
وَهُوَ خَیۡرࣱ لَّكُمۡۖ وَعَسَىٰۤ أَن تُحِبُّوا۟ شَیۡـࣰٔا وَهُوَ شَرࣱّ لَّكُمۡۚ
وَٱللَّهُ یَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} البقرة - ٢١٦
ولفت إلى أنه من
المعلوم أيضا أن الله تعالى غير مقيد بالزمن الذي خلقه ليجري على الإنسان، فقد يرى
المسلم أخاه المسلم يبكي من هول ما حدث لكنهما مضطران سويا لأن يعيشا معا هذا
الوقت الصعب ويصبران حينا من الزمن حتى تتبدل الأحوال، أما الله تعالى فهو يستطيع
أن يرى جميع أحوال الإنسان في حياته من الصغر للكبر مجتمعة في ذات اللحظة؛ أي
يستطيع أن يراه سعيدا ويضحك في الوقت الذي يراه إنسان آخر حزينا ويبكي (راجع مقال
-فلسفة الغيب وجدلية الحساب)، وأن الله يعلم أن التغيير قادم لأنه مطلع على القدر
والغيب، وهو يأمر عباده بالصبر لنيل المفازة، أما نحن، فنظن أن كل مأساة هي نهاية
العالم وليس بعدها خير قط. وكأن العالم الذي نعرفه قد خلق لأجل راحتنا ومتعنا.
وشدد على أن
المؤمن يعلم أن الله قدّر له ما يصيبه من خير وشر في حياته، فكل شيء مقسوم من قبل
أن يولد، وإن فرح العبد بما أوتي أو أساه على ما فقد لن يغير من القدر شيئا، فيقول
تعالى: {مَاۤ أَصَابَ مِن مُّصِیبَةࣲ
فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِیۤ أَنفُسِكُمۡ إِلَّا فِی كِتَـٰبࣲ مِّن قَبۡلِ أَن
نَّبۡرَأَهَاۤۚ إِنَّ ذَ ٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ یَسِیرࣱ (22) لِّكَیۡلَا
تَأۡسَوۡا۟ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمۡ وَلَا تَفۡرَحُوا۟ بِمَاۤ ءَاتَاكُمۡۗ وَٱللَّهُ
لَا یُحِبُّ كُلَّ مُخۡتَالࣲ فَخُورٍ (23)} الحديد
وتابع أن الأصل
أن الحياة الدنيا هي دار اختبار لإيمان الإنسان في كل أحواله؛ في فقره وغناه، في
قوته وضعفه، في علمه وجهله، في شهرته بين الناس ونكرانه... إلخ، وقد أخبرنا الله
تعالى عن البلاء الذي يصيب به عباده ليمحص ما في قلوبهم ويظهرها لهم ولغيرهم، حتى
يُعرف المؤمن الصابر من الكافر الجاحد. يقول الله تعالى: {وَلِیُمَحِّصَ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ
ءَامَنُوا۟ وَیَمۡحَقَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ} آل - عمران – ١٤١، ويقول تعالى:{مَّا
كَانَ ٱللَّهُ لِیَذَرَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ عَلَىٰ مَاۤ أَنتُمۡ عَلَیۡهِ حَتَّىٰ یَمِیزَ
ٱلۡخَبِیثَ مِنَ ٱلطَّیِّبِۗ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِیُطۡلِعَكُمۡ عَلَى ٱلۡغَیۡبِ
وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ یَجۡتَبِی مِن رُّسُلِهِۦ مَن یَشَاۤءُۖ فَـَٔامِنُوا۟ بِٱللَّهِ
وَرُسُلِهِۦۚ وَإِن تُؤۡمِنُوا۟ وَتَتَّقُوا۟ فَلَكُمۡ أَجۡرٌ عَظِیمࣱ} آل عمران -
١٧٩
وأردف قائلا: أن أولياء الله تعالى يَظهرون في المحن، وذات المحنة تُظهر أعداء الله، وها قد رأينا من ذهب بنفسه وماله لينجد إخوة له في الإسلام، ومن ذهب ليسرق المساعدات ويستنفع بها لنفسه، المحنة واحدة على الجميع في فقد المال والأنفس والثمرات، لكن تعاطي العباد مع المحنة يختلف باختلاف ما في قلوبهم. بعضهم مكلوم لكنه يؤمن بأن الله معه، والبعض الآخر يغضب لأنه يظن أن الله تخلى عنه أو عن أحبابه.
