الإعجاز العلمي القرآن الكريم في الإخبار عن وجود حاجز بين المياه العذبة والمالحة

  • جداريات Jedariiat
  • الجمعة 28 يوليو 2023, 02:54 صباحا
  • 496

بين محمد سليم مصاروة، الباحث في ملف الإلحاد، الإعجاز العلمي القرآن الكريم في الإخبار عن وجود حاجز بين المياه العذبة والمالحة.

وأشار إلى قول الحق تبارك وتعالى: "وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا" (الفُرقان :53)، مبينا أن مَرَجَ: أرْسَلَ، خَلّى وكذلك؛ خَلَطَ، والْبَحْرَيْنِ: كل جِسْمَي ماء كبيران؛ محيطان، محيط وبحر، بحران، نهران ضخمان، بحر ونهر ضخم، وعَذْبٌ: حُلو، غير مالح، وفُرَاتٌ: شديد العذوبة ، وأُجَاجٌ: شديد الملوحة ، وبَرْزَخًا: حاجزًا، فاصلًا بين الشَّيْئَينِ، وَحِجْرًا مَحْجُورًا: وعزلًا معزولًا 

وأوضح أن الآية الكريمة أعلاه، وكذلك الآية من سورة الرحمن (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ ) تذكران ظاهرة طبيعية غير مألوفة في منطقة شِبه الجزيرة العربية، ومن المستبعد أنَّ  يكون صلى الله عليه وسلم وأهل قريش قد رأوها عيانًا، هذه الظاهرة هي: عدم اختلاط كل من مياه بحرين  أو نهرين او بحر ونهر فيهما اختلاف كبير بدرجة الملوحة.

وتابع: وتبرز ذلك جليًا عند التقاء المحيطات او مثل انهر ضخمة في محيطات مثل ؛ مَصَب نهر " فريزر " بكندا في المحيط الهادئ، مَصَب نهر " سالمون" بالولاية الامريكية " اوريچون" في المحيط الهادئ ، مَصبات نهر " الأمازون " في المحيط الأطلسي

وأوضح أن الآية الكريمة تذكر وجود حاجز (برزخ) في منطقة التَماس وان الحاجز يُكَوِّن منقطة عازلة (حِجرًا محجورًا) بين البحرين المتباينين بدرجة الملوحة، حيث تلتقي المياه العذبة مع المالحة تمتد المياه الأقل ملوحة الى الامام داخل المياه المالحة وفي الأسفل يحدث العكس، إذ تمتد المياه الأكثر ملوحة عبر المياه العذبة، وكلما اقْتَربَت من القاع كلما امتدت أكثر فأكثر،  تطفو المياه العذبة فوق المالحة بسبب كثافتها المنخفضة ووزنها النوعي الأخف، وبنظره جانبية تبدو المياه العذبة كأنها تركب فوق المياه المالحة من القاع وحتى السطح، مُتخذةً شكل مثلث مقلوب (وتَد) ولذلك يُسمَّي بـ" وتد مائي " water wedge .

وينتج شكل الوتد بسبب حدوث توازن بالضغط الهيدرودينامي  (ضغط السائل المتحرك)، وهو ضغط  مُوَجَّه من كل نوع من الماء نحو النوع الآخر، ويزداد الضغط مع ازدياد العمق ازداد العمق فيصل أقصاه حيث القاع ولذلك تتوغل هناك المياه المالحة أقصى ما يمكن.

 وواصل: بطبيعة الحال فان الحد الفاصل (البرزخ ) بين المائين مُتَحرك وخاضع لقوى المد والجزر، وللتيارات السفلية للماء، ويسمى التقاء النهر بالبحر بـ "مَصَّب النهر" Estuary وهي منطقة انتقالية من النهر المحصور الى البحر المفتوح، فيها تتصاعد نسبة الملوحة من النهر باتجاه البحر، وتفصل منطقة مَصَبُّ النهر بين مياه النهر الخالصة وبين مياه البحر المختلفة ولذلك فهي بيئة عازلة (حجرًا محجورًا) ذات مميزات تجعلها حيويةً ضمن سلسلة غذاء لأعداد ضخمة من الكائنات الحية وبضمنها الإنسان.

وأكمل: في مصب النهر يُفَرغ النهر حمولته من الرواسب الطينية الغنية بالمواد العضوية، والتي تقتات عليها الكائنات الدقيقة وتنمو فتصير بدورها غذاءً؛ للمحار (الأصداف البحرية)، ولسرطانات البحر (تقضي جزء من دورة حياتها في مصبات الأنهار)، ولأنواع من الاسماك (مثل السلمون والرنجة)، وهذه الأسماك تُعَدُّ مصدرًا غذائيًا لمستويات أعلى في السلسلة الغذائية؛ كالأسماك الأكبر حجماً والطيور البحرية والبرية (تتزود بالغذاء من مَصاب الأنهار أثناء هجرتها) والثدييات (دببة، إنسان وكذا)، إضافة إلى ذلك، يوفر مَصَب النهر بيئة مثالية لنمو العوالق النباتية "فيتو بلانكتون" والتي تَضبُط عن طريق عملية التمثيل الضوئي، (إلى جانب النباتات والأشجار) نسبة ثاني اكسيد الكربون والأوكسجين في الطبيعة.

وأيضًا تحتضن بيئة مصب النهر  يرقات لأنواع من الأسماك البحرية  والتي تُشَكِّل %87 من إجمالي المأكولات البحرية في أمريكا.

وأكمل: لمصبات الأنهار دور رئيسي في ضبط جودة المياه المسكوبة في البحار، إذ  تنمو في قعرها وعلى ضفافها مملكة نباتية مميزة تقوم بتنقية وتفكيك(إلى حد كبير) السموم والملوثات المُفرَزة في مياه الأنهار من نفايات الصناعة قبل سريانها إلى البحر.

وتابع: كانت مصبات الأنهار وما زالت من أكثر النُظُم البيئية خصوبةً وحيوية لحياة البشر ويكفي أن نعلم أن 60٪ من سكان المعمورة يقطنون في مدن منتشرة على ضفاف مصبات الأنهار .

واختمم: كما رأيتم ان وجود منطقه فاصلة بين المياه العذبة والمالحة (حجراً محجورا) يؤثر إما بشكل مباشر أو غير مباشر على حياة وبقاء جميع أنواع الكائنات الحية، لذا تنشط في الغرب حركات حماية البيئة الداعية إلى وقف إتلاف بيئة مصاب الأنهار والعمل على إصلاحها والحفاظ عليها كمحميات طبيعية، ومن كَرَم الله وفضله أنَّه يُذَّكرنا عبر آيات القرآن الكريم، بجزيل نِعَمِه علينا وفضله، عسى نشكره فيرحمنا.

تعليقات