نهال القويسني تكتب: رمضان .. نسائم الحنين

  • جداريات Jedariiat
  • الأربعاء 12 أبريل 2023, 05:55 صباحا
  • 349

حين تهل روائح الشهر الكريم، تهب معها نسائم الحنين لذكريات الطفولة الدافئة والشباب اليافع.. تحملني على بساط الأحلام لتداعب ذكريات فرحة الفانوس الملون والشمعة بداخله.. وسعادة اطفال العائلة وهم يجتمعون ليغنوا معا أهازيج الترحيب بالشهر الكريم.. فرحة غامرة.. فرحة صادقة تملأ النفوس الصغيرة.. وبهجة عارمة تملأ جنبات الدار.. دار تزينها الألفة والمحبة والمودة بين سكانها وزوارها وكل من اقترب من عتباتها.. تلك الفرحة التي ما يزال طعمها على لساني بطعم الكنافة والقطايف.. وصدي بهجتها يتردد بين أضلعي رغم مرور الأعوام وسنوات العمر.

وتأخذني اللقطة التالية وانا في اولي مراحل الصبا اتعلم أحكام تلاوة القرآن الكريم علي يد والدي رحمة الله عليه.

يعقبها عنفوان الشباب والاعتداد بالعقل والعلم.. وتلك التساؤلات الكثيرة التي تملأ النفس حيرة وقلق.. لأتذكر اول درس في الحداثة وقوة العقيدة.. حين طلب مني والدي ان أبحث بنفسي في حكمة تشريع الصيام.. يوم نصحني ان لا أمارس الشعائر لأن اهلي يفعلون.. يوم قال لي أن الإيمان الحق غاية تدرك بالقلب والعقل معا.. يوم علمني ان أعتز بعقلي وأتخذ قراري بحرية.. يوم نبهني أن هذه هي أضمن وسيلة لترسيخ الإيمان والوصول ألي الثبات عن اقتناع وليس اتباعا اعمي.

 

أتذكر أول مرة صليت فيها التراويح مع الكبار.. مع أعمامي وأولادهم.. حتي ضاق بنا المكان وامتد إلي خارج الغرفة.. أجواء الود والألفة والمحبة والتراحم.. وبهجة القلب بوجود الأهل والأقارب والأحباب مجتمعين حول مائدة رمضان وصلوات التراويح وغناء الأطفال بالفوانيس.

 

امتد بي العمر وتفرقت المشارب، وقضيت شهر رمضان وحيدة في بلاد عربية وأجنبية بحكم عملي.. فلم أجد مثل أجواء رمضان مصر في أي مكان آخر.. قرآن المغرب بصوت الشيخ رفعت.. ومدفع الإفطار.. والأعلام والأنوار تزين الشوارع.. والمسحراتي.. وموائد الرحمن.. وتواشيح النقشبندي.. كلها كانت حاضرة في قلبي ووجداني.. اهرع إليها لتؤنسني في غربتي ووحدتي.

 

مشاعر الخير والصفاء والسماحة التي كانت تظلل الأجواء.. لتهدأ النفوس وتصفو القلوب ويتعافلى البدن من كل موبقات العام.. وتسمو الروح فوق الغرائز لتشف لحظات تدنيها من سكينتها.. لنتمنى جميعا ونحن نودع الشهر الكريم بأسى علي فراقه، ان تكون السنة كلها رمضان، ليدوم الخير ويدوم الصفاء وتدوم المحبة.

تعليقات