مركز حصين: الله لم يخلق الناس عبثا.. وجعل لهم دارين يَصِيرُون إليهما ويُخَلّدُون فيهما

  • جداريات Jedariiat
  • الجمعة 23 ديسمبر 2022, 03:02 صباحا
  • 242

قال مركز حصين المختص في نقد الإلحاد والرد على الشبهات، إنّ اللهَ تعالى لَـمْ يَخلُق الخلقَ عَبَثًا، ولَـمْ يَتركْهُم سُدًى، ولَـمْ يُغْفِلْهُم هَمَلًا، بَلْ خلَقهُم لِأَمرٍ عظيمٍ، وهيّأَهُم لِـخَطْبٍ جَسِيم، وعَمَّرَ لهم دَارَيْنِ يَصِيرُون إليهما ويُخَلّدُون فيهما، فالجنّةُ دارُ النّعيمِ لِمَن أجابَ الدّاعِي، ولَـمْ يَبْغِ بربِّه الكريمِ بَدَلًا، وجهنَّمُ دارُ الجحيمِ لِمَن لَـمْ يُجِبْ دعوتَه، ولَـمْ يُعلِّقْ بها أَمَلًا.

وأضاف في "موضوع خطبة الجمعة" التي ينشرها بشكل أسبوعي، أن اللهُ خلق الجنّةَ وجعلَها دارًا لِأَوليائِه، ومَقَرًّا لِأَصفيائِه، ومَلَأَهَا مِن رحمتِه وكرامتِه ورِضوانِه، ورغَّبَ فيها، ودعا إليها، وسمَّاها دارَ السلامِ، دارٌ لا ينفَدُ نعيمُها، ولا يفنى مُقيمُها، فيها المَزِيد الذي لا يَبيِد، وفوقَه الرَّضَى من الـحَميد الـمَجيد، قد تَشَوَّقَت للِطَالِبِين، وتزَيَّنَت للِمُريدِين، قد أشرقَ بَـهَاؤُهَا، وطَابَ فِنَاؤُهَا، وعَظُمَ بِنَاؤُها، نطقَت بِوَصفِها نُصوصُ الوحيَين، وقَرَّت بسُكناها كُلُّ عَين، فيا سعادةَ ساكنِيها، ويا فوزَ وارِثِيها، ففي الصحيحَين عن أبي هُريرةَ رضي الله عنه عن رسولِ اللهِ ﷺ قالَ: «قَالَ اللهُ تعالى: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِـحِينَ مَا لَا عَينٌ رَأَتْ، ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ، ولَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَر».

 

وتابع: دارٌ بِنَاؤُهَا لَبِنَةٌ ذَهَبٌ ولَبِنَةٌ فِضَّة، ومِلَاطُهَا (أي: طِينُهَا) المِسكُ الأَذفَر، وحَصْبَاؤُهَا اللُّؤْلؤُ والجوهَر، وتُرابُهَا الزَّعفَرَان، مَن يَدخُلُهَا يَنعَمُ ولا يَبْأَس، ويَخلُدُ ولَا يَمُوت، لا تَبْلَى ثِيابُه، ولا يَفْنَى شبابُه، وأوّلُ مَن يَقرَعُ بابَ الجنةِ هو نبيُّنا وسيِّدُنا محمدٌ ﷺ، فيقولُ له الخازِنُ: مَن أنت؟ فيقول: «محمّد». فيقول: أُمِرتُ ألّا أفتَحَ لِأَحدٍ قبلَكَ. صلَّى الله وسلَّم وبارَك على نبيِّنا محمدٍ.

وأردف: للجنّةِ ثمانيةُ أبواب، وإنّ ما بينَ المِصْرَاعَينِ مِن مَصَارِيعِ الجنَّةِ لَكَما بين مكَّةَ وبُصْرَى (في الشّام)، وأولُ زُمرةٍ يدخُلونَ الجنّةَ على صُورةِ القَمَرِ ليلةَ البَدر، والذين يَلُونَهم على أشدِّ كوكبٍ دُرِّيٍّ في السماءِ إضاءَةً، يُسبِّحون اللهَ بُكرةً وعشِيًّا، لا يختَلِفون ولا يتباغَضُون، بل قلوبُهم على قَلبِ رجلٍ واحدٍ، لا يمرَضُونَ، ولا يبُولون، ولا يَتَغَوَّطُون، ولا يَـمْتَخِطُون ولا يَتْفُلُون، أمشاطُهُم الذهبُ، ورَشْحُهُم المِسك، ومَجَامِرُهم الأُلُوَّة (أي: مباخِرُهم من العُود)، على صُورةِ أبِيهم آدمَ: سِتّون ذِراعًا في السّماءِ في عَرضِ سبعةِ أذرُع، مشيرا لقول الحق تبارك وتعالى "إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ * كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ * يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ * لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ".

وأردف: "يدخلُ أهلُ الجنّةِ الجنةَ جُردًا مُردًا مُكحَّلين، أبناءَ ثلاثٍ وثلاثِين، قد أشرَقَ عليهِمُ السَّناءُ والضياءُ، والجمالُ والبَهاءُ، تَعرِفُ في وجوهِهِم نَضْرَةَ النَّعيم، يُنادَون: إنّ لَكُم أنْ تَصِحُّوا فلَا تَسْقَمُوا أبَدًا، وإنّ لَكُم أنْ تَحْيَوا فلا تموتُوا أبَدًا، وإنّ لَكُم أنْ تَشِبُّوا فلا تهرَمُوا أبَدًا، وإنّ لَكُم أنْ تَنعَمُوا فلا تَبْأَسُوا أبدًا، ولهُم فيها مِن كلِّ الثَّمَرات. ولو أنّ رجُلاً مِن أهلِ الجنّةِ اطَّلَع فبَدَا سِوارُه لَطَمَسَ ضَوءَ الشمسِ كما تَطمِسُ الشّمسُ ضوءَ النّجوم".

 

وأكمل: وخير مواضع الجنةِ الفِردوس؛ فإنه وسطُ الجنةِ، وأعلى الجنة، وفوقَه عرشُ الرحمنِ، ومنه تَفَجَّرُ أنهارُ الجنة، فمن سألَ اللهَ الجنّة فليسألهُ الفردَوسَ الأعلى مِنها.

 

وأعظمُ الأنهارِ وأحلاها وأحسنُها نهرُ الكَوْثَر، جعلَه اللهُ مَكرُمَةً لنبيِّنا وسيِّدنا محمدٍ ﷺ، حافَتَاه قِبابُ اللُّؤلُؤ الـمُجوَّف، ماؤُه أبيضُ مِن اللبَن، وأحلى مِن العسل.

واستطرد: وأدنَى أهلِ الجنةِ منزلةً رجلٌ يجِيءُ بعدَ ما أُدخِل أهلُ الجنةِ الجنة، فيُقال له: اُدخُل الجنّة. فيقولُ: أيْ ربِّ! كيف وقد نزلَ الناسُ منازِلَهم، وأخَذُوا أَخَذَاتِهم؟! فيُقال له: أتَرْضَى أنْ يكونَ لك مِثلُ مُلكِ مَلِكٍ مِن ملوكِ الدنيا؟ فيقول: رَضِيتُ رَبِّ. فيقول: لك ذلك، ومِثلُه، ومِثلُه، ومِثلُه، ومِثلُه، فيقول في الخامِسَة: رَضِيتُ رَبِّ. فيقول: هذا لكَ وعشرةُ أمثالِه، ولك ما اشْتَهَتْ نفسُك ولَذَّتْ عينُك. فيقول: رَضِيتُ رَبِّ.

 

وأما أعلاهُم منزلةً فيقولُ اللهُ فيهم: أولئك الذين أردتُّ، غَرَسْتُ كرامتَهُم بِيَدِي، وختَمْتُ عليها، فلَمْ تَرَ عَينٌ، ولَـمْ تَسمَعْ أُذنٌ، ولَـمْ يَخطُرْ على قلبِ بشرٍ.

 

وإنّ في الجنّةِ لَشجرةً يسيرُ الراكبُ في ظلِّها مائةَ سنةٍ ما يَقطعُهَا، وإنّ لِلمؤمنِ في الجنّةِ لَـخَيمةً من لُؤلؤةٍ واحدةٍ مُجوَّفة، طولُها في السماءِ ستُّون ميلاً، لِلمؤمنِ فيها أَهلُون، يَطُوفُ عليهمُ المُؤمنُ فلا يرَى بعضُهم بعضًا.

 

ولو أنّ امْرأةً مِن أهلِ الجنةِ اطَّلَعَتْ على أهلِ الأرضِ لأضاءَتْ ما بينهما، ولملأَتْه رِيحًا، ولنَصِيفُها على رأسِهَا -يعني: خِمارَها- خيرٌ مِن الدنيا ومَا فِيهَا.

 

وإنّ اللهَ -عزّ وجلّ- يقولُ لأهلِ الجنةِ: يا أهلَ الجنّة! فيقولون: لبَّيكَ ربَّنا وسعدَيك، والخيرُ في يدَيك. فيقول: هل رَضِيتُم؟ فيقولون: وما لنا لا نَرضَى يَا ربَّنا، وقد أعطَيتَنا ما لَـمْ تُعطِ أحدًا مِن خَلقِك. فيقول: ألا أُعطِيكم أفضلَ مِن ذلك؟ فيقولون: وأيُّ شيءٍ أفضلُ مِن ذلك؟ فيقول: أُحِلُّ عليكم رِضوانِي فلا أسخَطُ عليكُم بعدَه أبدًا.

 

وإنّ العطاءَ الأَعظمَ، والنعيمَ الأكبرَ الذي يتضاءَلُ أمامَه كلُّ نعيمٍ هو النَّظرُ إلى وجهِ اللهِ الكريم؛ فعن جريرِ بنِ عبدِ الله t قال: كنّا عندَ رسولِ اللهِ ﷺ، فنظرَ إلى القمرِ ليلةَ البدرِ، وقال: «إنّكُم سَتَرَوْنَ ربَّكُم عِيانًا كَمَا تَرَوْنَ هذا القَمَرَ، لا تُضَامُون في رُؤيتِه»؛ متفق عليه.

 

وما بينَ القومِ وبينَ أنْ يَنظُرُوا إلى ربِّهم إلا رِداءُ الكِبرياءِ على وجهِه في جنَّةِ عَدْنٍ، ويُنادِي مُنادٍ: يا أهلَ الجنةِ! إنّ لكُم عندَ اللهِ موعِدًا يُريدُ أن يُنجِزَكمُوه. فيقولون: ما هو؟ ألَـمْ يُثقِّل موازِينَنا، ويُبيِّضْ وُجُوهَنا، ويُدخِلْنا الجنّة، ويُزحزِحْنا عن النار؟! فيَكشِفُ الحِجَاب، فيَنظُرُون إليه، فما أعطاهُم شيئًا أحبَّ إليهِم مِنَ النظرِ إليه!

 

تعليقات