أمين "البحوث الإسلامية": تفسير القرآن حسب «الرؤى» غاية مسمومة تسعى لضياع هيبته وإسقاط أحكامه
- الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
وكيل الأزهر
قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، إن مجتمعاتنا حرصت في السنوات الأخيرة من خلال أدوات مختلفة على إظهار ملامح الرحمة والجمال والسعة التي يتميز بها الإسلام، والتي يمكن أن تتشاركها الإنسانية، فيكون بين أطيافها تواصل حضاري مثمر، موضحًا أن اللغة هي أحد أهم مكونات الهوية، ومن أهم عوامل البناء في مختلف الحضارات والثقافات.
وأضاف فضيلته خلال كلمته باحتفالية الأزهر باليوم العالمي للغة العربية والتي نظمها مجمع البحوث الإسلامية وقطاع المعاهد الأزهرية، تحت عنوان: "اللغة العربية..الماضي والحاضر"، أنه لا شك أن اصطفاء الله تعالى للغة العربية لتكون لسانا لكتاب الإسلام، ومبينة لعلوم الشريعة؛ يفسر جانبا كبيرا من سر هذا "الصراع اللغوي" بين الحضارات، مشيرا إلى أن اللغة العربية خطت لنفسها شهادة تؤكد عبقريتها وقدرتها المتجددة على الحياة في ظل متغيرات تموج موج البحر؛ فقد كانت لغة الإبداع العربي قبل الإسلام، ولغة الإعجاز الإلهي بعد ظهوره، واستوعبت كتاب الله تعالى وسنة نبيه - عليه الصلاة والسلام، واستوعبت حضارات مختلفة، وعلوما شتى، ومخترعات ومنجزات؛ حتّى تنبأ لها العرب وغير العرب بالخلود.
وأشار فضيلته إلى أن العناية التي حظيت بها اللغة العربية وعلومها؛ كان عاملا مؤثرا في بقاء بنيانها محفوظا من آفات النسيان؛ فقد جمعت ألفاظها، ودونت مادتها المعجمية، وأسس علم النحو بمدارسه المتعددة: البصرية والشامية والمصرية والأندلسية، وقعد لعلوم الصرف والبلاغة والأصوات، وجمعت القصائد الحضارية في دواوينها وشرحت، فبذلك أقيم صرح لغوي عظيم تفخر به الأمة وتتفاخر، مبديا أسفه لما نراه من غياب الفصاحة العربية عن ألسنة كثير من أبنائنا الذين شغلوا عنها بغيرها من اللغات واللهجات، ومعربا عن قلقه لما نراه من شيوع مفردات أجنبية في شوارعنا ومؤسساتنا، حتّى إن البعض ليعد الزج ببضع كلمات أعجمية في الحديث من علامات التحضر والرقي!، مشيدًا بكل تجربة تنفتح على تعلم اللغات التي تتيح النظر عن قرب إلى حضارات مختلفة، وتفتح للأجيال الناشئة جسورا ومعابر يصلون بها إلى التقدم والازدهار.
وأكد الدكتور الضويني أن التاريخ يثبت أن اللغة العربية قادرة على التكيف مع الحضارات السابقة والمعاصرة والإفادة منها، بما يمكن أبناءها من المشاركة في البناء العلمي والحضاري للإنسانية، موضحًا أن اللغة العربية استطاعت أن تستوعب الحضارات المختلفة العربية، والفارسية، واليونانية، والهندية المعاصرة لها في ذلك الوقت، وأن تجعل منها حضارة واحدة، كونية الرؤية، إنسانية الأداء، في ظل قرآن يضمن للبشرية كلها الأمن والأمان، ويمكنها كذلك أن تستوعب الحضارات المعاصرة الآن، لافتا إلى أن هذا الواقع اللغوي يفرض على الأمة العربية أن توجد طرائق متنوعة لتأصيل وتجذير اللغة العربية في نفوس أجيال المستقبل؛ لتبقى حية متوقدة في ألسنتهم وفي أفكارهم، بدءا من المدارس والمؤسسات التربوية، ومرورا بوسائل الإعلام المختلفة، ووسائل التواصل الاجتماعي المحدثة التي تأتي بالعجائب وغيرها من أدوات معاصرة.
واختتم وكيل الأزهر كلمته بالتأكيد أن اللغة العربية أمانة في أعناق النّاطقين بها، والحفاظ عليها مسؤولية مشتركة بين جميع فئات الأمة، والحفاظ عليها ضرورة وجود وحياة، موضحا أن الأزهر الشريف قد عني باللغة العربية منذ تأسيسه عناية كبيرة، فأنشأ لها كليات وأقسام حمل اسمها، وتنبئ عن رسمها، ومراكز تدرب على إنصابها، وكيانات ترغب الأعاجم فيها، ومن ذلك : كليات اللغة العربية بمحافظات مصر، وأقسام اللغة العربية في بعض الكليات الأخرى، ومركز الشيخ زايد لتعليم اللغة العربية، وكلية العلوم الإسلامية للوافدين، فضلا عن كثير من الفعاليات التي تؤكد الهوية اللغوية للأمة، مؤكدًا أن الأزهر الشريف سيظل الحارس الأمين على علوم اللغة العربية والشريعة الإسلامية.