باحث في ملف الإلحاد يرد على شبهة تشابه الإسلام باليهودية: الفرق جوهري في العقيدة والمبدأ
- الثلاثاء 13 مايو 2025
التحول من الإلحاد إلى الايمان
في دراسة نفسية طرحها الدكتور ريكان إبراهيم، أستاذ علم النفس الديني، عن أسباب تحول بعض الملحدين إلى مؤمنين، يقول: إن ظاهرة وجود الكثير من المُلحدين الذين تحولوا إلى الإيمان ثم إستقروا عليه يدل على وجود سرٍ أو أسرار وراء هذه الظاهرة، وبالتالي فكان لابد من البحث والدراسة عن العوامل والأسباب التي تؤيد تلك الظاهرة.
وأشار إبراهيم إلى أن العوامل التي تدفعُ بالإلحاد أن يُصبح إيماناً بعد رحلةٍ من المجاهدة والبحث تنقسم إلى ثلاثة محاور: عوامل في الإنسان، عوامل في الكون، وعوامل الإيمان.
وبدأ إبراهيم تفسيراته لتلك الظاهرة بالعوامل التي تخص الانسان، فإن الإنسان نفسه يحمل في داخله بذرة الإيمان مهما غالى في إلحاده. وتتوزع هذه البذرة على عدة مرافق:
أ- العمر: لوحسبنا نسبة الملحدين في شبابهم ممن إنحازَ منهم إلى الإيمان في شيخوختهم ومراحلهم المتقدمة في العمر مقارنةً بنسبة من ظلَ منهم على إلحاده إلى عمر متأخر لوجدناها كبيرةً جداً.
استخدمت إحدى الدراسات المعتمدة إحصائية لمائةٍ من الشخصيات الفكرية العالمية المشهورة ووجدت تلك الدراسة ان (73%) منهم غيروا معتقداتهم الإلحادية إلى معتقد إيماني، فيما ظل (12%) على قاعدة (اللاأدرية)، وظلَ ما تبقى من المائة ملحدين.
إن العمر عامل من عوامل النُضج (Growth) والنمو (Development). إن مرحلة الشباب هي مرحلة الإستعراض بالاختلاف والمجاهرة بالخصوصية وعرض الذات بالتقمص.
كل هذا تُغطيه العواطف والنزوات في قصور ذهنيٍ واضح عن إدراك الحقيقة. كلما تقدم العمر بالإنسان يوماُ تقدم نضجه بإتجاه الموت خطوة وفي مراحل توقع الموت يدرك الإنسان سراب البحث عن شيء لا يُدرك.
صحيحٌ أن التفكير عمليةٌ لا تتوقف بالعمر لكن محتوى التفكير يتغير من دون أن يتوقف.
ب- الثقافة: تُؤدي ثقافة المجتمع دوراً في ثقافة الفرد المنتسب إلى ذلك المجتمع. وفي مرحلة الشباب يكثر عدد المتمردين على ثقافات مجتمعاتهم فيما يقل هذا العدد كلما نضج الفرد الشاب. لاحظ عدد الشباب الذين يُقبلون على قراءة كتب الإلحاد وقارن هذا بعددهم وهم شيوخ.
إنهم يُسمون مراحل ما كانوا عليه بمراحل الطيش والصخب والثورة على حقائق كانوا يجهلونها ومنها حقيقة الله. إن الثقافات التي تُروج للثورة الجنسية والخمور والرقص هي ثقافات تُسهلُ للإلحاد بالله وقيمه التي تحارب الإبتذال في السلوك البشري.
ج. الجنس: يختلف الرجل عن المرأة في علاقته بالإلحاد. لقد أشارت دراسات كثيرة إلى أن نسبة الملحدين بين الرجال تفوق نسبة الملحدات بين النساء.
د- قصور الحِس: يحاول الإنسان أن يُدرك الأشياء والموضوعات والظاهرات بوسائل حسه. فهو يريد أن يرى ما لا يُرى ويسمع ما لا يُسمعُ، وهذا أمرٌ لا يمكن الوصول إلى تحقيقه.
فالشيء الذي يقع خارج مدى البصر لا يمكن رؤيته مع أنه موجود. والأصوات التي لها ذبذبات أقل من 16 ذبذبة في الثانية هي مثل الأصوات التي ترددها أكثر من عشرين ألف ذبذبة في الثانية، كلاهما لا يدركه السمع مع أنه موجود.والروائح التي تفشل في إستثارة عصب الشم لا يمكن شمُها مع أنها موجودة.
هذا القصور الحسي للأشياء على الرغم من وجودها، حدا بالإنسان إلى التفكير في عجزه عن الإدراك الكلي لله وجعله يعيد النظر في مسألة الإيمان.
أخير اصطلح العُلماء على إضافة حاسة جديدة إلى الحواس الخمس سموها الحاسة السادسة. وفي هذه الحاسة تقع مصطلحات الإلهام والإبداع والميتافيزيقيا والشعور العُلوي والتطلع الفلسفي والتخمين والتصور.
إن الحاسة السادسة تُحقق ظاهرة الإرتباط بواحدة أو أكثر من الحواس الخمس. فقد نسمع اللون، وقد نرى المسموع على مستوى من مستويات التصور. فعند قول أحدهم أن فلانة إمرأة ناعمة يقودنا القول إلى تصورها بيضاء أكثر من تصورها سمراء. واللون الأسود يثير إنفعال الخوف لأنه يرتبط بالليل البهيم.
وقد لا يوافقنا القارىء على ذلك ولكي يوافقنا قليلاً أو كثيراً نسوق إليه مثالاً، ظاهرة إنفصال أداة الحس عن وظيفتها عند المتعاطي لمادة (لاسرجك أسيد LSD)، حيث يبدأ المتعاطي بإدراكه للون في الصوت الذي يسمعه وإدراكه لوجود صوتٍ في اللون الذي يراه، وهذه ظاهرة طبية معروفة لدى الأطباء النفسيين الذين يعالجون مرضى الإدمات بهذه المادة.
هـ - الإلحاد مرضاً والإيمان صحةً: وهذا عامل كامن في الإنسان يُعدُ دافعاً له للرحلة من الإلحاد إلى الإيمان. إن المُلحِدَ مريض نفسيحيث يعاني من حالات القلق الدائم والنبذ الاجتماعي.واختتم إبراهيم أنه بوجود تلك العوامل يمكن في أي فترة من فترات عمر الملحد، أن يتحول للإيمان، حالما يصل لحالة من النضج الفكري تساعده على التوجه السليم ومعرفة الحق.