رئيس مجلس الإدارة

أ.د حسـام عقـل

شعبان القاص يكتب: عندما قال الملحد للورد يا أحمر الخدين

  • شعبان القاص
  • الأحد 26 يناير 2020, 4:39 مساءً
  • 1473
شعبان القاص

شعبان القاص

مسألة إرضاع الكبير في الإسلام نموذج للمثل البلدي الذي يُقال حين يعمد الخصم إلى أفضل ما في خصمه ويعتبره سبة وعارا،فيقال: "ملقيوش في الورد عيب قالوا له يا أحمر الخدين".

يستغل الملحدون جهل كثير من المسلمين بأصل المسألة، وسذاجة أحد علماء الأزهر حين أثار المسألة من جديد، ويصورون الأمر بخبث شديد كما لو كان الإسلام يطلب من النساء أن يمنحن الرجال صدورهن ليرضعوا منها!!

أصل المسألة هو ببساطة أن رجلاً من المسلمين تبنى ولداً صغيراً وقامت زوجته بتربيته، ولما بلغ الولد مرحلة المراهقة استشعر الرجل حرجاً من وجود هذا الولد في بيته مع زوجته، قرأت المرأة الغيرة البادية على وجه زوجها، رغم أن الولد لم يبدر منه ما يثير الشك، فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تستفتيه، فأمرها بأن ترضعه حتى يستشعر زوجها أنها فعلا أمه، أمه بالرضاع وليس بالتربية فقط، أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يعالج هذا الهاجس النفسي لدى الرجل، حتى لا يحرم هذا الولد من حنان أمه التي ربته، ففهم المسلمون أن تلك الفتوى خاصة بهذه الحالة فقط، والبعض أجازها في الحالات الإنسانية المماثلة، وتوسع البعض في الاستفادة من تلك الفتوى حتى تستطيع النساء الشعور بالأمان مع الشباب والرجال الذين تقتضي الضرورة التواجد معهم لفترات طويلة أو متكررة، وهذا هو المدخل الذي تورط بسببه أحد علماء الأزهر حين طالب بأن ترضع الموظفة زميلها!

المسلمون لديهم حساسية شديدة تجاه الاختلاط بخلاف المجتمعات الأخرى التي يسودها الانحلال، فأراد الرجل أن يستشعر الرجال بأن كل النساء اللاتي يعملن معهم بأنهن مثل شقيقاتهن فيسود بينهم جو من الطهر والعفاف ولكنه لم ينتبه أن الفتوى خاصة بحالة إنسانية معينة، ولم ينتبه إلى سفالة وانحطاط أعداء الإسلام وهم يتناولون المسألة، خاصة عندما يتطرق الحديث إلى كيفية الإرضاع، فتجاهلوا الهدف النبيل الذي كان يسعى إليه، وأشاعوا أهدافاً أخرى من وحي قذارتهم وانحلالهم، وطعنوا الإسلام ونبي الإسلام تماماً كما يقول المثل الدارج "ملقيوش في الورد عيب فقالوا له: يا أحمر الخدين"

والفائدة الوحيدة التي يمكن أن تعود علينا في الوقت الراهن من هذه الفتوى أنه حين تأخذ المرأة طفلاً صغيرأ يتيما لتربيه في بيتها ربما يجوز لها أن ترضعه حتى لو كان تجاوز سن الرضاعة بسنة أو سنتين وتخبره بذلك حين يكبر لتغرس في نفسه أنها مثل أمه الحقيقية وأن أولادها قد أصبحوا أشقاءه وشقيقاته، وربما يجوز للمرأة التي ليس لها أولاد أن تفعل ذلك مع الصغار الذين ترجو أن يترددوا عليها لما يكبروا بدافع الإنسانية فيزيد ذلك في نفوسهم الشعور بأمومتها لهم ويطرد أي شبهة قد يثيرها أحد من المجتمع المحيط، ذلك المجتمع الذي يؤمن بأنه يحرم بالرضاع ما يحرم بالدم والنسب، وهكذا يزيد الإسلام من روابط الرحم والرحمة.

تعليقات