أحمد الفولي يكتب: "مسلمو كشمير.. القصة الكاملة"

  • أحمد عبد الله
  • الأربعاء 15 يناير 2020, 11:35 مساءً
  • 1188
أرشيفية

أرشيفية

كشمير.. الموقع الجغرافي

تقع كشمير في أقصى الشمال الغربي لشبه قارة جنوب آسيا، وتتمتع بموقع استراتيجي بين آسيا الوسطى وجنوب آسيا، حيث تتقاسم الحدود مع كل من الهند، وباكستان، وأفغانستان، والصين تبلغ مساحتها 242000 كم و عدد سكانها 10 مليون نسمة حسب تقديرات عام 2000 و تبلغ نسبة المسلمين فيها حوالي 95% من عدد السكان.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بداية القصة

"وقد وصل الإسلام إلى كشمير مبكرا، وذلك في أواخر القرن الأول الهجري، وفتحها هشام بن عمرو التعلبي والي السند، في عهد أبي جعفر المنصور (136-158هـ)، وازداد انتشار الإسلام في عهد المعتصم (218-227هـ)، وتمكن –الإسلام- فيها في مستهل القرن الرابع عشر الميلادي، عندما وصلها داعية اسمه "بلبل. كتاب "حاضر العالم الإسلامي.. وقضاياه المعاضره" د. جميل عبد الله محمد المصري، ص408.

ومما سبق يتضح لك أن الإسلام وصل إلى "كشمير" في زمن (محمد بن القاسم الثقفي) الذي دخل السند ووصل إلى كشمير, وانتشر فيها بشكل كبير خلال القرن الرابع عشر الميلادي، حيث اعتنق رينجن شا -حاكم كشميري بوذي- الإسلام في (1320م) وأطلق على نفس اسم "صدر الدين"، وقد اعتنق الإسلام على يد سيد (بلال شاه) المعروف باسم (بلبل شاه)، وهو رحّالة مسلم من "تركستان الشرقية".

قويت شوكة الإسلام خلال حكم (شاه مير) (1338م -1344م) وقد انخرط العلماء في صفوف الجماهير لتبليغ دين الله، ومعظم هؤلاء العلماء قدموا من وسط آسيا، ورغم الجهود التي بذلها كل هؤلاء العلماء، إلا أنّ جهود سيد (علي الهمداني) المعروف باسم (شاه همدان) قد تميّزت عن غيرها, فقد ولد في منطقة (همدان) في (إيران) في سنة (1314م) واضطره غزو قوات (تيمور لنك) لوسط آسيا إلى الهجرة إلى (كشمير) التي خصها بثلاث زيارات في السنوات (1372م)، و(1379م) و(1383م) على التوالي برفقة (700) شخص من أتباعه، حيث وفق في نشر الإسلام بين الآلاف من الكشميريين..

وقد سلك ابنه سيد (محمد الهمداني) دربه وأقنع الحاكم المسلم آنذاك (سلطان إسكندر) (1389م-1413م) بتطبيق الشريعة، فقد تميّز الحاكم المسلم (سلطان زين العابدين بن إسكندر) (1420م-1470م) بتسامح كبير تجاه الهندوس، وفي نهاية القرن الخامس عشر الميلادي كان أغلبية سكان (كشمير) قد اعتنقوا الإسلام.

وفي القرن السادس عشر ضمها (جلال الدين أكبر) سنة (1587م) إلى دولة (المغول)، واستمر الحكم الإسلامي فيها قرابة خمسة قرون من (1320م) إلى (1819م)، ويعتبر هذا "العصر الذهبي" لتاريخ الولاية، لما تمتع به الشعب الكشميري من رفاهية وحرية وأمن وسلام تحت رعاية الحكام المسلمين. "قصة الإسلام" 4-12-2017

 

 

نموذج إسلامي جديد

وكما اتضح لك أيها القاريء الكريم، تكالب أعداء هذه الأمة على أي فكرة إسلامية ناجحة، خشية تكرارها أو تمددها، وذلك كما رأينا في أنموذج مملكة أراكان، أو إمارة تركستان الشرقية، فهو نفس ما حدث مع ولاية كشمير المسلمية.

"ولقد استفحل الإسلام على يد الداعية سيد علي الهمداني، الذي وصل –كشمير- عام 729هـ، من فارس، وصحبه في هجرته تلك أكثر من 700 داعيى مسلم، وأصبحت –كشمير- جزءا من الدولة الإسلامية الهندية منذ عام 740هـ/1399م". كتاب الدعوة الإسلامية – مسعود الندوي –ص329.

"ولما ضعفت دولة الهند الإسلامية  استطاع أن يسيطر السيخ على "كشمير" بزعامة المهراجا "رانجيت سنك"، وذلك عام 1224هـ/1809م،  وهزم الانجليز السيخ عام 1255هـ/1839م، وأبقوا عميلهم "كولاب سنغ الهندوكي" من أسرة "دوجرا"، اميراً على كشمير المسلمة، مقابل 750 مليون روبية ثمنا لولايته، دفعها للحاكم البريطاني لمدة مائة عام، على أن يعترف بالسيادة البريطانية مثلما حدث في سائر الإمارات" كتاب البلدان الإسلامية – أبو الأعلى المودودي – ص5

أول معركة بين المسلمين والهندوس

دارت أول معركة بين المسلمين والهندوس في 13-7-1931م، في مدينة سرينكر، وسقط فيها آلاف المسلمين بين قتيل وجريح، بمساعدة المستعمر الانجليزي "قضة كشمير" المودودي – ص8

 

خلفيات تاريخية

كشمير عبر العصور

شهدت كشمير فترات تاريخية متعددة كانت مليئة بالصراعات السياسية والفتن الطائفية خاصة بين البوذيين والبراهمة، وتعددت عوامل اشتعال هذه الصراعات ما بين دينية واجتماعية وسياسية، ثم حل هدوء نسبي من القرن التاسع إلى الثاني عشر الميلادي وازدهرت الثقافة الهندوسية بها. كما حكمها الإسلام قرابة خمسة قرون من 1320 إلى 1819 على ثلاث فترات هي:

- فترة حكم السلاطين المستقلين (1320 - 1586).

- فترة حكم المغول (1586 - 1753).

- فترة حكم الأفغان (1753 - 1819).

 

وبدءا من القرن الرابع عشر الميلادي حدثت فيها تغيرات جوهرية، فقد أسلم حاكمها البوذي رينشان وأسلم معه عدد غفير من الكشميريين، وعلى مدى خمسة قرون (1320 - 1819) انتشر الإسلام حتى أصبح أغلب سكان الولاية مسلمين. ونعمت البلاد بنوع من الاستقرار، وأثر مفهوم المساواة في الإسلام في خلق نوع من التعايش بين جميع الأقليات الدينية والعرقية. وازدهرت خلال هذه القرون العديد من الصناعات والحرف اليدوية كصناعة الغزل والنسيج.

 

حكم عائلة الدوغرا الهندوسية (1846 - 1947)

باع البريطانيون عام 1846 ولاية جامو وكشمير إلى عائلة الدوغرا التي كان يتزعمها غلاب سينغ بمبلغ 7.5 ملايين روبية بموجب اتفاقيتي لاهور وأمرتسار، واستطاع غلاب سينغ الاحتفاظ بسيطرته على الولاية وبقيت عائلته من بعده في الحكم حتى عام 1947.

بداية الصراع

أصدر البرلمان البريطاني في 17 يوليو/ تموز 1947 قانون استقلال الهند الذي أنهى الحكم البريطاني لها، وتم تنفيذ القرار في 15 أغسطس/ آب من العام نفسه. وأوعزت بريطانيا بعد انسحابها إلى تلك الإمارات التي كانت تحكمها في الهند بأن تنضم إما إلى الهند أو باكستان وفقا لرغبة سكانها مع الأخذ بعين الاعتبار التقسيمات الجغرافية في كل إمارة، وتكونت تبعا لذلك دولتا الهند وباكستان، غير أن ثلاث إمارات لم تتخذ قرارا بهذا الشأن هي حيدر آباد وجوناغاد وكشمير، ثم قرر حاكم إمارة جوناغاد المسلم أن ينضم إلى باكستان رغم وجود أغلبية هندوسية في الإمارة، وأمام معارضة هذه الأغلبية لقرار الحاكم دخلت القوات الهندية وأجرت استفتاء انتهى بانضمامها إلى الهند، وحدث الشيء نفسه في ولاية حيدر آباد حيث أراد حاكمها المسلم أن يظل مستقلا بإمارته ولم تقره الأغلبية الهندوسية في الولاية على هذا الاتجاه فتدخلت القوات الهندية في 13 سبتمبر/ أيلول 1948 مما جعلها ترضخ للانضمام إلى الهند.

أما كشمير فقد كان وضعها مختلفا عن الإمارتين السابقتين، فقد قرر حاكمها الهندوسي هاري سينغ -بعد أن فشل في أن يظل مستقلا- الانضمام إلى الهند متجاهلا رغبة الأغلبية المسلمة بالانضمام إلى باكستان ومتجاهلا القواعد البريطانية السابقة في التقسيم. وقد قبلت الهند انضمام كشمير إليها في حين رفضت انضمام الإمارتين السابقتين إلى باكستان بناء على رأي الحاكمين بهما، وخاف من رد فعل الأغلبية المسلمة في إمارته فعرض معاهدتين على كل من الهند وباكستان لإبقاء الأوضاع كما كانت عليه وللمحافظة على الاتصالات والإمدادات، فقبلت باكستان بالمعاهدة في حين رفضتها الهند ومن ثم راحت الأمور تتطور سريعا باتجاه الحرب.

حرب 47 - 1948

تطورت الأحداث بعد ذلك سريعاً، فاندلع قتال مسلح بين الكشميريين والقوات الهندية عام 1947 أسفر عن احتلال الهند لثلثي الولاية، ثم تدخلت الأمم المتحدة في النزاع وأصدر مجلس الأمن قرارا في 13/8/1948 ينص على وقف إطلاق النار وإجراء استفتاء لتقرير مصير الإقليم. وبدأ يسود المجتمع الدولي منذ ذلك الحين اقتناع بأن حل القضية الكشميرية يأتي عن طريق اقتسام الأرض بين الهند وباكستان، فاقترحت الأمم المتحدة أن تنضم الأجزاء التي بها أغلبية مسلمة وتشترك مع باكستان في حدود واحدة (تقدر بحوالي 1000 كم) لباكستان، وأن تنضم الأجزاء الأخرى ذات الغالبية الهندوسية ولها حدود مشتركة مع الهند (300 كم) للسيادة الهندية، لكن هذا القرار ظل حبرا على الورق ولم يجد طريقه للتنفيذ على أرض الواقع حتى الآن.

حرب 1965

عاد التوتر بين الجانبين، وحاول الرئيس الباكستاني دعم المقاتلين الكشميريين لكن الأحداث خرجت عن نطاق السيطرة وتتابعت بصورة درامية لتأخذ شكل قتال مسلح بين الجيشين النظاميين الهندي والباكستاني في سبتمبر/ أيلول 1965 على طول الحدود بينهما في لاهور وسيالكوت وكشمير وراجستان واستمر الصراع العسكري 17 يوما لم يتحقق فيه نصر حاسم لأي من الدولتين، وانتهت الجهود الدولية بعقد معاهدة وقف إطلاق النار بين الجانبين في الثالث والعشرين من الشهر نفسه.

مؤتمر طشقند 1966

كانت الحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأميركية على أشدها في منتصف الستينيات وخشيت موسكو من استغلال الاضطرابات الإقليمية في آسيا الوسطى لصالح المعسكر الغربي أو لصالح الصين التي لم تكن على وفاق متكامل معها آنذاك، فحاولت التدخل بقوة في الصراع الدائر بين الهند وباكستان بشأن كشمير ورتبت لمؤتمر مصالحة بينهما عقد في يناير/ كانون الثاني 1966 بطشقند، وبعد مفاوضات مضنية بينهما توصل الطرفان إلى تأجيل بحث ومناقشة قضية كشمير إلى وقت آخر، وبوفاة رئيس الوزراء الهندي شاستري المفاجئة إثر نوبة قلبية انتهى المؤتمر إلى الفشل.

حرب 1971

عاد القتال بين الجارتين ليتجدد مع مطلع السبعينيات إثر اتهامات باكستان للهند بدعم باكستان الشرقية (بنغلاديش) في محاولتها الانفصالية، وكان الميزان العسكري هذه المرة لصالح الهند الأمر الذي مكنها من تحقيق انتصارات عسكرية على الأرض غيرت من التفكير الإستراتيجي العسكري الباكستاني وأدخل البلدين في دوامة من سباق التسلح كان الإعلان عن امتلاك كل منهما للسلاح النووي أهم محطاته. وأسفر قتال 1971 عن انفصال باكستان الشرقية عن باكستان لتشكل جمهورية بنغلاديش.

اتفاقية شملا 1972

دخل البلدان في مفاوضات سلمية أسفرت عن توقيع اتفاقية أطلق عليها اتفاقية شِملا عام 1972، وتنص على اعتبار خط وقف إطلاق النار الموقع بين الجانبين في 17 ديسمبر/ كانون الأول 1971 هو خط هدنة بين الدولتين. وبموجب هذا الاتفاق احتفظت الهند ببعض الأراضي الباكستانية التي سيطرت عليها بعد حرب 1971 في كارغيل تيثوال وبونش في كشمير الحرة في حين احتفظت باكستان بالأراضي التي سيطرت عليها في منطقة تشامب في كشمير المحتلة. كشمير.. نصف قرن من الصراع – موقع الجزيرة

 

ليظل الصراع قائما بين مسلمي كشمير التي حكمها المسلمون لمئات السنين، وبين جيش الهند الذي يسرق ثروات الكشميريين ويطمس هويتهم.

تعليقات