دعاء شكري لـ"جداريات": أضفر حكاياتي من الوجع.. وأتمنى الكتابة عن واقع أجمل مستقبلا

  • جداريات 2
  • الثلاثاء 17 سبتمبر 2019, 8:32 مساءً
  • 2771
الكاتبة دعاء أحمد شكري

الكاتبة دعاء أحمد شكري

صاحبة "ندى العشاق":

الأدب رسالة سامية إذا تحول إلى "حرفة" أصبح سلعة 

أكتب الرومانسية في عصر "يابس".. والكاتب الذكي يمزجها بأحداث الواقع

أغلب النقاد يشلّون الخيال بما يسمى "المنطق" .. وكثير منهم لا يقرأ الأعمال

مناقشة النص قبل الطبع مغامرة أفادتني كثيرا لأنني اخترت ناقدا أمينا

كاتب الأطفال يجب أن يكون طفلا.. ويعقوب الشاروني أفضل كاتب في هذا المجال

 


دعاء أحمد شكري قاصة وكاتبة أطفال تسبح عكس التيار، فعلى الرغم من أن الكثير يعتبر أن هذا الواقع المعيش لم تعد تصلح له الكتابة الرومانسية كانت دعاء لها رأي آخر تتشبث به وتترجمه في أعمالها "بحر الحب، ندى العشاق، فأوحى لها" التي نالت عنها عددا من الجوائز، منها جائزة مسابقة الورداني ناصف، وجائزة من المسابقة الإبداعية للمهرجان الخامس للأدباء بقصور الثقافة 2013 ونشرت مختارات من هذه الأعمال في عدد من الصحف والمجلات مثل الأخبار المسائي والبلاد السعودية ومجلة قطر الندى، والفرسان.. ولها الآن تحت الطبع مجموعة قصصية كسرت بها ما درج عليه الوسط الثقافي وناقشتها قبل طبعها، وهو ما اعتبره النقاد مغامرة وجسارة من الكاتبة، حول هذه التجربة وحول مجمل أعمالها حاورت "جداريات" دعاء شكري وكانت السطور التالية:

متى بالضبط أدركت دعاء شكري حرفة الأدب؟

أولا: تحية طيبة لك ولأسرة "جداريات".

الأدب، الأدب رسالة سامية ووحى وهبة، وليس حرفة إلا لمن احترفه وعامل مؤلفاته على أنها سلعة ترويجية فقلل من قيمتها ليربح منها.

أكتب منذ صغرى منذ تعلمت تشبيك الحروف الأبجدية لتكوين كلمة ثم جملة ،أتنفس كتابة، فليكن السؤال إذن، متى أدركت موهبتى؟

أدركت أنى من الأدباء، منذ أول حدوتة، حكيتها لابنتى ونسجتها من بنات أفكاري

ومن الذي نمّى عندك الموهبة؟

الله، نعم الله، احتضننى فعوضنى عن غفلة والدىّ ومدرستى عن اكتشاف موهبتى

فجعلنى أبحث عن منفذ فاتجهت لقصور الثقافة ودون ميعاد التقيت بالشاعر أحمد زرزور، فى إحدى زيارته للقصر، وكان وقتها رئيس تحرير مجلة قطر الندى، وبدأت الرحلة الأدبية وكان قبطانها الشاعر أحمد زرزور، شجعنى على الكتابة ونشر لى قصصا وأول قصة بعنوان "أتمنى لو كنت" وأنقدتنى المجلة وقتها ستين جنيها، ثم دلنى الله على مركز الإبداع العربى ونشرت بمجلة الفرسان.

 انتفض نورسى الباحث عن التجديد والتغيير وربما نضجت طفلة بداخلى واتجهت للكتابة الرومانسية، والقضايا المحيطة بى صارت صرخات تدوى لتختزن بعقلى وتنفجر إبداعيا،

ثم طفت بسفينة طموحى الأدبية وسخر الله لى من رؤساء التحرير من أشادوا بموهبتى وبأمانتهم وشغفهم وحرصهم على إخراج الإبداع للنور تم النشر لى بعدة جرائد عربية رسمية.

ناقشت مؤخرا مجموعة قصصية قبل الطبع.. كيف تقيمين التجربة؟

فكرت فعليا كثيرا قبل اتخاذ هذه الخطوة، حتى تمت مناقشة المجموعة قبل الطبع وهى العمل الرابع لى، واعتبر البعض ومنهم الكاتب والناقد محمد رفيع مناقشة العمل قبل طبعه جسارة وثقة من الكاتب في نفسه.

وأنا أعتبرها مغامرة وسلاحا ذا حدين، إما أن تكون دفعة للكاتب أو شلل لفكره، ويعود ذلك لثقة الكاتب فى موهبته وفى كل كلمة نقدية وجهت له، وأؤكد أني استفدت جدا من النقد وسأكررها في أعمالي التالية، لأنى أحسنت اختيار الناقد الأمين، الأستاذ محمد أمين الذي قرأ المجموعة بدقة وإتقان وأكرمنى بنقاط توجيهية أفادتنى كثيرا، وهذا رائع، لتجنب الأخطاء قبل الطبع، رغم أننى لا أؤمن بكمال العمل الأدبى مهما بلغ إبداعه، فالكمال لله وحده.

 لماذا تطغى الرومانسية على كتاباتك؟

أشكرك على هذا السؤال، فهو فرصة لأفجر تمردا بداخلى، أتعجب من النقاد الذين يقللون من قيمة الأعمال الرومانسية، إننا عبارة عن كتلة أحاسيس ومشاعر، فكيف يقللون من الحب وهو أعظم القضايا وهو السلام والسعادة والنفس والحياة، الحب استقرار كل العلاقات ولكن من ذكاء الكاتب أن يضفر الرومانسية مع قضايا وأحداث هامة.

وأعود لإجابة مباشرة.. تطغى الرومانسية على كتاباتى، لأنى بصفة شخصية أعتبر الرومانسية هى الطبيعة الخلابة والنفس هى أساس الحياة، ولا أحب قراءة الروايات الجافة.

وهل ما زالت الكتابة الرومانسية تصلح مع هذا الواقع؟

وماذا يصلح لليابس إلا الماء؟ عصر جاف، سريع، آلى ، طغت عليه الحروب والدماء والقحط والتكنولوجيا، وإنتاج فنى هابط.. فبالله عليك ألسنا بحاجة لترقيق القلوب وإعادة النبض ..الرومانسية هواء وأنفاس وحياة، فهل لضروريات الحياة وقت؟

ما الذي يجب أن يتوفر في كاتب الأطفال؟

الذكاء، واللغة السلسة الصحيحة، الطفل أذكى البشر، فلابد أن يكون الكاتب طفلا، لا تتعجب، كاتب بداخله طفل يحلق وينطلق ويتخيل، طفل يكتب ويشعر بالطفل، ويتعاطف مع شخصياته، حينها فقط يستطيع الوصول إلى أذكى عقل فى الوجود، ذكاء عفوى، فطرى.

ومن أين تضفرين حكاياتك؟

 إذا كنت تقصد حكاياتى للطفل، فهى من طفلة مشاغبة، متمردة، محلقة، خيالية، تحاكى طفل مثلها.

أما إن كنت تقصد قصصى التى نضجت وصارت تسامر المجتمع بكامله فهى من الوجع، الألم والوجع هما الرحم الخصب لروح الكاتب، هو مخزون مضفر بالواقع.. يضغط على مشكلة القارئ، يواجهه، يكشفه، يتحاور معه، يفتح الجرح لعله يعرف سبب علته ويطببها.

هناك من يعتبر أدب الأطفال من النوع الخفيف في الكتابة؟

خفيف بمعنى؟

إن كنت تقصد أنه سهل، فلا يوجد فى الأدب ما هو سهل كل حرف يكتب لا بد أن يكون صائبا، مفيدا، ينبض بأوجاعنا وقضاينا وأمنياتنا وأحلامنا، ويثري أملنا وسبب لبسمتنا وسعادتنا وإن لزم الأمر يبكينا ويحرك مشاعرنا.

من الكاتب الذي قرأت له دعاء أحمد شكري في أدب الأطفال.. وتمنت الكتابة مثله؟

يعقوب الشارونى، أفضل كاتب بروح طفل كتب للطفل، لا أحب كلمة أكتب مثله، فلكل كاتب بصمته ورؤيته وتميزه بإحساسه وإيمانه بما يكتب ولم يكتب ولمن يكتب.

لماذا كتاب الأطفال قلائل.. هل لعدم وجود جوائز سخية في أدب الأطفال أم هو ظلم واقع عليهم.. كيف ترى دعاء شكري الأمر؟

 أسئلتك تثير قضايا لا يكفيها مجلدات، كم سأل الأدباء المغمورون أنفسهم هذا السؤال، ولا يجدون إجابة فواستهم تنهيداتهم العميقة.

 لماذا؟ ربما لم يجد من يقدره كما فعلت إحدى الدول بكاتبها هانس أندرسن وهو أشهر كاتب عالمى، اختير يوم ميلاده ليكون يوما عالميا للطفل.

أحزننى كلمة القلائل من الكتاب للطفل، ليسوا بالقلائل ولكنهم مغمورون أين هم من الكتاب القلائل الذين اشتهروا وأشهرهم كامل الكيلانى الذى أطلق عليه النقاد "رائد أدب الطفل" وترجمت قصصه، ولن أنسى يعقوب الشارونى الذي حصل على عدة جوائز فى كتابة الطفل.

يعود سؤالك حائرا يرن فى أذنى، يلح لأجيب.. الكتاب المعاصرون أهم مظلومون أم غير مشهورين؟ أتنهد بعمق شديد، وأجيبك من وجهة نظرى من واقع ما شاهدته وعاصرته فى ساحة أدب الطفل وربما هو سبب، رغم عدد الكتب والسلاسل المخصصة للطفل إلا أنها خالية من الخيال الذى يجذب ويعانق روح الطفل، لابد أن يشعر الطفل أنه مشارك مع الكاتب فى العمل ويحلق بين السطور وبعد كل ما ذكرته لك في هذا الأمر أقول: "الإجابة لم تكتمل".

ما أكثر شخصية طفل كتبتها دعاء أحمد شكري وتعايشها في حياتها؟

الطفلة دعاء، كتبتها حين كتبت قصة "أتمنى لو كنت" حقا اسم بطلة القصة "ندى"، اقتبسته من اسم ابنتى، لكن الطفلة كانت أنا، طفلة بريئة، متمردة، حرة، تتمنى أن تكون محلقة بروضة سماء صافية لا عراقيل فيها، ولكنها تعثرت بعدة مشاكل حين ظهرت لها ملكة الأمنيات وحققتها لها، فتماهت ندى مع الطفلة دعاء التى ترى الأشياء بصورة وردية، تجعلها تظن أن أمنياتها بالمدينة الفاضلة، المفعمة بالحب والتسامح والتعاون ، حلم سهل أن يتحقق، وحين تلمس الواقع تجد العثرات.

كيف ترى دعاء أحمد شكري تعاطى النقد مع الأدباء عموما وأدبها خصوصا؟

أرى أن قليل القليل من النقاد يقرأ العمل بتأنٍ إن قرأه كاملا، فأغلبهم يغلق الكتاب طالما الأسلوب لا يروقه، ولا يتفق مع ذوقه الشخصى، ولكن هناك نقاد أمناء يقرأون العمل برؤية موضوعية، ينقد عن أسس فنية وتقنيات أساسية.

ما استغرب له جدا، أغلب النقاد، ينادون بحرية الإبداع وعدم خنقه وهم أول من يخنقون النصوص، ولا يحلقون مع خيال الكاتب وتعدد الرمزية، أتعجب حين يشلّون خيالهم بجور اسمه المنطق ومستحيل أن يحدث هذا؟

المنطق يكون فى تركيب الجملة وترتيب الحدث، أتعجب لتعجبهم من قصة قد حدثت ويحدث أعجب منها، لا عجب من واقع أعجب من العجب، فلم التعجب؟

ما الذي تتمنى أن تكتبه دعاء شكري مستقبلا؟

عالم مختلف لم ولن يكتبه أحد، أتمنى أكتب واقعا أجمل.

 

تعليقات